الأزمات تحاصر كبار الأندية التونسية فهل من منقذ

يسود الرياضة التونسية تخبط وعشوائية كبيران على جميع المستويات، وما تدهور نتائج المنتخب الأول والأندية في المسابقات القارية إلا نتيجة حتمية للتراجع المريب الذي ضرب الهياكل الرياضة في السنوات الأخيرة. وتواجه كل الأطراف المسؤولة التحدي الأصعب من أجل إعادة إشعاع تونس القاري والإقليمي.
تونس - تعيش الرياضة التونسية في السنوات الأخيرة على وقع تراجع مريب ومخيف شمل كل المنتخبات والأندية. الهزيمة المذلة التي مني بها الترجي الرياضي التونسي أمام فريق بيراميذز المصري ضمن منافسات دوري الأبطال والخروج المر للنادي الرياضي الصفاقسي من سباق كأس الكونفدرالية أكبر دليل على ما وصلت إليه سمعة الرياضة التونسية.
وتعد كرة القدم المرآة الحقيقية للرياضة التونسية وتتويجاتها تؤكد أن تونس في أحسن حالاتها، إلا أن فشلها يؤكد أنها مريضة ولا بد من مراجعة السياسة الرياضية والسقوط الذي عرفه المنتخب الوطني في النسخة الحالية من كأس أمم أفريقيا كوت ديفوار 2024 زاد في تأكيد الواقع الكروي في تونس والذي تحدث عنه الجميع قائلين إنه لم يعد في أفضل حالاته ولا بد من مراجعة الواقع حتى تعود الكرة التونسية إلى المراكز الأولى قاريا.
أسباب التردي
بالعودة إلى أسباب تردي الواقع الحالي يتفق الجميع على أن الأزمات التي تمر بها تونس حاليا وسابقا أثرت كثيرا على المردود الجماعي لكل الهياكل الرياضية إضافة إلى ضعف البنية التحتية، كما فرض غياب الدعم السابق صعوبات مادية لكافة الأندية ما جعلها تبتعد عن التكوين وهو ما أنهي تقريبا صعود المواهب الكروية محليا. ولا تخفى عن أحد أن الصراعات الكبيرة والبحث عن التموقع رغم غياب الكفاءات أضرا كثيرا بالكرة التونسية التي ابتعدت عن سياسة واضحة وإستراتيجية علمية فيما زاد ضعف البطولة التونسية في متاعب المنتخب الوطني الذي دفع الضريبة غاليا في النسخة الأخيرة من “الكان” وأثبت بشكل كبير التخبط الذي تعيشه الرياضة التونسية.
عبّرت فئة من الجماهير الناشطة على وسائل التواصل الاجتماعي عن آرائها حول مستوى البنية التحتية وسوء الملاعب في بطولة الدوري التونسي الممتاز.
وتفاعل العديد من الجماهير الجزائرية والجنوب أفريقية والفرنسية مع المباريات في تونس خلال الفترة الأخيرة، وبالأخص بمناسبة مباراة النادي الصفاقسي والترجي، التي أقيمت في الجولة 13 من بطولة الدوري التونسي.
أمام هذا الوضع الكارثي لا بد من ضرورة تدخل الأطراف الفاعلة في كل المؤسسات التونسية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وإعادة هيبة تونس
حظيت المباراة بنسبة متابعة كبيرة في عدة بلدان أخرى، حيث يضم الفريقان عددا من اللاعبين الدوليين المحترفين، من بينهم الجنوب أفريقي إلياس موكوانا والثنائي الجزائري يوسف بلايلي ومحمد أمين توغاي. وعبر العديد من المتفاعلين على موقع التواصل الاجتماعي إكس عن استيائهم من مستوى الملاعب في تونس، مشيرين إلى أنه ضعيف للغاية. واعتبروا أن شكل الملاعب أو أرضية الملعب والصورة التلفزيونية تعطي انطباعا سيئا.
أمام هذا الوضع الكارثي لا بد من ضرورة تدخل الأطراف الفاعلة في كل المؤسسات التونسية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وإعادة هيبة تونس ورفع رايتها عاليا في كل المحافل الكروية والرياضية للالتحاق بركب جيرانها في الجزائر والمغرب وليبيا في مجال تطوير البنية التحتية الرياضية. واعتبر المتابعون أن من غير المنطقي أن يلعب لاعبون محترفون مثل موكونا في مثل هذه الظروف، متسائلين “كيف يمكن أن يتأقلم اللاعبون مع ملاعب كهذه في دوري الدرجة الأولى التونسية؟”
وتعاني كرة القدم التونسية من تردي البنية التحتية الرياضية، حيث تمتلك البلاد ملعبا واحدا مؤهلا لاستضافة المباريات الرياضية على المستوى القاري، وهو ملعب حمادي العقربي برادس الذي يستضيف جميع المباريات الكروية للمنتخبات الوطنية التونسية وكل الفرق التي تشارك في المسابقات القارية، حتى تلك التي تأتي من خارج العاصمة، كالنادي الصفاقسي والنجم الساحلي والاتحاد المنستيري.
ويعدّ ملف اللاعبين الأجانب من أكثر الأسباب التي عمقت أزمات الأندية في تونس، إذ مع تراجع الإيرادات وتفاقم الصعوبات المالية بسبب الأوضاع العامة في البلاد، عجزت جلّ الأندية عن دفع رواتب لاعبيها الأجانب لينتهي الأمر في أغلب الحالات بين أروقة فيفا بعد رفع اللاعبين الأجانب شكاوى للحصول على مستحقاتهم.
كرة القدم التونسية تعاني من تردي البنية التحتية الرياضية، حيث تمتلك البلاد ملعبا واحدا مؤهلا لاستضافة المباريات الرياضية على المستوى القاري
وعاد الجدل في أوساط كرة القدم بتونس حول قانون اللاعبين الأجانب المحترفين بأندية الدوري المحلي وذلك مع اقتراب مشاركة نادي الترجي في النسخة المقبلة من كأس العالم للأندية المقررة بالولايات المتحدة.
وقبل انعقاد الجمعية العمومية غير العادية للاتحاد التونسي لكرة القدم، مطلع عام 2025، أثار عدد من نوادي الدوري الممتاز ملف العدد الأقصى للاعبين الأجانب الذين يمكن التعاقد معهم والذين يتم إشراكهم في وقت واحد بالمباراة.
صحيح أن الجميع يتحدثون عن الفشل وينطلقون في البحث عن الحلول من إمكانية أن تكون “ترقيعية” لا تسمن ولا تغني من جوع خاصة أن العارفين بخفايا الرياضات الجماعية يتفقون بقوة في عناوين الفشل ويحددونها بشكل واضح، إلا أنهم لا يريدون الصدع بها وإعلانها رسميا بما أنها ستضع الجميع في قفص الاتهام وتؤكد أنهم سبب تدهور رياضاتنا وحصد الخيبات المتتالية في السنوات القليلة الماضية بعد أن كانت الرياضات الجماعية التونسية تسطير على الأخضر واليابس قاريا وإقليميا.
باب الترشح
وفي سياق متصل أُغلق الأحد باب الترشح لانتخابات مجلس إدارة الاتحاد التونسي لكرة القدم، بعد ترشح ثلاث قوائم، كان آخرها قائمة محمود الهمامي. قائمة محمود الهمامي ضمت كلا من: كريم حقي في منصب نائب الرئيس، وخالد بدرة، ونجوى البجاوي، وعصام الحمزاوي، وشريهان العربي، ومحمد صالح، ونوفل عبيشو، وعبدالعزيز العايب، وهيثم الغلابي، وأنيس الباجي، ومحمد بوسمة، للعضوية.
وكان معز الناصري، رئيس لجنة الاستئناف السابق في الاتحاد، أول المترشحين على رأس قائمته، التي ضمت أسماء بارزة، مثل حسين جنيح، المدير السابق للمنتخبات في الاتحاد التونسي. هذا إضافة إلى وسام لطيف، المرشح السابق لرئاسة الاتحاد في العام الماضي، ومعز المستيري والمنوبي الطرودي. كما أودع جلال تقية أوراق ترشحه، وهي المرة الثالثة التي يترشح فيها لرئاسة الاتحاد التونسي، بعد ترشحه مرتين في العام الماضي، قبل إلغاء الانتخابات بسبب الطعون ضد المرشحين.