تصاعد غضب الأكراد الذين أقيل رؤساء بلدياتهم في تركيا

يتصاعد الغضب في المدن التركية التي أقصي رؤساء بلدياتها المؤيدون للأكراد بعد أن عمدت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، وهي حكومة حزب العدالة والتنمية التي تلقت هزيمة مدوية في انتخابات 2019 المحلية، إلى حرمان هذه المدن من رؤسائها المنتخبين ديمقراطيا وتعويضهم بآخرين من حزب العدالة والتنمية.
ماردين (تركيا) - بالرغم من مرور أشهر على الحادثة إلا أن غضب الأتراك يتصاعد على إقصاء رؤساء بلديات تركيا المنتخبين ديمقراطيا بعد أن عمدت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى تنحية هؤلاء والزج بهم في السجون إثر النكسة التي مُني بها حزب العدالة والتنمية الحاكم في انتخابات 2019.
وفي مقهى صغير في ماردين (شرق) يتغلب الغضب على الإذعان عندما يُطرح الموضوع. ففي أغسطس، أقالت الحكومة رئيس بلدية المدينة المنتخب ديمقراطيا والمؤيد لقضايا الأكراد، الأمر الذي أثار استياء السكان.
وانتخب أحمد ترك، وهو شخصية شعبية في الحركة الكردية، في أواخر مارس 2019 بنسبة 56.2 في المئة من الأصوات، ولكن الحكومة استعاضت عنه بتعيين شخصية إدارية على رأس بلدية المدينة، بعد أن اتهمته السلطات التركية بأن له صلة بالتمرد الكردي، وهو اتهام عادة ما يوجه للأصوات الغاضبة على الأداء الحكومي أو التي تنتقد الرئيس التركي. والتاريخ يعيد نفسه في تركيا فأحمد ترك البالغ من العمر 77 عاما كان قد عُزل من منصبه كرئيس لبلدية ماردين في نوفمبر 2016 ووضع قيد الاحتجاز لأكثر من شهرين.
وبعد مرور أكثر من عام بقليل على الانتخابات البلدية الأخيرة، يدير اليوم إداريون، عينتهم الدولة محل رؤساء البلديات المنتخبين، أربعين بلدية من أصل 65 في جنوب شرق البلاد ذي الأغلبية الكردية.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة من الحكومة التركية تهدف إلى إعادة المرشحين من حزب العدالة والتنمية الذين فشلوا في كسب أصوات الناخبين.
وترشح رؤساء البلديات المخلوعون تحت راية حزب الشعوب الديمقراطي الذي تعتبره السلطات التركية واجهة سياسية للتمرد الذي يخوضه حزب العمال الكردستاني ضد الحكم المركزي.
بعد عام على الانتخابات يدير إداريون، عينتهم الدولة محل الرؤساء المنتخبين، أربعين بلدية من أصل 65 شرق تركيا
وبالإضافة إلى رئيس بلدية ماردين، عُزل كذلك رئيسا بلدية دياربكر، أكبر مدينة ذات أغلبية كردية في تركيا، ومدينة فان.
وفي ماردين، حل حاكم المحافظة الذي عينته الحكومة محل أحمد ترك على رأس بلدية المدينة التي يبلغ عدد سكانها 800 ألف نسمة، ويشكو الكثير منهم من نقص الخدمات والتنمية.
وقال صاحب المقهى في ماردين فرات كاياتار “لا أحد يهتم بالقيام بشيء أو يرفع صوته. لا أحد يدري ماذا يمكن أن يحدث لنا غدا”.
وأضاف “سيكون من الأفضل عدم تنظيم انتخابات في المنطقة لأنها المرة الثانية التي يستبدلون فيها رؤساء البلديات المنتخبين بإداريين معينين”.
وشاطره عبدالعزيز (57 عاما)، أحد الجالسين في المقهى، الرأي قائلا “لا أحد يستمع على أي حال. ليس لدينا من نشكو إليه. الحاكم يجلب لنا الموز عندما نحتاج إلى الخبز”.
ونفى حزب الشعوب الديمقراطي وجود أي صلة بين رؤساء البلديات الذين ينتمون إليه وحزب العمال الكردستاني ووصف عزلهم بأنه “هجوم” ضد الأكراد الذين يمثلون أكثر من 20 في المئة من سكان تركيا.
كما اتهم الحزب الحكومة بعرقلة مكافحة فايروس كورونا في شرق البلاد “من خلال القمع الذي يمارس ضد المؤسسات الكردية الديمقراطية، ولاسيما البلديات”.
وقالت إيما سينكلير ويب، مديرة شؤون تركيا في منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية المدافعة عن حقوق الإنسان، “الاتهامات الملفقة ضد حزب الشعوب الديمقراطي تنبع من محاولة سياسية من قبل الحكومة لتدمير شرعيته”. ودافع فاروق كيليتش، رئيس شعبة ماردين في حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس أردوغان، عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة قائلاً “في الحقيقة رؤساء البلدية هؤلاء كانوا ممثلين عن قنديل” في إشارة الى جبل قنديل، مقر قيادة حزب العمال الكردستاني في شمال العراق. وأضاف “لم يكن أي منهم يتحدث بحرية”.
وتتهم الحكومة بانتظام رؤساء البلديات المنبثقين من صفوف حزب الشعوب الديمقراطي بوضع أموال بلدياتهم تحت تصرف حزب العمال الكردستاني.
وتعد أنقرة وحلفاؤها الغربيون حزب العمال إرهابياً بسبب حركة التمرد التي يخوضها منذ عام 1984. ولكن سينكلير ويب قالت إن الحكومة تسعى إلى “إزالة جميع الفروق بين حزب الشعوب الديمقراطي الذي يحترم قواعد الحياة البرلمانية وممثليه المنتخبين من جهة، والتنظيم المسلح من جهة أخرى”.
ويرى إرين كيسكين، من جمعية حقوق الإنسان ومقرها أنقرة، أن هناك سببا “اقتصاديا” لإقصاء رؤساء البلديات الأكراد، باعتبار أن بعض البلديات تحصّل موارد ضخمة.
وبشكل أكثر وضوحا، اتهم نائب رئيس حزب الشعوب ساروهان أولوتش الحكومة بسحب عائدات البلديات لدعم شبكاتها ومؤيديها. وقال إن الحكومة “تستخدم الإيرادات التي تحصّلها الإدارات المحلية لتقوية نفسها”.