تركيا تسمّم أجواء الحوار الليبي بتحريك أسطولها العسكري

تحاول تركيا تسميم أجواء الحوار بين الأطراف السياسية في ليبيا وضرب المخرجات التي يمكن أن تترتب عنه، مقابل تمرير أجنداتها في المنطقة، حيث كشفت مصادر ليبية عن قيام أنقرة بإقامة جسر جوي غير مسبوق نحو قاعدة الوطية العسكرية غرب البلاد، في خطوة يصفها مراقبون بـ”العدوانية” ضد الجيش الليبي.
تونس - لا تتوقف تركيا عن استفزازاتها العسكرية في ليبيا عبر تحريك وحدات من أسطولها الحربي قرب خليج سرت، والاستمرار في تكديس الأسلحة في قاعدة الوطية بغرب ليبيا، بالتوازي مع الإيعاز لأدواتها الوظيفية السياسية بإجهاض الحوار السياسي والدفع به نحو الانسداد الذي يخدم مصالحها وأجنداتها التخريبية.
وفي تصعيد جديد لهذه الاستفزازات التي لا تخلو من نزعة عدوانية مُحملة بتحد واضح للإرادة الدولية التي ترنو إلى التهدئة في ليبيا لإنجاح مسار الحوار السياسي، كشفت مصادر ليبية عن قيام تركيا بجسر جوي غير مسبوق نحو قاعدة الوطية العسكرية بغرب ليبيا.
وأكدت أن القيادة العسكرية التركية أرسلت ست طائرات شحن عسكرية إلى ليبيا، حيث هبطت يومي الخميس والجمعة الماضيين قادمة من قاعدة “مرزيفون” التركية في قاعدة الوطية الليبية الواقعة على بعد حوالي 150 كلم عن العاصمة طرابلس، ونحو 25 كلم عن الحدود التونسية.
وأشارت إلى أن تلك الطائرات كانت مُحملة بمعدات عسكرية متطورة منها منصات صواريخ أرض/جو، وبطاريات مدفعية ميدان بعيدة المدى، إلى جانب كميات كبيرة من الذخائر الحربية المُتنوعة التي يتم تكديسها في هذه القاعدة التي سلمتها حكومة السراج إلى تركيا منذ سقوطها في مايو الماضي.

خالد المحجوب: رصد تحركات القطع البحرية تم السبت قبالة خليج سرت
وبالتوازي، دخلت ست قطع بحرية عسكرية تركية (فرقاطات وبوارج) صباح السبت إلى المنطقة الممتدة بين مدينتي مصراتة وسرت، وذلك بعد غياب عن المنطقة دام عدة أشهر في أعقاب وقف إطلاق النار المُعلن عنه في أغسطس الماضي بين القوات الموالية لحكومة الوفاق والجيش الليبي.
وذكرت وسائل إعلام محلية ليبية أنها رصدت صورا لقمر صناعي لمؤسسة”أوسنت” كشف عن “وجود 6 فرقاطات وبوارج تركية في المنطقة المقابلة لبلدة أبوقرين غربي سرت”، بدت وهي تُبحر في تشكيلين منفصلين.
ونقلت صحيفة “المرصد الليبي” الإلكترونية، عن مصدر عسكري لم تذكره بالاسم، قوله، إن الجيش الليبي “مُلتزم بوقف إطلاق النار وفقا لاتفاق 5+5 وقد بدأ تنفيذ ما يتعلق به في هذا الاتفاق، ولكن قابل ذلك تحشيدات تركية غير مسبوقة برا وبحرا وجوا”.
وشدد على أن “تركيا ترفض اتفاق 5+5 منذ البداية، وننتظر موقفا من رعاة اتفاق جنيف من هذا التصعيد”، علما وأنه تم خلال الأيام الماضية رصد رحلات جوية مكثفة قام بها سلاح الجو التركي نحو غرب ليبيا عبر طائرات شحن عسكري ضخمة من طراز “أ 400”، وصل عددها إلى نحو 25 رحلة خلال الفترة ما بين 28 نوفمبر و4 ديسمبر الجاري.
وتم رصد هذه الطائرات في رحلات انطلقت من القواعد العسكرية التركية “كونيا وقيصري و ميرزفون وأتاتورك في أزمير”، وذلك باتجاه قاعدة الوطية غرب ليبيا، وبدرجة أقل نحو الكلية الجوية بمدينة مصراتة.
وأكد الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر بدوره، أنه رصد تحركات بحرية لعدد من القطع الحربية التركية داخل المياه الإقليمية الليبية غير بعيد عن خليج سرت الذي يُعد واحدا من مناطق التماس التي يشملها خط سرت – الجفرة، الذي يمثل الخط الفاصل بين الجيش الليبي والميليشيات الموالية لحكومة الوفاق المدعومة من تركيا.
وقال اللواء خالد المحجوب، مدير التوجيه المعنوي بالجيش الليبي، في تصريحات سابقة، إن “رصد تحركات القطع البحرية التركية تم السبت قبالة خليج سرت”، فيما أصدر اللواء أحمد سالم عطية، آمر غرفة عمليات تحرير غرب سرت التابعة للجيش الليبي، أوامره إلى جميع ضباط الوحدات العسكرية إلى “رفع درجة الاستعداد مع أخذ الحيطة والحذر والإبلاغ عن أي تحركات من ناحية الميليشيات المسلحة والقوات التركية”.

محمد العباني: الإخوان يريدون السيطرة على الدولة أو العودة إلى السلاح
وترافقت هذه التحركات العسكرية التركية التي أعادت أجواء التوتر للمشهد الليبي، فيما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن وصول دفعة جديدة من المرتزقة السوريين إلى ليبيا، قادمة من تركيا، الأمر الذي أعاد المخاوف من وجود خطة لإجهاض الاتفاق العسكري الذي توصلت إليه لجنة 5+5، تمهيدا لتفجير الاقتتال الليبي – الليبي.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي تأجلت فيه الجولة الثانية من الحوار السياسي الليبي المُخصصة للتصويت على آلية اختيار من سيتولى المناصب العليا للسلطة التنفيذية خلال المرحلة الانتقالية القادمة التي تسبق إجراء الانتخابات العامة في ديسمبر من العام القادم، وسط تحذيرات من مناورات إخوان ليبيا الذين يعملون من أجل السيطرة على مفاصل الحكم في ليبيا.
وكشف البرلماني الليبي، محمد الرعيض، أن الجولة الثانية من الحوار السياسي، ستجري بعد اجتماع غدامس وذلك بعد التوافق على مقترح مُقدم على أن يكون التصويت على المقترح بنسبة 50 + 1 لصعوبة الحصول على ما نسبته 75 في المئة من الأصوات.
وأشار في تصريحات تلفزيونية بُثت ليل السبت – الأحد، إلى أن أكثر من 130 نائبا برلمانيا ليبيا سيعقدون اليوم الاثنين أو بعد غد الثلاثاء، جلسة عامة في غدامس بهدف توحيد البرلمان، و”توحيد كل مؤسسات الدولة بحيث تسير الدولة إلى الأمام”، على حد قوله.
غير أن ذلك، لم يمنع زميله النائب، محمد العباني من التحذير في تدوينة فيسبوكية من أن آلية اختيار السلطة التنفيذية برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا “ستمكن الإخوان المسلمين من مفاصل الدولة الليبية”، أو “العودة إلى الاحتكام للسلاح وتجاوز وقف إطلاق النار وتفاهمات 5+5 لأن ما بُني على باطل فهو باطل ولن يدوم”.