تسريب يُرغم إيران على الإقرار بارتكاب انتهاكات في سجن إيفين

أقرت إيران لأول مرة بارتكاب انتهاكات داخل سجونها، حيث أجبرها تسريب نشرته جماعة تسلل إلكتروني عن حالات تعذيب في سجن إيفين بالعاصمة طهران على الاعتراف بوجود انتهاكات تعهدت على لسان رئيس مصلحة السجون محمد مهدي حاج محمدي بعدم تكرارها.
طهران – أرغم تسريب انتشر بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن عمليات تعذيب في سجن إيفين بالعاصمة طهران الحكومة الإيرانية على الإقرار بانتهاكات في هذا السجن في اعتراف نادر رغم تعاظم الاتهامات للسلطات الإيرانية.
واعتذر رئيس مصلحة السجون الإيرانية محمد مهدي حاج محمدي عن “الأحداث المريرة” في سجن إيفين، بعدما أظهرت لقطات مُصورة سربها متسللون عبر الإنترنت اعتداءات بالضرب على سجناء.
ونشرت جماعة تسلل إلكتروني تطلق على نفسها اسم “عدالة علي” التسجيلات المصورة على مواقع التواصل الاجتماعي والتي التقطتها على ما يبدو كاميرات المراقبة الأمنية وتظهر حراسا يضربون سجناء ويجرون أحدهم على الأرض.

محمد مهدي محمدي: أتعهد بالعمل على منع تكرار الأحداث المريرة مع السجناء
وتُظهر إحدى اللقطات رجلا هزيلا يتم جره نحو السجن، بينما كان رجل دين يسير على الدرج ويمر بجانب الرجل دون أن يلتفت إليه. كما شوهد حراس في مقطع فيديو آخر وهم يضربون أحد السجناء.
وفي مشاهد أخرى كان حراس السجن يتقاتلون في ما بينهم، كما يفعل السجناء وقد حشر الكثير منهم في غرفة واحدة.
ووعدت المجموعة، التي اخترقت نظام شبكة كاميرات المراقبة في سجن إيفين، بأن تستمر “في فضح الممارسات الجائرة للحكومة والإعدامات وما يجري في سجونها السرية لإسكات المناضلين”.
وبدا واضحا أن الجماعة تستهدف الرئيس الإيراني المنتخب حديثا إبراهيم رئيسي المتورط في إعدام الآلاف في عام 1988 التي عادت بقوة إلى الواجهة غداة تسلمه منصبه رسميا وكذلك بدء محاكمة مواطن إيراني في السويد في نفس القضية.
وبدأت السويد في العاشر من أغسطس الجاري محاكمة الإيراني حميد نوري المحتجز لديها منذ عامين تقريبا وتتهمه بلعب دور رئيسي في إعدام سجناء سياسيين بأوامر الحكومة داخل سجن كوهردشت في كرج بإيران عام 1988.
وفي خطوة تعكس أن المستهدف الرئيسي من تسريبات الجماعة هو الرئيس الإيراني الجديد جاء في الرسالة التي ظهرت على الشاشات في غرفة التحكم في السجن بعد أن اخترقتها المجموعة “سجن إيفين وصمة عار على عمامة رئيسي السوداء ولحيته البيضاء”.
وقال أربعة سجناء سابقون في إيفين، بالإضافة إلى ناشط إيراني في مجال حقوق الإنسان في الخارج، لوكالة أسوشيتد برس إن مقاطع الفيديو تشبه مناطق من المنشأة في شمال طهران.
وتطابقت بعض المشاهد أيضا مع صور للمنشأة التقطها صحافيون سابقا، بالإضافة إلى صور للسجن كما شوهدت في صور الأقمار الصناعية التي تم الوصول إليها من قبل وكالة أسوشيتد برس.
وقال رئيس مصلحة السجون محمد مهدي حاج محمدي في تغريدة على تويتر نشرتها وسائل إعلام رسمية “في ما يتعلق بصور سجن إيفين، أتحمل المسؤولية عن هذا السلوك غير المقبول وأتعهد بالعمل على منع تكرار تلك الأحداث المريرة والتعامل بحسم مع المخطئين”.

وأضاف “أعتذر إلى الله سبحانه وتعالى، وإلى قائدنا العزيز (الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي) وإلى الأمة وإلى حراس السجن الشرفاء الذين لن يتم تجاهل جهودهم بسبب تلك الأخطاء”.
وكان ذلك اعترافا نادرا بانتهاكات لحقوق الإنسان في إيران، التي دأبت على رفض الانتقادات لسجلها في حقوق الإنسان ووصفها بأنها بلا أساس.
ولطالما انتقدت جماعات غربية مدافعة عن حقوق الإنسان سجن إيفين، الذي يحتجز في الغالب معتقلين يواجهون اتهامات أمنية، وأدرجته الولايات المتحدة على القائمة السوداء في عام 2018 بسبب “انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان”.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير “تستخدم سلطات سجن إيفين التهديد بالتعذيب والتهديد بالحبس لأجل غير مسمى وتعذيب الأقارب والخداع والإذلال والاستجوابات اليومية المتعددة التي تستمر لخمس أو ست ساعات، والحرمان من الرعاية الطبية وزيارات الأقارب”.
وإلى جانب الانتهاكات في السجون، فإن إيران من أكثر الدول تنفيذا لأحكام الإعدام وهو ما يجعلها في مرمى انتقادات حقوقية متصاعدة.
وفي وقت سابق ذكرت مفوّضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه أنّ 95 شخصا على الأقل، بينهم ستّ نساء، أعدموا في إيران منذ مطلع العام الحالي.
وأعلنت باشليه أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف خلال تقديم تقريرها حول حقوق الإنسان في إيران أنّ “أكثر من 80 من الجانحين الشبّان ينتظرون اليوم في أروقة الموت، يواجه أربعة منهم خطر التنفيذ الوشيك لعقوبة الإعدام”. وبحسب باشليه، فقد تمّ إعدام 267 شخصا في إيران في العام 2020، بينهم تسع نساء.
وقالت المفوّضة الأممية إنّ أحكام الإعدام تصدر بشكل متواتر في إيران “بناء على اعترافات تنتزع تحت التعذيب أو بعد انتهاكات خطيرة للحق في محاكمة عادلة”.

