تقنيات الدماغ الحاسوبي تصل إلى مراحل متقدمة من النضج

وصلت تقنيات الدماغ الحاسوبي إلى مراحل متقدمة من النضج بإعلان شركة نيورالينك الناشئة المتخصصة في علوم الأعصاب استهدافها زرع شرائح كمبيوتر لاسلكية في الدماغ للمساعدة في علاج الحالات العصبية وأمراض مثل الشلل والزهايمر، في خطوة مكنتها من جمع تمويلات هائلة للمضي نحو طموحها في ربط العقل البشري بالكمبيوتر.
لندن – عكست التمويلات الهائلة التي جمعتها الشركات العالمية المهتمة بتقنيات الدماغ الحاسوبي اتساع الثقة بهذه التكنولوجيا التي تطمح إلى ربط العقل البشري بالكمبيوتر.
وذكرت شركة نيورالينك الناشئة المتخصصة في علوم الأعصاب والتابعة للملياردير إيلون ماسك في الآونة الأخيرة أنها جمعت 205 ملايين دولار في جولة تمويل بقيادة شركة في. واي كابيتال بمشاركة مشاريع لغوغل التابعة لألفابت.
وتستهدف نيورالينك زرع شرائح كمبيوتر لاسلكية في الدماغ للمساعدة في علاج الحالات العصبية بما في ذلك مرض الزهايمر والخرف وإصابات الحبل الشوكي ودمج الجنس البشري مع الذكاء الاصطناعي.
وأمضت الشركة السنوات الأخيرة في بناء واجهة الدماغ والكمبيوتر الأولى ذات قنوات مرتفعة العدد مخصصة للاستخدام العلاجي للمرضى.
ويصبح منتجها الأول “N1 Link” وهو عبارة عن جهاز 1024 قناة، غير مرئي بمجرد زرعه وينقل البيانات عبر اتصال لاسلكي.
وحسب الشركة يتمثل أول مؤشر مخصص لهذا الجهاز في مساعدة المصابين بالشلل الرباعي على استعادة حريتهم الرقمية من خلال السماح للمستخدمين بالتفاعل مع أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف الخاصة بهم بنطاق ترددي عالٍ وبطريقة طبيعية.
وتم حتى الآن اختبار التكنولوجيا على خنزير وقرد، حيث كان الأخير قادرًا على لعب لعبة الفيديو Pong بعقله.
ونشرت الشركة تسجيلا مصورا في أبريل الماضي يظهر قردا من فصيلة المكاك يلعب لعبة فيديو بعد زرع الشرائح في دماغه.
وكشف ماسك على تويتر في يونيو “سيمكّن أول منتج لنيورالينك أي شخص مصاب بالشلل من استخدام الهاتف الذكي بذهنه أسرع من استخدام الإبهام”.
وأضاف “الجهاز مزروع بالجمجمة ويتم شحنه لاسلكيا حتى تبدو وتشعر بأنك طبيعي تماما”.
وشارك ماسك في تأسيس نيورالينك عام 2016، وستستخدم الشركة ومقرها سان فرانسيسكو الأموال لإيصال منتجها الأول إلى السوق وفي البحث والتطوير.
ولاحظ الخبراء أن تقنية الدماغ الحاسوبي حققت نموًا ملحوظًا في العام الجاري، حيث تضاعفت التمويلات المخصصة لها ثلاث مرات.
وتستخدم هذه التقنية في ترجمة موجات الدماغ البشري إلى أوامر تستطيع أجهزة الكمبيوتر فهمها. ويمكن تعريف واجهة الدماغ والكمبيوتر بأنها جهاز قادر على قراءة الموجات الكهروكيميائية المتدفقة من نقاط التشابك العصبي. ويقوم بترجمة هذه التدفقات الكهروكيميائية إلى إشارات يستطيع الكمبيوتر فهمها.
وفيما حصلت شركة نيورالينك المتخصصة في هذا المجال على استثمارات بقيمة 205 ملايين دولار ضمن أحدث جولاتها الاستثمارية، حصلت شركة بارادروميك العاملة في نفس المجال على استثمار بقيمة 20 مليون دولار أميركي.
وتحصل هذه التقنية على دعم من منظمات هامة، وحصلت شركة سنيكروم المنافسة لشركة ماسك على موافقة من منظمة الغذاء والدواء الأميركية لاستخدام واجهة الدماغ والكمبيوتر التي تطورها على البشر.
وعلى الرغم من أن شركة نيورالينك هي الأبرز في هذا المجال، إلا أن هذا لم يمنع الملايين من المستخدمين حول العالم من التشكيك في إنجازاتها.
وأوضحت نيورالينك تفاصيل عن جهودها في ربط العقل البشري بالكمبيوتر في حديثها المنقول مباشرة حينها في يوليو 2019.
وتريد الشركة زرع أقطاب إلكترونية في الدماغ لنقل الإشارات العصبية من العصبونات ونقلها إلى الكمبيوتر لاسلكيا. كما تخطط الشركة لاستخدام الليزر لإحداث ثقوب صغيرة في الجمجمة وزرع الأقطاب الإلكترونية فيها. ووعد ماسك في تصريحات سابقة أنّ النسخة المقبلة من واجهات الدماغ والكمبيوتر ستكون “رائعة”.
وفيما ستعمل النسخ الأولية من نيورالينك على إعادة القدرات الدماغية للمرضى المصابين بأمراض عصبية خطيرة، يأمل ماسك أن تعمل الإصدارات التالية على تحسين الإدراك البشري وتطويره لنصل إلى مرحلة التكافل مع الذكاء الاصطناعي.
وتستخدم هذه التقنية بشكل رئيسي في الزيادة من قدرات البشر وحل مشاكلهم، وبرأي الخبراء قد تكون الأمل الوحيد في علاج مرض الشلل.
وتأتي هذه التقنيات في شكلين رئيسيين؛ الشكل الأول هو غير الجراحي، وهي واجهات يمكن للإنسان تركيبها دون الحاجة إلى جراحة كبيرة، والعكس صحيح بالنسبة إلى الشكل الثاني وهو الجراحي.
ويمكن من خلال هذه الواجهات ترجمة الموجات الدماغية والكيميائية وتحويلها إلى صورة تسمح بالتحكم في إضافات آلية للجسم، أو التحكم في المخ نفسه.
وإلى جانب ذلك يمكن للإنسان أن يستحضر المعلومات من تلك الواجهات. وهو ما أدى إلى ظهور أفكار مثيرة للاهتمام مثل إمكانية زراعة الأفكار أو الذكريات. إلى جانب إمكانية التحكم في العقل.
وقد تمكن البشر من ترجمة أنشطة الدماغ إلى أفعال منذ عقود طويلة. ومن ناحية شركات القطاع الخاص فهي كانت تهدف إلى إنتاج أجهزة وأدوات تحل مشاكل بعينها مثل الأجهزة القادرة على حل مشكلة شلل طرف معين.
ومن شأن مجال الذكاء الاصطناعي أن يخدم مجال واجهة الدماغ والكمبيوتر بشكل رئيسي، لما سيتيحه من تعلم أسرع وأسلس إلى جانب إمكانية الوصول إلى مستويات مرتفعة من المحاكاة بدون الحاجة إلى مرضى حقيقيين.
وعلى الرغم أن ماسك يؤكد أن تقنيات واجهة الدماغ والكمبيوتر وصلت إلى مراحل متقدمة من النضج، إلا أن خبراء ومتخصصين يرون أن هذه الآمال والتطور التقني الهائل لا تحجب أن هذه التقنية ما زالت بحاجة إلى سنوات أخرى من التطوير.