تصنيف شركات الإنترنت لوسائل الإعلام يثير انقسام المحللين

التصنيف شركة تويتر يشكل ضربة قاضية لقناة الجزيرة القطرية.
الاثنين 2020/08/24
كشف حقيقة الجزيرة القطرية

سان فرانسيسكو – أثار إعلان تويتر البدء في تصنيف بعض الحسابات التي تديرها وسائل الإعلام وكبار المحررين على أنها “تابعة للدولة” انقساما بين المحللين الذين اعتبروا أن العملية تفتقر إلى الشفافية، بينما رأى آخرون أن من حق المستخدمين معرفة مصدر المعلومات.

وبحسب ما ذكرت الصحافية المتخصصة بالإعلام كورتني رادش في تقرير نشره موقع أحوال تركي، أصبحت المعلومات المضللة القضية الأكثر إثارة للجدل حول المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث وضعت شركات الإنترنت مسألة التمييز بين الدعاية والأخبار العامة ضمن أولوياتها الرئيسية، خاصة عندما تتلقى المنافذ التحريرية المستقلة تمويلا حكوميا.

وينصّ إعلان تويتر الصادر في 6 أغسطس على أن الشركة ستطبق السياسة على الحسابات التي تديرها وسائل الإعلام الإخبارية التي تحدد ارتباطها بالدولة أو كبار موظفيها، من أولئك الذين ينتمون إلى ما يسمّى مجموعة 5+1 (الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وقال الإعلان إن وسائل الإعلام التي تمولها الدولة والتي تتمتع باستقلالية تحريرية، مثل هيئة الإذاعة البريطانية في المملكة المتحدة والإذاعة الوطنية العامة الأميركية، ليست معنيّة بهذا التصنيف. وستُصنّف الحسابات التي يُديرها المتحدثون باسم الحكومة، مثل وزراء الخارجية والسفراء.

وقال نيك بيكلز، مدير استراتيجية السياسة العامة في تويتر، للجنة حماية الصحافيين، إن الحسابات المصنّفة ومحتوياتها لن تكون ضمن أنظمة التوصية بالمنصة، ممّا يعني أن احتمال رؤية القراء لمنشوراتهم سيكون أقل.

ويطبق كل من فيسبوك وغوغل المالك لموقع يوتيوب سياسة مشابهة لما تقوم به تويتر بخصوص عدم قبول الإعلانات من وسائل الإعلام التي تسيطر الدولة عليها، بينما يحظر فيسبوك حسابات وسائل الإعلام الحكومية من الإعلان الموجّه إلى الجمهور الأميركي لمخاوف بشأن المعلومات السياسية التي يتم التلاعب بها قبل الانتخابات في نوفمبر.

وقال ممثلو يوتيوب إن الشركة تستخدم علامة مميزة لتحديد المنافذ التي تمولها الدولة وإعلاناتها. ويبدو أن جهود التصنيف جاءت في الوقت المناسب لمواجهة تدخل الحكومة. فعندما وقف كبار المسؤولين التنفيذيين في فيسبوك وغوغل أمام لجنة مكافحة الاحتكار بالكونغرس في يوليو، كان

عليهم الإجابة عن أسئلة حول كيفية معالجة منصاتهم للمعلومات المضللة. ودعا تحقيق برلماني بريطاني منفصل إلى تأسيس جهة تنظيمية مستقلة لفرض قاعدة أخلاقية إلزامية على الشركات التي يُنظر إليها على أنها تسهّل انتشار “الأخبار المضللة”، مع القدرة على رفع دعاوى قانونية ضدها بسبب الانتهاكات.

وأيد مؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس هذه المساءلة لشركات الإنترنت، وقال إن شركات التقنية “تستحق” هذا النوع من التدقيق الذي واجهته خلال جلسات الاستماع في الكونغرس، وفق تصريحات له مع إذاعة “آرمتشير إكسبرت”

وأضاف “إن كنت ناجحا مثلي أو مثل أي من هؤلاء الأشخاص، فأنت تستحق أسئلة فظة وغير عادلة وصعبة”. وتابع “يحق للحكومة انتقادك. وهذا النوع من الاستجواب القاسي يأتي مع المنطقة الناجحة للغاية، ولا بأس في ذلك”.

ويقول العديد من المراقبين والعاملين في المنافذ الإعلامية التي خضعت لمثل هذه التصنيفات إن العملية تفتقر إلى الشفافية. فقد قال البعض إنهم يرون أن التسميات مهينة بينما رحب آخرون بها، مشيرين إلى قدرتها على توفير الشفافية للمستخدمين في ما يتعلق بمصدر المعلومات.

بيل غيتس: شركات التقنية تستحق أسئلة فظة وغير عادلة وصعبة
بيل غيتس: شركات التقنية تستحق أسئلة فظة وغير عادلة وصعبة

وتعتبر شبكة الجزيرة الإخبارية التي تمولها الدوحة إحدى وسائل الإعلام التي ستخضع لهذا التصنيف، فعلى الرغم من أن الحسابات التي تديرها القناة لم تصنّف بعد، إلا أن ممثليها قالوا إن هذا قد يتغير دون سابق إنذار.

وقال أندرو كونشسكي، الشريك في “سي.إل.إس” ستراتيجيز التي مثلت الجزيرة في المناقشات مع فيسبوك، إن “هناك فرقا كبيرا بين تصنيف يوتيوب وفيسبوك. فالتمويل الحكومي أمر مثبت لكن مدى سيطرة الدولة يبقى أمرا لا يمكن الإجماع عليه. ويتحكّم فيسبوك في الكثير مما نراه والمحتوى من حولنا، مما يزيد من أهمية قراره وتصنيفاته”.

وأضاف مايكل ويفر، نائب الرئيس الأول لتطوير الأعمال والنمو في الجزيرة “يكمن سبب اعتراضنا بقوة في أن التصوّر يشكّل الواقع في العالم الذي نعيش فيه. إذا جرى تقويضنا على منصات أخرى، فإن تأثير هذا سيمتد عبر كل الصراعات الجيوسياسية التي تحدث في المنطقة”. فمنذ 2017، دعت اللجنة الرباعية الخليجية قطر إلى إغلاق القناة. وقال إن التصنيف “قد يكون ضربة قاضية للشبكة”.

ويرى عدد من الصحافيين والخبراء أن تحديد مستوى تدخل الدولة في وسيلة إعلامية معينة يتطلب خبرة كبيرة. وقال الكثيرون إنهم يوافقون على أهمية دور المنصات في معالجة الدعاية والتضليل. ومع ذلك، لم يتمكنوا من الإشارة إلى دليل على تأثير التصنيف. ولا يعلمون ما إذا كان يحسّن الثقافة الإعلامية أو يُقلل من انتشار الدعاية أو ما إذا كان يغيّر الطريقة التي يتفاعل بها القراء مع المحتوى المصنّف.

أثناء ذلك، تتبنى الشركات تعريفات من شأنها أن تقلل من ظهور منافذ إعلامية مختارة، وقدرتها على الإعلان، وكيف يصل الجمهور إليها ويتعامل معها على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال ماثيو بايز، مدير الإستراتيجيات الرقمية في وكالة صوت أميركا التي يمولها الكونغرس، والتي تنشر على حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي بـ47 لغة “أعتقد أن معظمنا يؤيد مساعدة المستخدمين على تحديد مصدر أخبارهم”.

وأفادت أنيا شيفرين، الصحافية السابقة التي تدير دراسات التكنولوجيا والإعلام والاتصالات في كلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا “أنا أؤيد التصنيف. إذا كنت ضد التنظيم، فعليك أن تساند حق المستهلك في الاختيار. ويعتبر وضع العلامات جزءا من تسهيل لاختيار المستهلك”. وبدأت شركة غوغل في تحديد المنافذ “الممولة من الدولة” على يوتيوب في 2018، وتعمل اليوم على تصنيف المحتوى من 22 دولة.

18