تقنية اختيار جنس الجنين تحقق التوازن الأسري

مهدت التطورات الهامة في الطب الإنجابي الطريق لتقنية تسمح للآباء بتحديد جنس أطفالهم؛ حيث أصبح اليوم العديد من الأزواج يلجأون لتقنية اختيار جنس الجنين وذلك لتحقيق التوازن الأسري لكلا الجنسين غالبا.
أبوظبي – يشغل تحديد جنس الجنين الكثير من الآباء والأمهات في المجتمعات العربية التي تفضل المولود الذكر في أغلب الأحيان، حيث ترى أن الإبن الذكر يحافظ على استمرارية الأسرة. ويرى خبراء أن اختيار جنس الجنين هو محاولة التحكم بجنس الأبناء لتلبية رغبة الآباء وقد سُوّق له تحت عنوان تحقيق التوازن العائلي.
وقالت الدكتورة لورا ميلادو، أخصائية الإخصاب خارج الجسم في عيادة آي.في.آي ميدل إيست للخصوبة “تفيد تقنية اختيار جنس الجنين الأزواج في تحقيق حلمهم في الحصول على مولود ذكر أو أنثى لتحقيق التوازن بين أسرهم”.
ويتضمن التوازن الأسري اختبارا جينيا قبل زرع الجنين (PGT)، وهي تقنية تدرس كروموسومات الأجنة، التي تم تطويرها أثناء عملية الإخصاب خارج الجسم (IVF). ومع تقنية PGT يمكن للخبراء تحديد جنس وصحة الأجنة بدقة 100 في المئة تقريبا قبل الزرع.
وأشارت الدكتورة ميلادو إلى أنه عندما يتم زرع جنين سليم في الرحم من خلال تقنية الإخصاب خارج الجسم، فإن فرص حدوث الحمل تصبح عالية جدا، كما يمكّن هذا الإجراء الآباء من معرفة جنس الطفل المستقبلي.
وبالنسبة للدكتورة ميلادو، يحقق التوازن الأسري العديد من المزايا بصرف النظر عن المساعدة في إكمال الأسرة وتحقيق الحمل عبر الإخصاب خارج الجسم. وتعد أهم هذه الفوائد ضمان ولادة طفل خال من الأمراض المرتبطة بالجنس الموروثة من الوالدين. وقالت ميلادو التي شاركت على نطاق واسع في علاجات الإخصاب خارج الجسم مع التشخيص الوراثي “من خلال تقنية PGT يمكن للخبراء فحص الجنين بحثا عن الحالات الوراثية، التي قد ينقلها الآباء عن غير قصد إلى نسلهم؛ حيث تساعد تقنية PGT على فحص الاضطرابات الوراثية أو تشوهات الكروموسومات في الأجنة، وبالتالي ضمان أن تلد الأم طفلا طبيعيا ويتمتع بصحة جيدة. ويعد هذا أمرا هاما بالنسبة للوالدين إلى جانب اختيار جنس المولود”.
كما أكدت ميلادو على ضرورة شرح العملية بالكامل للأزواج الذين يفكرون في خيار موازنة الأسرة. وأضافت أن مثل هذه المحادثات تساعد في إدارة توقعات الأزواج وإعدادهم جسديا وماديا وعاطفيا لرحلتهم المستقبلية.
وقال مختصون إنه في بعض الحالات وبناء على نتيجة الفحص الجيني عن مدى سلامة الأجنة يتطلب الأمر أن يتم اختيار جنين مختلف للجنس المتفق عليه مع الزوجين ليتم نقله وزراعته في رحم الزوجة، وبالتالي يلتزم الفريق بمناقشة هذا الأمر وتوضيحه للزوجين قبل إتمام عملية الزرع.
وأشاروا إلى أنه إذا كان لدى الزوجين اضطراب وراثي غير مرتبط بجنس المولود تكون الأولوية لنقل الجنين السليم وراثياً بغض النظر عن الجنس، ويتم الاتفاق مع الزوجين على زرع الجنين السليم فقط بدون تفضيل أي جنس.
وذكر صندوق الأمم المتحدة للسكان أن الأسباب الكامنة وراء اختيار الجنس ترجع إلى ثلاثة عوامل وتوفر فهمًا لاختلالات التوازن في نسبة الجنسين، مشيرا إلى أن هذه العوامل تتمثل في تفضيل الأبناء الناشئين من هياكل الأسر المعيشية إذ تتمتع الفتيات والنساء بوضع اجتماعي واقتصادي ورمزي هامشي، وبالتالي يتمتعن بحقوق أقل، وتركز هياكل الأسر المعيشية هذه أيضًا على الأمن المُتوقع أن يقدم فيه الأبناء الدعم لأولياء أمورهم طوال حياتهم. بالإضافة إلى النمو التكنولوجي للتشخيص قبل الولادة، ما يسمح للآباء بمعرفة جنس أطفالهم غير المولودين، انخفاض الخصوبة، ما يزيد الحاجة إلى اختيار الجنس بتقليل احتمال وجود ابن في أسر أصغر.
كما كشف الصندوق أن القيود المحلية المفروضة تساهم في تحديد جنس المولود، بالإضافة إلى انخفاض الخصوبة السريع دون مستويات الإحلال، ومع رغبة الوالدين بالحفاظ على حجم الأسرة صغيرا، يميل الوالدان إلى اختيار جنس المولود.
وتتسم العديد من الثقافات ومن بينها العربية بتفضيل الذكور من أجل وراثة الممتلكات وحمل اسم الأسرة وتوفير الدعم للوالدين في سن الشيخوخة.
وأكدت دراسات حديثة أن الوالدين يفضلان أن يكون المولود ذكرا على أن تكون أنثى في العديد من البلدان، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال نسبة الجنسين بين الأطفال في مختلف البلدان، موضحة أنه على الرغم من أن نسبة جنس الأطفال من الناحية البيولوجية تبلغ نحو 95 فتاة مقابل كل 100 صبي، فإن هذا العدد يتساوى بشكل عام بسبب ارتفاع معدل وفيات الأطفال الرضع.
وتعود نسبة تفضيل الأبناء الذكور على البنات في الكثير من البلدان لعدة أسباب ترتبط بعوامل كالاقتصاد والدين والثقافة، حيث ترى هذه المجتمعات أن وجود الابن يضمن أن تكون الأسر أكثر أمنا اقتصاديا.
وأشاروا إلى أنه في البلدان التي توجد فيها ممارسات تمييزية في ما يتعلق بإرث النساء أو امتلاكهن أو سيطرتهن على الأراضي بحكم القانون، يضمن وجود الابن الذكر عدم القلق بشأن العواقب القانونية المترتبة على ذلك إذا حدث شيء ما لهن.
كما أن الآباء في بعض البلدان يدركون الصعوبات المحتملة التي قد تواجهها ابنتهم في حياتها، ولذلك فهم يفضلون أن يكون المولود ذكرا حتى لا يروا ابنتهم تعاني من هذه الصعوبات، وفي كثير من الأحيان، يؤدي تفضيل هذا الابن إلى إجهاض الأجنة الإناث واختيار جنس المولود قبل الولادة.
ويقول رافضو تقنية تحديد جنس الجنين إن تطبيقها قد يؤدي إلى خلل في التركيبة السكانية، كأن يكثر معدل الذكور أو ينقص، بحسب رغبات الناس وعندها قد تتأثر العلاقة الزوجية، كما أنه يمكن أن يؤثر على الخصوبة بشكل تلقائي.