تركي الدخيل نجما

تفرح لصديق عندما يحظى بالتكريم. تكريم رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للسفير السعودي تركي الدخيل بواحد من أرفع أوسمة دولة الإمارات وهو وسام “زايد الثاني” هو تكريم لدور متعدد الأوجه للعلاقة بين الإمارات والسعودية، وللشخصية التي قامت بالمهمة حتى من قبل التعيين في منصب السفير. الاستقبال والتكريم والأريحية التي حظي بها الدخيل من قبل وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان تكشف عن عمق العلاقات التي تأسست في أبوظبي عبر السنين.
السفير تركي الدخيل من الشخصيات الاستثنائية. مرّ بمراحل تكوين متعددة انعكست ثراء على شخصيته وما حققه من إنجاز على مراحل متسارعة. ومع كل نجاح، كان الدخيل يؤسس للخطوات القادمة نحو نجاحات أفضل. فمركزه البحثي “مسبار” كان منهجيا في تفكيك ظاهرة الإسلام السياسي، ودار “مدارك” للنشر استقطبت أفضل الكتّاب، وبرنامجه “إضاءات” نفتقده اليوم ونتمنى عودته.
وفي لحظة فارقة في العلاقات بين الإمارات والسعودية كان الدخيل الناقل الأمين للرسائل بين دولتين مرت العلاقات بينهما بمراحل مدّ وجزر، ثم ليصبح سفيرا باستحقاق من خارج السلك الدبلوماسي التقليدي.
تركي الدخيل الشخصية الإنسانية والثقافية لا تختلف كثيرا عمّا تراه في “إضاءات”. المرح يغلب على كل ما يقوم به. وهذا ينعكس جوا إيجابيا في أيّ لقاء يجمعه مع الآخرين ولا شك أنه من أدواته الدبلوماسية الشخصية التي أطّرت مسيرته. ولعل أهم ما في تلك الشخصية أنه لا يذمّ ولا يغتاب. يعلم أن البشر خلقوا أشكالا متنوعة وعلّمته الخبرة وذكاؤه اللافت أن من العبث تغيير الأشرار، وأن الخير موجود وهو ما يسيّر الحياة ولا يترك إلا الفشل لمن يحاول عرقلة مسيرة الخير.
لسنوات طويلة، ورغم اللقاءات المتفرقة التي تفصل بينها في بعض الأحيان السنوات، كنت أقول إن الدخيل، بانفتاحه وليبراليته الفكرية والشخصية وتسامحه الديني، هو من أوجه الشخصية السعودية التي نتمناها. في ذلك الوقت كان آخرون يُروّجون لصورة السعودي المتشدد صاحب العصا التي ترهب الآخرين بحثا عن ورع مصطنع يحرّكه الخوف. كان هذا التمني يبدو صعبا. لكن حركة التاريخ دفعت بالمجتمع السعودي بعيدا عن تلك الصورة المتشددة. اليوم نرى أمثال تركي الدخيل في كل مكان. الانفتاح والتسامح والوعي الفكري والثقافي صارت علامات الجيل الشاب في سعودية متغيرة. تلاقت تمنياتنا مع الواقع بسرعة لم نكن نتخيلها.
السفارة قد تكون مرحلة من مراحل تركي الدخيل. لكن هذه الشخصية الفذة ستبقى قادرة على تقديم الكثير. ثمة نجومية للدخيل في كل مرحلة مهنية وشخصية من حياته.