تصاعد الطلب على المطهرات يقوّض صناعة الكحول في تونس

تقلّص إمدادات الكحول لمصانع العطور ومواد التجميل والمشروبات جراء كورونا.
الخميس 2020/04/23
أولوية التزويد للقطاع الصحي

أدّى تزايد الطلب على المطهّرات ومواد التعقيم في تونس إلى تقويض عمليات وكالة الكحول في تزويد مصانع العطور ومواد التجميل وصناعات النبيذ، بفعل توجيه الأولوية إلى المستشفيات والصيدليات لدعم جهود مكافحة كورونا.

تونس - دفع الضغط الكبير على مسالك توزيع الكحول نحو القطاع الصحي إلى اضطراب حاجيات تزوّد القطاعات الأخرى كصناعة العطور ومواد التجميل والنبيذ والطباعة نظرا إلى ارتفاع الطلب بنحو غير مسبوق، وغلق الخطوط الجوية والبحرية مع البلدان المنتجة للمادة لاستيراد كميات أخرى لتغطية الحاجة.

وقال مدير عام وكالة الكحول مهدي مبارك في تصريح خاص لـ”العرب”، إنّ “تزايد الطلب على المطهّرات ومواد التعقيم تسبّب في اضطراب مسالك التوزيع مما أثّر على تزويد قطاعات صناعية أخرى”.

مهدي مبارك: الطلب على مادة الكحول ارتفع بنحو 60 في المئة
مهدي مبارك: الطلب على مادة الكحول ارتفع بنحو 60 في المئة

وأضاف أن “إجراءات الحجر الصحي وإغلاق عدد من الخطوط البحرية والجوية مع الدول المصدّرة للكحول قلّصا الكميات المتوافرة في المخزون، خصوصا مع غلق منافذ التبادل التجاري مع أكبر منتجي الكحول كفرنسا والمغرب وباكستان والبرازيل”.

وتسبب انفجار الطلب على مادة الكحول في القطاع الصحي بالتزامن مع وباء عالمي في اضطراب بعض أنشطة العاملين بقطاعات أخرى كالعطور ومواد التجميل وصناعات النبيذ، إضافة إلى صعوبات تشهدها الوكالة لتأمين المخزونات المطلوبة بفعل الإجراءات الاستثنائية للدول المنتجة التي وصلت حدود المنع الكلّي لتصدير هذه المادة.

وأشار مدير عام الوكالة إلى أن “الطلب على مادة الكحول ارتفع بنحو 60 في المئة، في المقابل تمتلك الوكالة مخزونا استراتيجيا ذا صبغة تجارية، ومع تزايد الطلب ودقة المرحلة تم توجيهه نحو الأولوية الصحية ولو على حساب قطاعات أخرى نظرا إلى الظرف الدقيق المتعلّق بالصحة والأمن العام”.

وأكدت وكالة الكحول في بيان أن إجراءات ترشيد توزيع الكحول تم الاتفاق عليها بين وزارة المالية ووزارة الصحة، بما يضمن مخزونات إستراتيجية من مستحضرات الأدوية والمطهّرات، حيث رتّبت وزارة الصحة أولويات التزوّد لمخابر الصناعات الصيدلية طبقا لدرجة أهلية صنع المواد المطلوبة، كما سمحت كذلك لكل المؤسسات المختصة في تزويد المستشفيات العمومية والخاصة بمستحضرات التعقيم والاستعمالات الطبية.

وأكد مهدي مبارك مدير عام الوكالة أن “التزويد سيعود إلى حركته الطبيعية خلال النصف الثاني من شهر مايو المقبل”، مشيرا إلى أن “قطاعات الصناعية الأخرى غير الطبية والمستخدمة لمادة الكحول متضررة بطبيعتها بفعل الإغلاق والحجر الصحي الشامل والكلّي”.

وتمثّل المنتجات الصناعية بمختلف أنواعها نحو 17 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي لتونس، ممّا يعني أن تضررها بمفعول الوباء سيكلّف الاقتصاد المحلّي فاتورة باهظة، مما اضطر العديد من المصانع إلى إطلاق صيحة فزع بعد أن أجبرتها أزمة الوباء على تعطّل إنتاجها.

وخصّصت الحكومة التونسية خطة مساعدات قيمتها نحو 850 مليون دولار للمؤسسات والأفراد بهدف مواجهة التداعيات الاقتصادية لتفشّي فايروس كورونا.

إجراءات الحجر الصحي وإغلاق الخطوط البحرية والجوية مع الدول المصدرة للكحول قلصا الكميات المتوافرة في المخزون

ولفت المدير العام إلى أن “الوكالة ليست غافلة على حاجيات المصانع الأخرى وستعمل على تزويدها في أقرب الآجال، خصوصا وأن نسبة الحاجة إلى الكحول ستتقلّص مع الرفع التدريجي للحجر الصحي الشامل”.

وشدد على أنّ “المرحلة دقيقة تستوجب منح الأولوية للقطاع الصحي، ومعاضدة جهود الدولة في مكافحة الوباء”.

وفي سياق متصل أصدرت الصيدلية المركزية طلب عروض للتزوّد بكميات كبيرة من المطهّرات ومواد التعقيم، فيما تمّ السماح لكافة المؤسسات المتعاقدة باقتناء الكحول من الوكالة وذلك في حدود الكميات المضبوطة والمحددة بالبطاقات الفنية للتصنيع. إضافة إلى السماح لمراكز تصفية الدم والمؤسسات المختصة في تزويد الصيدليات للبيع بالتفصيل بالتزوّد بمادة الكحول، وذلك في إطار إحكام إجراءات تزويد كل الفاعلين المباشرين في مجال الصحة العامة.

ونوّهت وكالة الكحول إلى أن تلبية طلبات كل المصانع العاملة في مجال التزوّد بالكحول دون اعتماد آلية الترشيد سيؤدي إلى نفاذ المخزونات في وقت قياسي، بما يشتّت مجهودات الدولة في مكافحة الجائحة العالمية لوباء كورونا، حيث تشهد الوكالة صعوبات على مستوى إجراءات التزوّد الاعتيادية من السوق العالمية، مما اضطر الوكالة بإشراف وزارة المالية وباستشارة السلطة التنفيذية إلى اللجوء إلى إنجاز صفقات بالتفاوض المباشر، وذلك قصد ضمان تزويد كل حاجيات الصناعيين دون استثناء.

وأكدت الوكالة أن وتيرة تزويد السوق ستعود بصفة عادية مع نهاية مايو المقبل على أقصى التقدير، إضافة إلى وصول كمية من الكحول الموردة إلى ميناء رادس، بما سيساهم في تحسين نسق التزويد بالكحول.

وأشارت الوكالة في سياق آخر إلى أن المشروع المستقبلي لتداول الكحول المعلّبة سينضوي تحت إجراءات القانون لاقتفاء أثر المواد عبر كل مسالك التوزيع حفاظا على القدرة الشرائية للمستهلك مع توفير شروط الصحة والسلامة المستوجبة من خلال إرساء آلية تحديد المسؤوليات في صورة تداول سلع غير مطابقة للمواصفات أو مغشوشة، وبالتالي رفع مستوى فاعلية التحكّم في مسالك التوزيع ومراقبتها.

11