تفشي كورونا يسرّع عملية تبادل سجناء بين إيران وفرنسا

إيران تفرج عن الباحث الفرنسي رولان مارشال بعد احتجازه تسعة أشهر ونصف الشهر.
الاثنين 2020/03/23
الوباء خرج عن السيطرة في إيران

باريس – بعد دعوات فرنسية استمرت لأشهر مطالبة إيران بالإفراج عن المعتقلين لديها من المواطنين الفرنسيين والذين تُوجه إليهم طهران تهما مختلفة، أبرزها التجسس، أفرجت إيران مساء السبت عن الباحث الفرنسي رولان مارشال.

وعقب قضائه تسعة أشهر ونصف الشهر من الاحتجاز في إيران، وصل مارشال إلى باريس مساء السبت، وقالت طهران إن باريس أطلقت في المقابل سراح مهندس إيراني تطالب الولايات المتحدة بترحيله إليها.

وقالت لجنة الدعم التي ساندته إبّان احتجازه في بيان موجز “لقد عاد رولان إلى باريس”. وقال شخص مقرّب من الباحث الفرنسي إن الأخير “موجود في مستشفى سان مانديه العسكري”.

وأضاف “التحاليل جيدة”، في وقت كانت الحالة الصحية للباحث قد شكّلت مصدر قلق كبير بعد تفشّي وباء كورونا في إيران.

ويرى مراقبون أن سرعة انتشار كورونا أرغمت السلطات على الإفراج عن الباحث الفرنسي في وقت أصدرت فيه السلطات عفوا لإفراغ السجون وتدبّر أمرهم، خاصة بعد أن فتك الوباء بأرواح المئات وأصاب عشرات الآلاف.

بعد الإفراج عن رولان مارشال حض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السلطات الإيرانية على إطلاق سراح الباحثة الفرنسية فاريبا عادلخاه فورا

وأرغم تفشّي الفايروس في إيران السلطات على طلب دعم من صندوق النقد الدولي، والتأكيد على أنها لن ترفض مساعدات أميركية.

وتابع المصدر “أنه هزيل للغاية وتأثر بالتعذيب النفسي” خلال عمليات الاستجواب”، ويحتاج إلى “راحة مطلقة”.

وبالتوازي مع عملية الإفراج هذه، حض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “السلطات الإيرانية على إطلاق سراح الفرنسية فاريبا عادلخاه فورا”. ولا تزال الباحثة الفرنسية الإيرانية مسجونة في إيران.

وأوقف مارشال في يونيو مع شريكته عادلخاه، وهما باحثان في مركز الدراسات الدولية التابع لمعهد العلوم السياسية في باريس. ولم تتوقّف فرنسا عن المطالبة بإطلاق سراحهما منذ ذلك الوقت.

وأعلنت طهران الجمعة تزامنا مع الاحتفال بالعام الفارسي الجديد، عن تبادل سجناء مع باريس، في حين أن الرئاسة الفرنسية لم تذكر مثل هذه العملية.

وقالت إيران إن فرنسا أطلقت سراح المهندس الإيراني جلال روح الله نجاد الذي وافق القضاء الفرنسي على ترحيله إلى الولايات المتحدة، دون أن تذكر اسم المواطن الفرنسي الذي أطلقت سراحه.

رولان يعود إلى باريس
رولان يعود إلى باريس

وبث التلفزيون الرسمي الإيراني مشاهد تظهر وصول روح الله نجاد ليل السبت إلى طهران حيث استقبله أفراد من عائلته. وقال نجاد في تصريح موجز بثّه التلفزيون الحكومي “الحمد لله انتهت أخيرا تلك الأيام”. وفي حين بدا متأثّرا ومبتهجا وفي صحة جيدة، قال الرجل إنه تعرّض لسوء معاملة خلال فترة احتجازه في فرنسا التي اعتبر أنها “تؤدي دور كلب الأميركيين، تهزّ ذيلها لهم”.

وطالبت الولايات المتحدة بترحيل جلال روح الله نجاد الذي تتهمه بمحاولة إدخال معدّات تكنولوجية إلى إيران في انتهاك للعقوبات الأميركية على طهران التي أعادت فرضها منذ 2018 بعد انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي المُبرم عام 2015.

وأوقف الحرس الثوري الإيراني الباحثة الإيرانية الفرنسية فاريبا عادلخاه (60 عاما)، المختصة في المذهب الشيعي، مع رفيقها المختص في الدراسات الأفريقية رولان مارشال (64 عاما) الذي انضم إليها في إيران في زيارة خاصة، في 5 يونيو 2019 في مطار طهران.

ووُجّهت للباحثين تهمة “التواطؤ للمساس بالأمن القومي” التي تتراوح عقوبتها بين عامين وخمسة أعوام سجن. علاوة على ذلك، وجهت لعادلخاه تهمة “الدعاية ضد النظام”.

وقال “نتحدث عن تخفيف العقوبة حين تكون موجودة ويكون الحكم نهائيا ولكن موكلي لم يحاكم أصلا”، مضيفاً أنّ عادلخاه كانت “سعيدة بالإفراج عن رفيقها إذ كان إبقاؤه قيد الحجز مصدر ضغط إضافي عليها”. وفي باريس، تمسّكت لجنة الدفاع عن الباحثين ببراءتهما، وطالبت بإطلاق سراحهما فورا، وقالت إنها تخشى على حياتهما بسبب وضعهما الصحي.

وقالت اللجنة “يجب مواصلة النضال لإعادة فاريبا بأسرع وقت”.

دعوات أميركية لترحيل جلال روح الله نجاد
دعوات أميركية لترحيل جلال روح الله نجاد

ومن جانبه، قال الأستاذ في المعهد الأعلى للدراسات الدولية والتنمية وعضو لجنة الدعم جان فرنسوا بايار “نرحّب بارتياح بوصول رولان مارشال إلى باريس بعد نحو تسعة أشهر من الاحتجاز التعسفي في ظروف قاسية”.

وتزايدت مخاوف اللجنة بسبب تسارع انتشار كوفيد-19 في إيران، إحدى أكثر الدول تضررا منه. وتجاوز عدد الوفيات بالوباء المستجد الـ1600 شخص وهي أرقام تقدّمها السلطات في طهران وتشكك فيها المعارضة. ومن ناحية أخرى، تدهور الوضع الصحي لفاريبا عادلخاه بسبب تنفيذها لإضراب عن الطعام استمر 49 يوما. وأوضح دهقان أنّها “لا تزال تعاني من مرض كلوي بسبب الإضراب”.

وقال محامي رولان مارشال إن موكله تأثر “نفسيا وجسديا” نتيجة احتجازه في عزل شبه كامل. واعتُبر الباحثان سلاح مقايضة محتملا لإطلاق سراح المهندس الإيراني المحتجز في فرنسا منذ فبراير 2019 جلال روح الله نجاد.

وفي الآونة الأخيرة قامت إيران بمبادلات عدّة لسجناء مع دول تحتجز مواطنين إيرانيين مدانين أو مهدّدين بالترحيل إلى الولايات المتحدة.

وأطلقت إيران أيضا سراح عدّة سجناء معروفين، بمناسبة العام الفارسي الجديد، على خلفية تفشّي كورونا الذي زاد من إنهاك البلاد المستنزفة أصلا بسبب العقوبات الأميركية. وفي هذا الصدد، أطلق الخميس سراح مواطن أميركي محتجز منذ 2018 لـ”أسباب صحية”، ومُنحت المواطنة البريطانية الإيرانية نازانين زغاري راتكليف، الموظفة في مؤسسة “تومسون رويترز”، إذنا مؤقتا لمغادرة سجن طهران.

وتواجه علاقات فرنسا مع إيران تعقيدات بسبب أزمة البرنامج النووي. وبدأت طهران بالتخلّي عن التزاماتها الواردة في الاتفاق الموقّع عام 2015 والهادف إلى منعها من تطوير قنبلة ذرية، وذلك عقب انسحاب الولايات المتحدة أحاديا من الاتفاق.

5