تظاهرات في بولندا مؤيدة لعضوية الاتحاد الأوروبي

وارسو- شهدت بولندا الأحد تظاهرات شارك فيها الآلاف تأييدا لعضوية بلادهم في الاتحاد الأوروبي، في أعقاب قرار قضائي مثير للجدل يرى محللون أنه قد يفضي إلى خروج وارسو من التكتل القاري.
وجاءت هذه المظاهرات بدعوة من دونالد توسك، الرئيس السابق للمجلس الأوروبي والزعيم الحالي لـ”المنصة الديمقراطية”، أبرز أحزاب المعارضة البولندية.
وحذّر توسك -الذي سبق أن شغل منصب رئيس الوزراء- من احتمال أن يؤدي القرار القضائي الأخير إلى “بوليكست”، في إشارة إلى بريكست، وهي المفردة التي استخدمت للحديث عن خروج بريطانيا من الاتحاد.
وأثار القرار القضائي الذي يطعن في غلبة القانون الأوروبي على القانون المحلي انتقادات واسعة في بولندا بصفة خاصة والقارة بصفة عامة. ودعا توسك مواطنيه إلى “الدفاع عن بولندا أوروبية”، مضيفا عبر حسابه على تويتر “علينا أن ننقذ بولندا، لن يقوم أحد بذلك بدلا منا”.
وانضمّت بولندا ودول أخرى من وسط أوروبا وشرقها إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004، بعد 15 عاماً من مساهمة حركة “تضامن” في إسقاط النظام الشيوعي.
جاءت المظاهرات بدعوة من دونالد توسك، الرئيس السابق للمجلس الأوروبي والزعيم الحالي لـ”المنصة الديمقراطية”، أبرز أحزاب المعارضة البولندية
ولا تزال العضوية في الاتحاد الأوروبي تلقى شعبية واسعة وفق استطلاعات الرأي المحلية، إلا أن العلاقة بين وارسو وبروكسل تشهد بعض التوتر منذ وصول حزب “القانون والعدالة” الشعبوي إلى الحكم في عام 2015.
ومن بين نقاط التباين الرئيسية بين الطرفين الإصلاح الواسع للجهاز القضائي الذي يرغب الحزب في إجرائه، والذي يخشى الاتحاد الأوروبي أن يهدد استقلالية القضاء ويؤثر سلبا على الحريات الديمقراطية.
أما أحدث نقاط الخلاف فكانت قرار المحكمة الدستورية (أعلى هيئة قضائية بولندية) الخميس الطعن في غلبة القانون الأوروبي على القانون البولندي، واعتبارها أن بعض مواد معاهدات الاتحاد تتعارض مع دستور البلاد. وأكدت المحكمة أيضاً أن المؤسسات الأوروبية “تتصرف خارج مجال اختصاصها” عبر التدخّل في إصلاحات النظام القضائي المحلي.
وكان الاتحاد الأوروبي حذّر قبل صدور الحكم من أن المسألة قد تكون لها عواقب على بولندا، لاسيما من جهة المنح المخصصة للتعافي من تبعات كوفيد – 19 والقروض الأوروبية الميسّرة.
ورأى محللون أن القرار القضائي هو بمثابة “بوليكست قانوني”، وقد يمهّد الطريق أمام خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي. لكن الحكومة ممثلة برئيسها ماتيوش مورافيتسكي أكدت رغبتها في البقاء ضمن التكتل القاري.
وقال مورافيتسكي على صفحته في فيسبوك إن الانتماء إلى الاتحاد الأوروبي كان “إحدى نقاط القوة في العقود الماضية” لبولندا والاتحاد، مشددا على أن “مكان بولندا (كان) وسيظل في أسرة الدول الأوروبية”. وأوضح أن مسألة غلبة القانون الدستوري على القانون الأوروبي سبق أن حسمتها محاكم في دول أوروبية أخرى.
وتابع “لدينا الحقوق ذاتها كالدول الأخرى. نريد أن يتم احترام هذه الحقوق. نحن لسنا ضيفا غير مرحب به في الاتحاد الأوروبي، ولهذا لا نقبل بأن يتم التعامل معنا كبلد من الدرجة الثانية”.
وعلى الحكومة أن تتخذ قرار نشر الحكم بشكل رسمي ليصبح نافذا قانونيًّا. ويرى خبراء أن الحكومة قد تختار التصرف بحذر لعدم إعاقة التمويل الأوروبي وتفادي التباس قانوني محتمل في حال فاضلت المحاكم البولندية بين تطبيق القانونين المحلي والأوروبي.