تكليف حسام بقيادة "الفراعنة" استدعاء رياضي لغرض سياسي

اتحاد الكرة المصري يفقد صلاحياته على وقع تكرار أزمات المنتخب.
الجمعة 2024/02/09
مهمة صعبة

القاهرة - عكست الطريقة التي تم بها اختيار حسام حسن ليكون مديرا فنيا لمنتخب مصر المعروف بـ”الفراعنة”، أن اتحاد الكرة بات كيانا هشا في نظر القائمين على شؤون الرياضة، وأن هناك أطرافا أخرى ترسم مستقبل اللعبة.

وشهد ملف اختيار المدرب الجديد لمنتخب مصر تغيرا مفاجئا بعد إعلان اتحاد كرة القدم تعيين حسن خلفا للمدرب البرتغالي روي فيتوريا، عقب وداع المنتخب بطولة كأس الأمم الأفريقية المقامة في كوت ديفوار من دور ثمن النهائي.

وبينما اتجهت النية داخل الاتحاد لتعيين مدير فني أجنبي جديد بحجة أن المحلي ليس مناسبا حاليا، تحركت الحكومة في مسار مغاير، وعقد وزير الرياضة أشرف صبحي اجتماعا عاجلا مع حسام حسن لمناقشته في مسألة تدريب المنتخب، وهو ما وافق عليه الأخير سريعا، وتم إعلان القرار من خلال اتحاد الكرة.

كان وزير الرياضة يميل لعدم الاعتماد على مدرب محلي، وراج اقتناعه بالبرتغالي، المدرب السابق البرتغالي كارلوس كيروش لقيادة منتخب مصر، باعتباره نجح مع الفراعنة في الوصول إلى نهائي النسخة الماضية من بطولة كأس الأمم الأفريقية.

غاب عن اتحاد اللعبة أنه محكوم سياسيا باسم مدرب وطني، استجابة لتوجيهات سابقة للرئيس عبدالفتاح السيسي الذي طالب في إحدى الفعاليات الشبابية بالاستغناء عن المدربين الأجانب، ومنح الفرصة لأصحاب الخبرات المحلية، حيث أثبتت التجربة إخفاق الفراعنة في تحقيق بطولات كروية السنوات الماضية مع مدربين حملوا جنسيات أجنبية، في حين حصد المصري حسن شحاتة ثلاث بطولات متتالية.

وأظهر الاختيار المفاجئ لحسام حسن لقيادة منتخب مصر أن دوائر حكومية تدخلت في اللحظات الأخيرة لتحديد مصير المدرب الجديد بعيدا عن اتحاد الكرة الذي بدا تائها في إصراره على المدرب الأجنبي، وهو نفس الأمر بالنسبة لوزارة الرياضة، ما أثار غضبا جماهيريا، وجعل الانتقادات الشعبية تتجه نحو الحكومة مباشرة.

إعادة هيكلة

◙ غاب عن اتحاد اللعبة أنه محكوم سياسيا باسم مدرب وطني
◙ غاب عن اتحاد اللعبة أنه محكوم سياسيا باسم مدرب وطني

وتدرك دوائر رسمية في مصر أنه في ظل استمرار السخط على الحكومة في إدارة الملف الرياضي، يجب تدخل جهات عليا لوقف تخبط اتحاد الكرة وتباعد المسافات بينه وبين وزارة الرياضة، لأن الملف”شعبوي”، وقد يجلب منغصات سياسية صعبة. وتتعامل بعض المؤسسات الرسمية عادة مع التفاف الناس خلف المنتخب بمنزلة التأييد السياسي للنظام، مثل الكثير من الأنظمة في العالم التي  تستثمر الرياضة لأسباب سياسية.

ترتبط خسارة الحكومة في هذا التوقيت بأن الشارع بدأ يحاسبها عن إخفاقات الفراعنة، وأنها تتفنن في إحباط الناس وتتراخى في فعل كل ما يسعدهم بالتزامن مع تأزم الأوضاع الاقتصادية، ما جعلها تتدخل لترضية الناس بالاعتماد على مدرب وطني طُرح اسمه كثيرا عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل مع الفشل المتكرر للأجانب.

تحركت جهات عليا لغلق ثغرة ترتبط بتراجع علاقة الجمهور بالمنتخب وفقدان الأمل في تحقيق نجاحات مستقبلية، وسط ارتباك واضح في إدارة الكرة، وتكرار تغيير المدربين وانتقائهم بشكل بدا عشوائيا. وظهر اتحاد الكرة كأنه لا يملك من الأمر شيئا، إذ أعلن منح حسام حسن الصلاحيات كاملة في اختيار الفريق المعاون له ولم يفرض عليه أسماء بعينها، وأخذ “الجمل بما حمل”، وهي طريقة غير معتادة على اتحاد أجبر المدربين على ضم أسماء محددة.

◙ الطريقة التي تم بها اختيار حسام حسن ليكون مديرا فنيا للمنتخب المصري عكست أن اتحاد الكرة بات كيانا هشا

قال الناقد الرياضي عبدالمنعم فهمي إن منتخب الفراعنة بحاجة لإعادة هيكلة في كثير من النواحي الإدارية والتخطيطية، وعدم تدخل أي طرف خارجي، فنجاح المدرب المحلي يتطلب ابتعاد أصحاب المصالح وتوفير كل احتياجاته، لأن الجمهور ضاق من الطريقة التي تدار بها أمور اللعبة الشعبية الأولى في مصر.

وأضاف لـ”العرب” أن تجارب مصر مع المدرب المحلي إيجابية، ويمتلك قدرة على النجاح عندما تتوفر إرادة لدى المنظومة الرياضية، وحسام حسن له تاريخ كبير، والمسؤولية ثقيلة والمطلوب منه كثير، والتحديات ستزول عندما يجد الدعم القوي، وعدم التدخل في صلاحياته، والابتعاد عن المواءمات لترضية الجمهور فقط. يقول نقاد آخرون إن اختيار حسام حسن الذي تم بعيدا عن اتحاد الكرة قد يكون مقدمة لتفجير أزمات بين أعضاء الاتحاد والجهاز الفني للمنتخب، وإخفاقه في مهمته سيتم تصويره على أنه رد اعتبار لاتحاد اللعبة، الذي يكن راغبا في تعيين مدرب محلي.

وإذا نجح حسام حسن سيتحول ذلك إلى إضافة لاتحاد الكرة أيضا، فانتصارات المدرب الجديد ستكون أيضا انتصارا للاتحاد الذي استجاب لرغبات الجمهور، وهي حقيقة يدركها حسن لأنه ليس بعيدا عن كواليس اختياره. ويواجه المدير الفني الجديد لمنتخب الفراعنة تحديات بالغة، على رأسها النجاح في التخلي عن عصبيته، وعدم انعكاسها على تعامله مع اللاعبين والإداريين والفرق الأخرى، وتحاشي خروجه عن النصوص الرياضية.

يرتبط التحدي الأكبر بقدرته على تحقيق انتصار سياسي للنظام بعد أن اصطدم بخروج المنتخب من كأس الأمم الأفريقية مبكرا، ما ضاعف من تعكير مزاج الشارع الذي يسوده إحباط جراء الأزمات المعيشية المتراكمة، في حين رغبت السلطة في نقطة مضيئة شعبيا إذا حصد الفراعنة هذه البطولة.

انتقادات حادة

◙ سخط كبير
◙ سخط كبير 

ولا يخلو الاهتمام الزائد من جانب مجلس النواب بسقطات اتحاد الكرة على خلفية الإخفاق من محاولة لاستمرار الزخم الشعبي بسبب الشعور بأن هناك غضبا جماهيريا لسوء الأداء المخيب للآمال، والحديث عن إهدار المال العام في عقد المدرب المقال فيتوريا وحصوله على راتب شهري بلغ مئتي ألف يورو في بلد يعاني من شح العملة.

الخوف أن يُخفق حسام حسن في التعامل مع نجوم المنتخب، وخصوصا قائده محمد صلاح نجم فريق ليفربول الإنجليزي، فالمدرب لديه أسلوب شخصي قائم على العلاقة الأبوية يعتمده في التعامل مع اللاعبين، وهي طريقة قد تصلح مع لاعبين محليين لكن قد تضعه في صدام مع نجم كبير مثل صلاح.

◙ الخوف أن يُخفق حسام حسن في التعامل مع نجوم المنتخب، وخصوصا قائده محمد صلاح نجم فريق ليفربول الإنجليزي

ووجه حسام حسن انتقادات حادة لصلاح عقب قرار الأخير ترك معسكر المنتخب في بطولة أمم أفريقيا بعد إصابته والعودة إلى إنجلترا لاستكمال علاجه بشد في العضلة الخلفية، وقال وقتها “لو كنت على رأس القيادة الفنية للمنتخب وطلب صلاح السفر للعلاج سأوافق، لكن لن أسمح بعودته مرة أخرى”.

عقب تولي حسام مهمة تدريب المنتخب واستعانته بشقيقه وتوأمه إبراهيم حسن ليكون مديرا إداريا للمنتخب، انتشر فيديو قديم للأخير وهو يبدي رغبته في عدم تخطي صلاح الأهداف الدولية لحسام حسن، حيث اقترب نجم ليفربول من تحطيم الرقم القياسي المسجل باسم حسام الهداف التاريخي لمنتخب مصر، وينقصه 12 هدفا، للوصول إلى الرقم القياسي المسجل بـ68 هدفا.

ما يطمئن دوائر المنظومة الرياضية الرسمية والجمهور أن حسام حسن يأمل في تكرار تجربة الراحل محمود الجوهري المدير الفني التاريخي للمنتخب، والذي كان أقرب اللاعبين إليه وصناعة إنجاز كبير يضاهي ما حققه المعلم حسن شحاتة، ما يفسر إعلان حسام السفر للقاء اللاعبين المحترفين في أنديتهم، ما يمهد لغلق أزمة محتملة مع محمد صلاح نجم المنتخب المصري.

17