تركيا وروسيا تتسابقان للسيطرة على الطريق الدولي أم 4 في سوريا

الجيش التركي يفتح جبهة قتال جديدة ضد قسد في عين عيسى.
السبت 2020/12/19
تركيا تهاجم عين عيسى تحت أنظار روسيا

دمشق –  تشهد مدينة عين عيسى الاستراتيجية في شمال شرق سوريا معارك عنيفة منذ الأربعاء بين فصائل موالية لأنقرة مسنودة بالطيران الحربي التركي، وقوات سوريا الديمقراطية التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردي.

ويرى مراقبون أن تركيا تحاول استغلال الفترة الانتقالية التي تمر بها الولايات المتحدة حليفة قوات سوريا الديمقراطية للسيطرة على المزيد من المناطق الحيوية ضمن مجال سيطرة الأخيرة، وبينها عين عيسى التي تشرف على الطريق الدولي أم 4.

أمينة عمر: موسكو تضغط على قسد لتسليم عين عيسى لدمشق
أمينة عمر: موسكو تضغط على قسد لتسليم عين عيسى لدمشق

ويشكل الطريق أم 4 إحدى أولويات أطراف الصراع الجاري في سوريا لكونه شريانا تجاريا حيويا حيث يربط بين محافظات حلب واللاذقية والحسكة الحدودية مع العراق.

وكانت السيطرة على هذا الطريق أحد دوافع العملية العسكرية التي شنتها دمشق بدعم من موسكو على محافظة إدلب ومحيطها في ديسمبر الماضي، والتي توقفت بموجب اتفاق تركي روسي في فبراير يقضى بفتح هذا الطريق أمام الحركة التجارية، حيث تجري اليوم دوريات مشتركة بين الطرفين على جنباته.

ويقول المراقبون إن هجوم تركيا اليوم على عين عيسى يهدف لطرد القوات الكردية التي تعتبرها تهديدا وجوديا، وأيضا لتعزيز تموقعها على هذا الطريق بما يكسبها أوراق ضغط على روسيا.

وأفادت وكالة “هاوار” الكردية الجمعة بأن المواجهات مستمرة في المنطقة وسط تحليق مكثف للطائرات المسيرة والطائرات الحربية للجيش التركي، لافتة إلى أن القوات المدعومة تركيا تحاول بسط سيطرتها على قرية مشيرفة الواقعة على بعد كيلومترين فقط عن مركز عين عيسى.

ونقلت الوكالة عن مصادر ميدانية رصدها لتحركات عسكرية مكثفة للفصائل المدعومة من أنقرة في مناطق التماس مع قسد بين ناحيتي تل تمر ورأس العين (الخاضعة لسيطرة تركيا وأذرعها)، وخاصة في ريف ناحية زركان.

من جهته أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الفصائل الموالية لأنقرة شنت، بإسناد مكثف من قبل المدفعية التركية، هجوما عنيفا على قريتي جهبل ومشيرفة، وتتواصل في المنطقة اشتباكات ضارية، ولم تتمكن الفصائل المدعومة تركيا حتى الآن من السيطرة على أي من القريتين.

وذكر المرصد السوري أن قسد استقدمت تعزيزات عسكرية إلى عين عيسى، وذلك بعد يوم من استقدام تركيا وفصائلها تعزيزات مؤلفة من دبابات ومدافع وعربات جند وسيارات رباعية الدفع مزودة برشاشات ثقيلة إلى قرى أبوخرزة وسلوم ورمانة المقابلة لقريتي الهوشان والخالدية المحاذية لطريق “أم 4” الرابط بين حلب والحسكة شرقي عين عيسى.

وسبق وأن طالبت روسيا قوات سوريا الديمقراطية بتسليم عين عيسى إلى دمشق بيد أن قسد رفضت الأمر، ويعتبر سياسيون أكراد أن الصمت الروسي حيال ما تتعرض له عين عيسى من قبل الفصائل الموالية لتركيا الهدف منه ابتزازهم لتسليم المنطقة للنظام.

وحمّلت الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، أمينة عمر روسيا مسؤولية الهجمات التركية على عين عيسى، وقالت إن “روسيا تحاول الضغط على قوات سوريا الديمقراطية، لتسليم الناحية إلى قوات الحكومة السورية”.

واعتبرت عمر أنّ الهجوم التركي على عين عيسى هو لاحتلال المزيد من أراضي مناطق شمال وشرق سوريا، “كما يهدف لزعزعة أمن واستقرار المنطقة، وقطع الطريق بين مناطق شمال وشرق سوريا، نظرا لأهميتها الاستراتيجية ووقوعها على طريق أم 4”.

Thumbnail

وشددت أمينة عمر على أنّ روسيا هي المسؤولة عمّا يجري في عين عيسى الآن، وقالت “كونها مسؤولة عن حماية منطقة عين عيسى من الهجمات التركية”. وهناك اتفاق بين روسيا وقوات سوريا الديمقراطية يقضي بمنع أي هجوم على المدينة.

وحاولت تركيا السيطرة على عين عيسى خلال العملية العسكرية التي جرت في أكتوبر 2019، إلا أنها اضطرت إلى التوقف بموجب الاتفاق الذي تم بين روسيا وقوات سوريا الديمقراطية والذي قضى بانسحاب الأخيرة إلى عمق 30 كلم داخل الأراضي السورية، حيث تولت القوات السورية والروسية السيطرة على المنطقة المخلات، فيما حافظت تركيا على المناطق التي انتزعتها.

وتزامن التصعيد التركي في عين عيسى مع ترويج أنقرة لانسحاب قواتها من 7 مواقع واقعة ضمن مجال سيطرة القوات الحكومية السورية في إدلب في سياق خطة لإعادة الانتشار في مناطق سيطرة الفصائل الموالية لها، الأمر الذي نفاه المرصد السوري.

وقال مصدر عسكري تركي طلب عدم الكشف عن هويته، الجمعة إن آخر عمليات الإجلاء للقوات التركية اكتملت مساء الخميس، وإن القوات أعيد نشرها داخل الأراضي التي تسيطر عليها القوات المدعومة من قبل أنقرة، بموجب تفاهم تم التوصل إليه مع روسيا.

ولفت المصدر إلى أن “الأمر ليس في شكل سحب للقوات أو تقليص أعدادها. الوضع يتعلق فقط بتغيير الموقع”.

وسارع المرصد السوري لتكذيب هذه المزاعم وقال إن لا صحة لما يتم ترويجه من قبل المصادر التركية، مشددا على أن المنطقة لم تشهد خلال 48 ساعة الفائتة أي انسحاب تركي من مواقع لها شمال غرب سوريا.

ويرى مراقبون أن المزاعم التركية قد يكون الهدف منها دعائي بهدف إرباك قوات سوريا الديمقراطية التي لا تزال متماسكة رغم شدة الهجوم عليها في عين عيسى.

وشنت تركيا منذ العام 2015 ثلاث عمليات عسكرية استهدفت قطع أوصال مناطق سيطرة قسد، كان آخرها في العام 2019 وسيطرت خلالها على مدينتي رأس العين من محافظة الحسكة، وتل أبيض من محافظة الرقة.

2