تل أبيب توثّق العلاقة مع الخرطوم من بوابة التعاون الأمني والاستخباري

الخرطوم – كشفت إسرائيل الثلاثاء، عن زيارة أجراها وزير مخابراتها إيلي كوهين الاثنين إلى الخرطوم على رأس وفد كبير، بعد أسابيع من موافقة السودان على تطبيع العلاقات.
وتشكل زيارة كوهين الأولى لوزير إسرائيلي إلى السودان، وقد حظيت بمتابعة إعلامية إسرائيلية، في مقابل ذلك تمّ تجاهلها من طرف الإعلام الحكومي السوداني.
ويرى مراقبون أن السلطة الانتقالية السودانية تتجنب التطرق أو الإصداح بأي تطورات حيال ملف التطبيع، حيث ترى بأن ذلك مثار حرج لها أمام الرأي العام السوداني، في ظل وجود أطراف داخلية تحاول استغلال الوضع لزيادة حجم الضغوط عليها.
في المقابل، فإن السلطة القائمة تحاول قدر الإمكان الاستفادة من هذه العلاقة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وقالت وزارة المخابرات الإسرائيلية في بيان “إن أعضاء الوفد التقوا برئيس الدولة الفريق أول عبدالفتاح البرهان ووزير الدفاع ياسين إبراهيم، وأجروا محادثات حول القضايا الدبلوماسية والأمنية والاقتصادية”.
وأوضح البيان “تم توقيع أول مذكرة على الإطلاق بشأن هذه المواضيع بين وزير الدفاع السوداني وكوهين”. وناقش الجانبان أيضا “تعميق التعاون الاستخباراتي”.
وأضافت الوزارة أن “السلطات السودانية أطلعت الوفد الإسرائيلي على التقدم الذي أحرزته في إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل، وتعديل قانون ينص على سجن السودانيين الذين لجأوا إلى إسرائيل وعادوا أدراجهم إلى السودان”.
وتركز إسرائيل في تعاونها مع السودان على الجوانب العسكرية والأمنية، وتحاول تطوير التنسيق على قاعدة التطبيع الجديد، باعتبارها من المفاصل الحيوية في العلاقات الإقليمية والدولية حاليا، في ظل كثافة النزاعات والصراعات في المنطقة.
وتريد إسرائيل الحصول على دعم الخرطوم في الانضمام إلى منتدى الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر، كمدخل لتعاون إقليمي موسع، يستطيع مجابهة التحديات التي تمثلها إيران في المنطقة.
ويعتقد السودان أن توطيد التعاون مع إسرائيل في هذه المرحلة يمنحه ثقة كبيرة في خلافه مع إثيوبيا، سواء الحدودي أو بشأن سد النهضة، في ظل العلاقات التاريخية التي تربط أديس أبابا وتل أبيب، وهو ما يفسر الجرأة الكبيرة التي تتصرف بها الخرطوم مع إثيوبيا، كأنها وجدت لها شبكة أمان تجنبها التعرض إلى ضغوط، أو تعيد سيناريوهات التطويق السابقة التي وظفت أزمات السودان في ممارسة ضغوط قاسية عليها خلال فترة حكم عمر حسن البشير.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة أفريقيا الدولية في الخرطوم، محمد خليفة صديق، إن تخلي التطبيع عن الجوانب السرية ودخوله مراحل علنية، يعني أن السودان حسم أمره مع إسرائيل، ووجد فيها جهة يمكن أن يركن إليها لمساعدته في تجاوز بعض الأزمات الإقليمية، وعلى استعداد لدفع ثمن طالما أن مصالحه تقتضي الذهاب بعيدا، مؤكدا أن حلقات التطبيع بدأت تكتمل ولا تنتظر سوى التوقيع الرسمي.
وأضاف لـ”العرب”، أن هناك دلالة تنطوي عليها زيارات المسؤولين في إسرائيل، حيث تأتي مباشرة للمكون العسكري وليس للحكومة برمتها، وهو ما يعني الرغبة الإسرائيلية في التركيز على مؤسسة الجيش بشكل أساسي، وإذا حدث تغيير في السودان وسط الارتباكات وتردي الأوضاع الراهنة، تبقى هذه المؤسسة هي الضامن لمصالحها، لأنها لن تتأثر بأي تحول داخلي.
ووافق السودان في أكتوبر على تطبيع العلاقات مع إسرائيل وزار وفد إسرائيلي الخرطوم في الشهر التالي. وفي السادس من يناير، وقع السودان مع الولايات المتحدة “اتفاقات أبراهام” التي وافقت بموجبها الخرطوم على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.
وبتوقيع اتفاق التطبيع، أصبح السودان رابع دولة عربية، بعد الإمارات والبحرين والمغرب، توقع “اتفاقات أبراهيم”. ووقعت الخرطوم الاتفاقات بعد أقل من شهر من قيام واشنطن بإزالتها من القائمة السوداء “للدول الراعية للإرهاب”.
وقال كوهين إن زيارته للخرطوم “أرست الأسس للعديد من أوجه التعاون المهمة التي ستساعد إسرائيل والسودان، وتعزز الاستقرار الإقليمي، وتعمق علاقاتنا مع أفريقيا، وتؤدي إلى المزيد من الاتفاقيات مع دول المنطقة”.