تغطية التلفزيون المغربي للانتخابات رتيبة لا تغري المشاهد

انتقد الكثير من المتابعين تغطية قنوات التلفزيون المغربي للانتخابات البرلمانية التي بدت رتيبة مكررة لا تختلف بين قناة وأخرى أو عن السنوات السابقة، متجاهلة حق المشاهد في النقد والتحليل لبرامج الأحزاب السياسية وكشف المعطيات المتعلقة بالانتخابات.
الرباط - قدم التلفزيون المغربي، بقنواته الرئيسية الثلاث “الأولى” و”الثانية” و”ميدي.إن تي.في” متابعة إعلامية للحملة الانتخابية التي انطلقت رسميا الخميس، من خلال استضافة زعماء برامج الأحزاب السياسية المغربية بطريقة متشابهة حد التطابق على القنوات الثلاث كلها.
ولوحظ أن قناة “ميدي.إن تي.في” فازت بالسبق في استضافة الشخصيات السياسية على منبرها، وتفوقت على القناتين “الأولى” و”الثانية” اللتين فشلتا في القيام ببعض التجديد أو التطوير أو الاجتهاد التلفزيوني من أجل ألا يكون ظهور زعماء الأحزاب مكررا على شاشاتهما.
وانتشرت المقارنات على مواقع التواصل الاجتماعي بين التغطية المحلية للانتخابات البرلمانية، وبين تغطية وسائل الإعلام الغربية للانتخابات في تلك البلدان والسباق المحموم الذي يستقطب الملايين من المشاهدين.
وقال معلقون إن التلفزيون في الدول الديمقراطية الرائدة أصبح رديفا للعملية السياسية ككل. في مناظراته وحملاته ولقاءاته ويعمل على إقناع الجمهور بالتصويت، كما تحرص الأحزاب السياسية على تأكيد حضورها التلفزيوني لأجل الوصول إلى الناس، وتفكر آلاف المرات قبل اختيار من سيمثلها في التلفزيون لأنها تعرف أنها ستخاطب الجمهور العريض.
في المقابل، يأخذ منتقدون على قنوات التلفزيون الرسمي فشلها في مواكبة أحد أهم الأحداث السياسية في البلاد، واستقطاب الجمهور المحلي.
قناة "ميدي.إن تي.في" فازت بالسبق في استضافة الشخصيات السياسية وتفوقت على القناتين "الأولى" و"الثانية"
ويعزو البعض السبب في هذا الفشل لعدم وجود قيادات مهنية تدفع بالكفاءات الصحافية إلى الواجهة وتوليها مسؤولية التجديد، ومنحها الفرصة للعمل على الابتكار والخروج من القوالب المكررة بنفس الشكل القديم منذ سنوات، وبنفس الوجوه، وبنفس الطريقة التي لم تعد تغري أحدا بالمتابعة.
وذكرت مصادر داخلية في التلفزيون المغربي، أن هناك نوعا من الاستكانة إلى القديم الذي يكرر نفسه. وحتى الأصوات التي تنادي بالتغيير والدفع بالوجوه الجديدة يتم اتهامها بمحاربة الطاقات والكفاءات، ومعاداة النجاح بهدف إبقاء الوضع على ما هو عليه. والنتيجة أن القنوات العمومية فقدت الكثير من جاذبيتها ومصداقيتها.
واكتفت القنوات التلفزيونية بالبرامج الحوارية المباشرة، أو استضافة بعض الشخصيات السياسية في النشرات الإخبارية وبرامج تغطية التجمعات الانتخابية بشكل تقليدي ورتيب، مع تخصيص حيّز زمني أقل للبرامج المتعلقة بالمداخلات الحزبية على حساب بقية البرامج الأخرى.
وسجّل متابعون غياب النقد والتحليل للمعطيات الحقيقية ومضمون اللوائح الانتخابية، والمعطيات الأخرى، مما تسبب في غياب النقاش السياسي الحقيقي في المضامين الإعلامية.
وبالرغم من التقدم الحاصل في حضور النساء في وسائل الإعلام، فقد ظل هذا الحضور ضعيفا، وقالت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب إن إفساح المجال للقياديات النسوية الحزبية لعرض برامجهن وأرائهن أثناء تغطية الحملات الانتخابية، لم يرق إلى مستوى المكتسبات التشريعية، ولا إلى كل ما تضمنه ميثاق تحسين صورة المرأة في الإعلام.
وخسرت وسائل الإعلام التقليدية تفوقها على الشبكات الاجتماعية كمنابر أكثر مسؤولية ومصداقية في الأوقات المهمة مثل الانتخابات، بسبب افتقادها إلى الجرأة والشفافية في الكشف عن الحقائق وتوضيح الرؤية المستقبلية للأحزاب، وتغييب أكاديميين وإعلاميين ذوي الاختصاص لمناقشة طروحات الأحزاب، فأصبح المشاهد أمام نسخ مكررة من أحزاب تروج لخطاب أيديولوجي نفسه.
وانطلقت الحملات الدعائية للأحزاب في وضع استثنائي هذا العام لم يشهده المغرب من قبل، حيث فرضت وزارة الداخلية العديد من الإجراءات التي تؤطر هذه الحملات، بسبب وضعية الوباء في البلاد.
ومنعت الوزارة خلال هذه الحملة توزيع المنشورات الدعائية في الشوارع أو تسليمهما للمواطنين عن طريق الأيدي، وسمحت فقط بإلصاق المنشورات في أماكن عمومية يُمكن للمواطنين الاطلاع على محتواها دون لمسها.
لذلك اتجهت الأحزاب المغربية إلى الدعاية عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مكثف، إلا أن تفاوتها وعدم وصولها لجميع المناطق يؤثر بشكل ما، حيث لا يصل الخطاب إلى بعض الفئات الاجتماعية التي تتابع القنوات التلفزيونية كمصدر رئيسي للمعلومة، رغم التفاعل بشكل أكبر عبر صفحات التواصل.
ورشحت الجهات والأحزاب السياسية بعض الوجوه الجديدة التي تجيد التواصل عبر الوسائل الإلكترونية، والتي يمكنها التوجه بخطاب مقنع.
المقارنات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بين التغطية المحلية للانتخابات البرلمانية، وبين تغطية وسائل الإعلام الغربية للانتخابات في تلك البلدان
وشكلت كل من الشبكات الاجتماعية وصفحات الأحزاب والمرشحين منصة للدعاية عبر الصور والمقاطع المصورة.
وذكرت تقارير محلية أن المعطيات التي يتيحها موقع فيسبوك حول شفافية الصفحات، كشفت أن كل الأحزاب المغربية خصصت ميزانية للدعاية والترويج لمرشحيها خلال الأيام القليلة الماضية؛ وسيستمر الأمر بوتيرة أكبر قبيل الثامن من سبتمبر موعد الانتخابات.
وتعتزم الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب القيام بحملة الرصد الإعلامي لمختلف وسائل الإعلام والاتصال التقليدي ومواقع التواصل الاجتماعي، لتغطية كل مراحل العملية الانتخابية لعام 2021. في إطار استراتيجيتها الرامية للنهوض بالمساواة ومحاربة الصور النمطية للمرأة.
وتتجلى أهمية هذا الرصد الإعلامي، في تتبع وملاحظة دور ومساهمة الإعلام السمعي البصري التقليدي والحديث عن دعم حضور ومساهمة النساء في المجال السياسي وخاصة خلال فترة الانتخابات، وتقييم مدى ضمان وتحقيق المساواة بين الجنسين في التغطية الانتخابية في وسائل الإعلام المغربية.
يذكر أن تقارير نسب مشاهدة القنوات العمومية المغربية أبرزت عدم اهتمام الجمهور بالمحتوى السياسي قبيل الانتخابات البرلمانية، حيث أفادت الأرقام التي يشرف عليها مركز القياس سيوميد، أن مدة مشاهدة القنوات العمومية، في الأسبوع الممتد من 11 إلى 17 أغسطس الماضي، بلغت 3 ساعات و10 دقائق يوميا، فيما تفوقت المسلسلات في قائمة البرامج الأكثر مشاهدة.
وتصدر المسلسل التركي “الوعد” الذي تبثه القناة الثانية قائمة البرامج الأكثر مشاهدة بعدد مشاهدين بلغ 4.81 مليون مشاهد.
وتفوق مسلسل “البيوت أسرار” على باقي برامج القناة الأولى، إذ تابعه 3.29 مليون مشاهد.
وسجلت مدة مشاهدة القنوات العمومية تراجعا بدقيقتين، حيث بلغت 3 ساعات و12 دقيقة خلال الفترة الممتد بين 4 و10 أغسطس.
وتتناول أرقام سيوميد ثماني قنوات وطنية: هي الأولى، والأولى الدولية، والقناة الثانية، والقناة الثانية عالمية، والرياضية، والمغربية، والأمازيغية، والسادسة.