تقرير أممي: الحوثيون قصفوا مطار عدن يوم عودة حكومة المناصفة

عدن- أفاد تقرير سرّي قُدّم مؤخّرا إلى مجلس الأمن الدولي أن الهجوم الدموي الذي استهدف مطار عدن بجنوب اليمن آخر شهر ديسمبر الماضي نُفّذ بصواريخ باليستية مماثلة لتلك التي يمتلكها المتمرّدون الحوثيون وأُطلقت من مواقع خاضعة لسيطرتهم.
ورأت جهات يمنية أن التقرير يتجاوز بكثير بعده الأمني ليشكّل بداية تصحيح للوضع الذي أوجده قيام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بإلغاء تصنيف جماعة الحوثي منظّمة إرهابية أجنبية، الأمر الذي رفع من معنويات الحوثيين وشجّعهم على المزيد من التصعيد بل الانضمام لمسار السلام الذي ترغب واشنطن والأمم المتّحدة في إطلاقه باليمن.
وقال مصدر سياسي يمني إنّ الخلاصة المختصرة من التقرير الأممي أن الحوثيين بالفعل جماعة إرهابية لا تتوانى عن استهداف المرافق والمنشآت المدنية عشوائيا بالصواريخ.

ما يقرب من 80 في المئة من سكان اليمن البالغ عددهم 29 مليونا يعتمدون على المساعدات في إطار أزمة إنسانية هي الأكبر على مستوى العالم
ونقلت وكالة فرانس برس عن ملخص للتقرير السري الذي أنجزه خبراء الأمم المتحدة المكلفين بملف العقوبات المفروضة على اليمن أنّه “في الثلاثين من ديسمبر وقعت ثلاثة انفجارات في مطار عدن الدولي بعد دقائق من هبوط طائرة تقل رئيس الوزراء معين عبدالملك وأعضاء في حكومة الوحدة التي يرأسها ومسؤولين حكوميين كباراً آخرين”.
وردّ المسؤول السياسي في صفوف المتمردين الحوثيين محمد علي الحوثي على التقرير مؤكدا في تغريدة على تويتر أنّ “أي تقارير عن اليمن من منظمة أو دول أو تابعين لمجلس الأمن أو الأمم المتحدة تصدر من دون لجان مستقلة مرفوضة”، معتبرا أن مثل تلك التقارير “غير واقعية وغير محايدة وتفتقر للمصداقية والموضوعية والمهنية في آن واحد”.
وبعد وقوع الهجوم المذكور أعلن رئيس الحكومة اليمنية المشكّلة بالمناصفة بين شخصيات من شمال اليمن ومن جنوبه والتي نتجت عن اتفاق الرياض الذي رعته السعودية بين المجلس الانتقالي الجنوبي وسلطة الرئيس المعترف به دوليا عبدربه منصور هادي أنّ المؤشرات الأولية للتحقيقات تشير إلى “وقوف ميليشيا الحوثي وراء هذا العمل الإجرامي”.
وأضاف تقرير خبراء الأمم المتحدة أنّ “الهجوم أوقع عشرين قتيلا في صفوف المدنيين بينهم وكيلة وزارة الأشغال العامة ياسمين العواضي وأكثر من مئة جريح بينهم مسافرون كانوا مغادرين، وموظفون من المطار وصحافيون”. وكانت حصيلة القصف الصاروخي التي أعلنت آنذاك تشير إلى سقوط 26 قتيلا على الأقل وأكثر من 50 جريحا.
وخلال التحقيق “لاحظت مجموعة الخبراء أن المطار أصيب بثلاثة صواريخ باليستية أرض-أرض دقيقة التوجيه وقصيرة المدى تحمل رؤوسا حربية مجزّأة، ويحتمل أن تكون نسخة طويلة المدى من صاروخ بدر-1 الذي شكّل منذ 2018 جزءا من ترسانة الحوثيين” وفقا لما ورد في التقرير.
وأضاف الخبراء “نظرا إلى مكان القصف من الواضح أن النية كانت ضرب الطائرة التي كانت تقل مسؤولي الحكومة مثل صالة استقبال كبار الشخصيات حيث كان من المقرر عقد مؤتمر صحافي وقت الهجوم”.
وجاء في ملخص التقرير أنّ “قرار اللحظة الأخيرة بإيقاف الطائرة بعيدا عن الصالة والتأخر غير المخطط له في إنزال الركاب حالا دون وقوع إصابات إضافية في صفوف المسؤولين الحكوميين”.

تصحيح غير مباشر لقرار إدارة الرئيس الأميركي
جو بايدن إلغاء تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية أجنبية
وبعد التحقيق في مواقع الإطلاق المحتملة للصواريخ ودراسة الصور على شبكات التواصل الاجتماعي والتدقيق بإفادات الشهود والآثار في مكان القصف وبيانات الأقمار الاصطناعية، خلص الخبراء الذين يواصلون تحقيقاتهم “إلى أن صاروخين على الأقل أحدهما تحطم بعد وقت قصير من إطلاقه، أطلقا من مطار تعز وأن الصاروخين المتبقيين تم إطلاقهما كما يبدو من مركز تدريب للشرطة في جنوب مدينة ذمار”.
ووفقا للتقرير فإنّ الصواريخ أطلقت من “منشآت كانت تحت سيطرة القوات الحوثية وقت القصف”.
وعدن المدينة الساحلية الجنوبية هي العاصمة المؤقتة لليمن بعد أن انتقلت إليها الحكومة المعترف بها دوليا منذ طردها المتمرّدون الحوثيون من صنعاء في الشمال.
ويدور النزاع في اليمن بين الحكومة والمتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على قسم كبير من شمال البلاد بما يشمل العاصمة التاريخية صنعاء منذ 2014. وتتلقى القوات الموالية للسلطة دعما منذ 2015 من تحالف عسكري تقوده السعودية.
وبعد ست سنوات من الاقتتال على السلطة في نزاع حصد أرواح الآلاف، يشهد اليمن انهيارا في قطاعات الصحة والاقتصاد والتعليم وغيرها، فيما يعيش أكثر من 3.3 مليون نازح في مدارس ومخيمات حيث تتفشى الأمراض كالكوليرا بفعل شح المياه النظيفة.
وأسفر النزاع منذ 2014 عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين، بحسب منظمات دولية، بينما بات ما يقرب من 80 في المئة من سكان اليمن البالغ عددهم 29 مليونا يعتمدون على المساعدات في إطار أزمة إنسانية هي الأكبر على مستوى العالم.