تعديل حكومي رابع خلال عام لإصلاح الاقتصاد وامتصاص غضب الشارع الأردني

مواجهة البطالة تتطلب تحديث المنظومة السياسية.
الثلاثاء 2021/10/12
حرص ملكي على التغيير

يعد استحداث حقيبة وزارية للاستثمار السمة الأبرز في التعديل الوزاري الرابع الذي أجراه رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، بعد أن فشلت الحكومات السابقة في وقف تدهور مستويات معيشة المواطنين، إضافة إلى تزايد الغضب الشعبي من الأداء السياسي المتردي والفساد.

عمان - أجرى رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة تعديلا وزاريا، هو الرابع منذ توليه المنصب قبل عام، تضمن إنشاء وزارة جديدة للاستثمار في مؤشر على هدف الحكومة للقيام بإصلاحات اقتصادية واجتماعية لإرضاء الشارع وامتصاص غضبه خصوصا بعد نشر وثائق باندورا.

وتسعى الحكومة الجديدة أن تتيح مجالا أوسع لمعالجة المشكلات التي فشلت الحكومات السابقة بمعالجتها، في ظل الانتقادات الشعبية لأدائها وعدم اليقين بقدرتها على إدارة الملف الاقتصادي ووقف تدهور مستويات معيشة المواطنين. وضعف القدرة على جذب الاستثمارات وتخفيض نسبتي الفقر والبطالة.

وقال مسؤولون إن مرسوما ملكيا صادق على التعديل الذي يشمل ثمانية مناصب وزارية وإنشاء وزارة جديدة للاستثمار لتحفيز الاستثمار الأجنبي من أجل خلق وظائف تحتاجها المملكة بشدة لمواجهة معدل بطالة قياسي يبلغ 25 في المئة.

عبدالمنعم العودات: المرحلة المقبلة تتطلب أعلى درجات التعاون بين السلطات

والخصاونة، هو رئيس الوزراء الـ13 في عهد الملك عبدالله الثاني، منذ توليه سلطاته الدستورية في السابع من فبراير 1999. أتم دراسته في بريطانيا، وهو دبلوماسي سابق وأحد معاوني القصر الملكي، وجاء تعيينه لرغبة الملك عبدالله في استعادة ثقة الشعب في التعامل مع أزمة فايروس كورونا وتهدئة الغضب إزاء إخفاق الحكومات المتعاقبة في الوفاء بتعهدات تحقيق الرخاء وكبح الفساد.

ولم تطرأ تعديلات على حقائب سيادية كالداخلية والخارجية والمالية، لكنها شملت تسع حقائب وزارية، من بينها الصناعة والتجارة والإعلام والطاقة والثروة المعدنية والعمل والشؤون القانونية، فيما يعد استحداث حقيبة وزارية للاستثمار، السمة الأبرز في التعديل.

وأبقى الخصاونة على الاقتصادي محمد العسعس، خريج جامعة هارفارد، في منصبه وزيرا للمالية. ونال العسعس إشادة صندوق النقد الدولي لتعامله مع الاقتصاد خلال الجائحة وتفاوضه على برنامج للصندوق مدته أربع سنوات بقيمة 1.3 مليار دولار، مشيرا إلى الثقة في برنامج الإصلاح في الأردن.

والتقى الخصاونة قبيل إجراء التعديل بساعات قليلة، برئيسي مجلس الأعيان والنواب وأعضاء المكتب الدائم، بحسب وكالة الأنباء الأردنية بترا.
وأطلعهما الخصاونة على ملامح التعديل الوزاري، معتبرا أن له “طابعا اقتصاديا”، كاشفا عن استحداث وزارة للاستثمار وليس منصب وزير دولة لشؤون الاستثمار، وذلك بهدف توحيد مرجعيات الاستثمار وتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين.

وقال رئيس مجلس النواب المحامي عبدالمنعم العودات إن “أمامنا اليوم استحقاق تحديث منظومتنا السياسية، بما يمكّن من توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار والوصول إلى حياة حزبية برامجية راسخة”.

وأكد العودات أن “المرحلة المقبلة تتطلب أعلى درجات التعاون بين السلطات، حيث تدخل الدولة الأردنية مئويتها الثانية بإصرار وتوافق على تعزيز مسيرة الإصلاحات الشاملة ومراجعة وترتيب أولوياتها الوطنية باستمرار”.

وبدأت مؤشرات التعديل الرابع على حكومة الخصاونة وسط تصاعد الحديث عن عدم وجود تجانس بين بعض أعضاء الفريق الحكومي وبعد فشل فكرة تشجيع الاستثمار في البلاد، لذلك جاءت فكرة إنشاء وزارة استثمار لتقود فريق عمل اقتصادي سيادي قادر على النهوض باقتصاد المملكة في ظل ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل وهجرة الاستثمارات.

وتواجه الحكومة مهمة شاقة لإنعاش النمو في اقتصاد عانى العام الماضي من أعمق انكماش منذ عقود، مع تفاقم البطالة والفقر جراء الجائحة. لكن كلا من الحكومة وصندوق النقد الدولي توقعا حدوث انتعاش هذا العام بنحو 2 في المئة.

إصرار حكومي على الإصلاح
إصرار حكومي على الإصلاح

وكانت الحكومة الأردنية قبل التعديل الأخير تضم 31 وزيرا، ومع إعادة تفعيل وزارة الاستثمار التي ألغاها الخصاونة في التعديل الثاني على حكومته بمارس الماضي، أصبحت تتشكل من 32 وزيرا.

ورجح متابعون أن محاولات الإنقاذ الحكومية العاجلة للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، غير بعيدة عن قضية وثائق باندورا التي شكلت صدمة للشارع الأردني، في وقت كان ينتظر فيه نتائج تطبيق قانون الكسب غير المشروع الذي أقره مجلس الأمة مؤخرا، والذي يهدف إلى تدعيم نظم النزاهة ومحاربة الفساد في الأردن.

وذكرت الوثائق التي تشمل مزاعم بشأن ثروات حوالي 35 من قادة العالم الحاليين والسابقين، أن العاهل الأردني “أنفق أكثر من 100 مليون دولار لتكوين إمبراطورية عقارية سرية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة”.

لذلك تبدو الخطى متسارعة لإعادة الثقة بالمنظومة السياسية، وقد أكد الملك عبدالله الثاني أن التحديث السياسي مستمر، وأنه يجب أن يتزامن مع الإصلاح الاقتصادي لتحقيق النتائج المرجوة، ولإحداث نقلة نوعية يشعر المواطن بأثرها.

وتسلّم الملك عبدالله الثاني الأسبوع الماضي تقرير لجنة تحديث المنظومة السياسية، بعد أن استكملت الأخيرة أعمالها في التاسع عشر من الشهر الماضي بإقرار مسودة قانون الانتخاب، ومقترحات لتعديلات دستورية متصلة بقانوني الانتخاب والأحزاب وآليات العمل النيابي.

وقال العاهل الأردني خلال لقائه برئيس اللجنة وأعضائها في الديوان الملكي إن “نتائج منظومة التحديث ستسير بحسب المقتضى الدستوري، حيث تتبناها الحكومة وتتعامل معها بكل حياد وإيجابية وترسلها إلى مجلس الأمة (البرلمان بشقيه)”.

مرسوم ملكي صادق على التعديل الذي يشمل ثمانية مناصب وزارية وإنشاء وزارة جديدة للاستثمار لتحفيز الاستثمار الأجنبي من أجل خلق وظائف تحتاجها المملكة

وأظهرت نتائج استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية حول “اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية” أن 48 في المئة من الأردنيين يعتقدون أن تعديل أو تطوير قانون الانتخابات البرلمانية من أولويات الإصلاح السياسي.

وأفاد أكثر من نصف الأردنيين أن مخرجات اللجنة ستعزز دور الشباب في العمل الاجتماعي، و43 في المئة يعتقدون أن مخرجات اللجنة ستعزز دورهم في العمل السياسي “الأحزاب، الانتخابات”، و42 في المئة ستعزز دور الشباب في الإدارة المحلية.

وأظهرت النتائج أن 39 في المئة من الأردنيين يعتقدون أن مخرجات اللجنة ستسهم في زيادة نسبة الترشح للانتخابات النيابية، و60 في المئة بأن تطوير أو تعديل قانون الانتخابات سيؤدي إلى زيادة مشاركة المواطنين في الانتخابات.

وقال 46 في المئة من الأردنيين أن مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ستغطي بعض متطلبات الإصلاح السياسي المنشود في الأردن.

وقد تشهد الأيام القليلة القادمة الكثير من الحراك وإعادة ترتيب البيت الحكومي، قبل انعقاد الدورة البرلمانية المقبلة، بعد أن تم إرجاء عقد دورته العادية إلى 15 ديسمبر المقبل، والتي سيتخللها هذه المرة انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب.

وأكد رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز حرص المجلس على إدامة التعاون مع الحكومة، لتنفيذ التوجيهات الملكية وخدمة الوطن والمواطنين.

وأشار إلى أهمية تذليل العقبات أمام المستثمرين وتسريع عملية النظر بطلبات الاستثمار، مطالبا بضرورة توحيد مرجعيات الاستثمار بجهة مختصة واحدة، مؤكدا ضرورة حماية المستثمرين وتطبيق القانون على الجميع بعدالة ودون استثناء.

2