تكريم فرنسا لأمين معلوف يرفع معنويات اللبنانيين

باريس – من بين ركام لبنان المالي والاقتصادي سطع نور ثقافي تمسك بأهدابه اللبنانيون وتعلقوا بوسام رفيع وضعه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على صدر الكاتب اللبناني أمين معلوف.
فقد حاز الكاتب والروائي اللبناني الفرنسي أمين معلوف على وسام فرنسي رفعه إلى رتبة ضابط كبير في احتفال جرى في قصر الإليزيه.
وعلى وقع تصفيق حار، علق ماكرون الوسام على صدر معلوف، وهو عبارة عن نجمة بست زوايا تشبه الصليب المالطي مرقطة باللون الأزرق ومعلقة في إكليل فضي.
وتم استحداث هذا الوسام الشرفي عام 1963 لمكافأة أصحاب الجدارة والتميز وأولئك الذين يمثلون الروح المدنية للدولة الفرنسية، وهو التكريم الثاني لمعلوف في فرنسا التي يحمل جنسيتها.
وكانت الأكاديمية الفرنسية منحت معلوف في 2012 شرف العضوية في المؤسسة الأدبية التي تضم حوالي 40 عضوا.
وشغل معلوف في الأكاديمية مقعد عالم الأنثروبولوجيا الراحل، كلود ليفي ستراوس، الذي توفي سنة 2009.
واحتفى اللبنانيون بفيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ويظهر فيه معلوف مكرما من قبل ماكرون، حيث علق سياسيون وصحافيون وناشطون على أهمية تكريم الإبداع اللبناني.
واعتبر نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي “إن التكريم الذي حظي به الأديب والكاتب اللبناني أمين معلوف، هو وسام على صدر لبنان، استحقه صاحبه، الذي حلق في فضاءات الإبداع، وحقق لنفسه ولوطنه الأم، مكانا ومكانة متقدمة في الأدب العالمي، بإبداعاته وحضوره البارز في المشهد الثقافي”.
ولفت القصيفي إلى أنه “قامة وهامة لبنانية، نفخر بها ونعتز، ومعلوف صحافي وأديب، ابن صحافي وأديب وشاعر هو رشدي معلوف، الذي ترك بصمة لا تُمحى، في تاريخ الصحافة اللبنانية المعاصر”.
وكتب الشاعر والناقد والصحافي اللبناني عقل العويط في صحيفة النهار اللبنانية، الاثنين، قائلا “نجمة معنوية تتراقص فجأة فوق غيمة متعالية، لتنحني على شجرة أرز. فجأة ترتفع يد سمحاء نظيفة ومزغردة. فجأة ترتسم علامة زرقاء خضراء”.
واعتبر العويط “أن تكريم أمين معلوف يجسد في توقيته الخطير جوهر المسألة اللبنانية رمزيا ودلاليا، ويمثل الإشارة المنتفضة، بل الثورية، للبنان التواق لاستعادة حقيقته وكرامته ومصيره، وللإمساك بزمامها. ومن حيث لا يتوقع أحد. وإذ يجيئنا هذا التعبير الفواح من باريس، يعز علينا أن يكون لبنان السياسي المافيوي المسروق”.
تكريم الكاتب والمفكر اللبناني أمين معلوف من قبل الرئيس الفرنسي هو اعتراف بقامة أدبية وفكرية عربية وعالمية
ولد الكاتب والصحافي أمين معلوف في لبنان عام 1949 وغادر بيروت إلى فرنسا في بداية الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1975 وانتهت عام 1990. درس الاقتصاد والعلوم الاجتماعية واشتغل في الصحافة قبل أن يترك البلاد مع بداية الحرب.
ومنذ ثمانينات القرن الماضي تفرغ للأدب وأصدر كتاب “الحروب الصليبية كما رآها العرب” عام 1984، الذي لاقى رواجا كبيرا وتمت ترجمته إلى لغات عدة. ودأب معلوف في سن مبكرة على كتابة رواياته بالفرنسية التي تمت ترجمتها إلى لغات عدة بما فيها اللغة العربية.
وفي عام 1986، صدرت أولى رواياته “ليون الأفريقي” التي حصلت على جائزة الصداقة الفرنسية العربية، وهي تتناول سيرة رحال فرّ من الأندلس بعد سقوط غرناطة إلى فاس ومكة وبعدها تحوّل إلى المسيحية.
وبعدها صدرت لمعلوف رواياته الشهيرة “سمرقند” عام 1988، والتي تناولت سيرة الشاعر الفارسي عمر الخيام، صاحب رباعيات الخيام.
وكتب روايتين عن لبنان هما “صخرة طانيوس” عام 1993 التي نال عنها جائزة غونكور، كبرى الجوائز الأدبية الفرنسية، و”موانئ الشرق” عام 1996.
كما صدرت لمعلوف رواية “حدائق النور” عام 1991 التي تتناول سيرة ماني مؤسس الديانة المانوية في بلاد فارس. ورواية “رحلة بالداسار” 2000.
كتب معلوف العديد من الروايات، غير أن أعماله تضمنت دراسات بحثية ككتاب “الحروب الصليبية كما رآها العرب” وكتابه “الهويات القاتلة”، كما كتب مسرحيات شعرية مثل كتاب “الحب عن بعد”.
ورغم أن جل كتابات معلوف بالفرنسية فإنها قد ترجمت إلى أكثر من 40 لغة.