تركيا تنشئ سوقا سوداء للالتفاف على المقاطعة السعودية لها

مصدرون يغيرون مسار البضائع ويزيلون عبارة "صنع في تركيا".
الجمعة 2021/04/02
مقاطعة حازمة لا تقبل الالتفاف

حاول مصدرون أتراك الالتفاف على المقاطعة السعودية غير الرسمية التي كبدتهم خسائر هائلة من خلال تغيير مسار السلع إلى بلدان مجاورة أين يتم إنشاء “سوق سوداء” وإزالة علامة “صنع في تركيا” مقابل عمولات لإظهار البضائع وكأنها قادمة من الصين أو أوروبا.

إسطنبول - قال مصدرون وتجار إن بعض المصدرين الأتراك يحولون مسار مواد غذائية وملابس وغيرها من السلع للالتفاف على مقاطعة غير رسمية منذ أشهر من جانب السعودية أدت إلى تراجع حركة التجارة إلى مستويات متدنية لم تشهدها من قبل.

وأكد مصدرون وتجار ودبلوماسيون في تصريحات صحافية أن الإنتاج في دول قريبة يسمح للمصدرين بالحصول على وثائق جمركية وإزالة عبارة “صنع في تركيا” من السلع بما يسمح بتصديرها إلى المملكة.

ولم تسلم الرياض رسميا قط بمقاطعة تركيا، غير أن رجال أعمال سعوديين كبارا أقروا بها في العام الماضي وقالوا إنها رد على ما وصفوه بعداء من جانب أنقرة، لاسيما منذ اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في 2018 داخل مقر القنصلية السعودية في إسطنبول.

وفي الربع الأول من العام انخفضت صادرات تركيا إلى السعودية 93.1 في المئة إلى 56.2 مليون دولار. لكن مصدرين وتجارا قالوا إن بعض المصدرين الأتراك يحولون مسار مواد غذائية وملابس وغيرها من السلع للالتفاف على المقاطعة.

وهذا الأسبوع أثارت أنقرة المقاطعة للمرة الأولى في اجتماع لمجلس تجارة السلع بمنظمة التجارة العالمية في جنيف، والذي قال الموقع الإلكتروني للمنظمة إنه شهد مناقشة “سياسات وممارسات مكبلة في ما يتعلق بتركيا” من جانب السعودية، ورد السعودية على ذلك. ويمكن أن تساعد خطوة أنقرة في التوصل لتسوية.

93

في المئة نسبة تراجع الصادرات التركية إلى السعودية خلال الربع الأول من العام

وخلصت مراجعة لبيانات التجارة الرسمية إلى أن الصادرات التركية إلى المملكة هوت في الربع الأول من العام 93 في المئة على أساس سنوي إلى 56 مليون دولار.

وقالت رابطة الصادرات التركية إن صادرات الأجهزة الإلكترونية والملبوسات والحلي والسيارات انخفضت كلها بما يفوق 90 في المئة عما كانت عليه قبل عام.

وقال مستورد لمواد البناء إلى السعودية طلب عدم نشر اسمه “بدأت تظهر الآن سوق سوداء ينقل فيها سماسرة البضائع التركية إلى موانئ أخرى ويزيفون الوثائق حتى تبدو السلع وكأنها قادمة من الصين أو أوروبا مقابل عمولات”.

وتوضح البيانات التجارية قفزات موازية غير معتادة بنسب تتراوح بين 200 و400 في المئة في صادرات الملبوسات والمنسوجات والكيمياويات والحلي التركية القادمة إلى سلطنة عمان ولبنان.

وقال مسؤول آخر بشركة تجارية “بعض الشركات التي تعتمد على السعودية كزبون رئيسي حولت خطوط إنتاجها من أجل مواصلة القدرة على البيع”.

وقال شريف فايد رئيس المجلس التركي للملبوسات إن المصنعين يفكرون في إرسال الأقمشة إلى جهة أخرى مثل بلغاريا وصربيا “لوضع اللمسات النهائية” على البضائع المتجهة إلى السعودية.

وأضاف أنه يمكن بهذه الطريقة للشركات التركية أن تفي بتعاقداتها مع الشركات المالكة للعلامات التجارية على مستوى التجزئة التي تلزمها بتسليم البضائع على المستوى العالمي بما في ذلك السعودية.

وتابع “المصدرون يحاولون التغلب على الحصار لكن هذا يعني تكاليف إضافية من أموالهم”.

وأظهرت البيانات التي صدرت الجمعة أن الصادرات التركية إلى بلغاريا وصربيا زادت 58 في المئة ونحو 44 في المئة على الترتيب في مارس مقارنة مع ارتفاع بنسبة 38 في المئة للصادرات إلى جميع الدول في نفس الفترة.

ولم تتلق رويترز تعليقا على الفور من مجالس الأعمال التركية المختصة بكل من سلطنة عمان ولبنان والسعودية.

وقال ثلاثة تجار تحدثوا لرويترز إن شركات تركية كبرى أجرت مباحثات في السعودية في الشهور الأخيرة لإعادة فتح التجارة مع المملكة دون تحقيق أي انفراجة واضحة.

وقال دبلوماسي طلب عدم نشر اسمه إن التجار السعوديين خسروا المليارات من الريالات العام الماضي جراء تكدس البضائع في الجمارك.

وأضاف أن التجار اشتكوا للسلطات وفي النهاية توصلوا إلى حل “لإدخال المنتجات التركية لاسيما المنتجات التي ليست لها بدائل أفضل”.

بيانات تجارية توضح قفزات موازية غير معتادة بنسب تتراوح بين 200 و400 في المئة في صادرات الملبوسات والمنسوجات والكيمياويات والحلي التركية القادمة إلى سلطنة عمان ولبنان

ولم يعلق مكتب التواصل الحكومي في الرياض على المقاطعة. وكان وزير الخارجية قال في مقابلة في نوفمبر قبل بدء الانخفاض الحاد في حركة التجارة إنه لا يوجد من البيانات ما يشير إلى المقاطعة.

غير أن حزب المعارضة الرئيسي في تركيا زاد الضغوط من أجل الرد بالمثل وتعويض المصدرين عن خسائرهم. وقال النائب المنتمي لحزب الشعب الجمهوري محمود طنال في مقابلة “إذا فرضت حظرا على بضائعي فسأفرض حظرا على بضائعك”.

وردا على تصريح طنال، قال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو إن تركيا مصممة على “أخذ الخطوات الضرورية” إذا فشل الحوار والدبلوماسية في إنهاء “المقاطعة غير الرسمية السعودية”.

وقد حاولت أنقرة والرياض في الأشهر الأخيرة إصلاح بعض الضرر الدبلوماسي، وذلك بعد توتر العلاقات على مدار نحو عشر سنوات خاصة بعد مقتل خاشقجي عام 2018.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز قد اتفقا في نوفمبر على “إبقاء قنوات الحوار مفتوحة لتحسين العلاقات الثنائية والتغلب على المشاكل”، كما سعت أنقرة في الآونة الأخيرة لتحسين العلاقات مع مصر حليفة السعودية.

وأدى دعم رجال أعمال كبار في السعودية للمقاطعة إلى شكاوى من منظمات تجارية تركية، لكن رد فعل الحكومة التركية كان هادئا.

ورغم تواتر الدعوات إلى مقاطعة المنتجات والوجهة السياحية التركية خلال السنوات الأخيرة، إلاّ أنّ السعودية لم تتّخذ أي إجراء اقتصادي أو تجاري عقابي معلن ضدّ تركيا حرصا منها على عدم الإخلال بالتزاماتها واحتراما للاتفاقيات الموقّعة في هذا المجال، لكنّها في المقابل لم تعمل على تشجيع الحركة التجارية والسياحية مع تركيا وإزالة ما يمكن أن يطرأ من عوائق إدارية أمامها، الأمر الذي كلّف الجانب التركي المستفيد من تصدير منتجاته إلى المملكة ومن تدفّق السياح السعوديين بعض الخسائر المالية.

10