تركيا تخسر دعم مجموعات ضغط أميركية عملت على تحسين صورتها لسنوات

اللوبي الأرمني يفوز في حرب العلاقات العامة أمام النظام التركي للتقرب من الولايات المتحدة.
الأربعاء 2020/10/28
شركة ميركوري أصبحت سرابا بالنسبة إلى تركيا

تعتمد تركيا بشكل كبير على شركات الضغط الأميركية لتحسين صورتها في الولايات المتحدة وتأمين روابط مع المؤثرين في السياسة الأميركية، لكن اللوبي الأرمني نجح بالضغط على إحدى هذه الشركات التي تعمل لصالح تركيا منذ سنوات، ودفعها للتخلي عن أنقرة رغم الأموال الكبيرة التي تتلقاها.

واشنطن – نجحت حملة شنها نشطاء أرمن-أميركيون غاضبون من دعم تركيا لأذربيجان، بدفع شركة ضغط أميركية بقطع علاقتها مع الحكومة التركية، حيث كانت تمثل مصالحها وتقوم بتنظيم الحملات الإعلامية والعلاقات العامة لأنقرة في الولايات المتحدة.

وأعلنت شركة “ميركوري” خلال مؤتمر صحافي الجمعة، أنها ستنهي علاقتها مع الحكومة التركية، ويعتبر قرار الشركة إلغاء عقدها الذي تبلغ قيمته مليون دولار مع تركيا، انتصارًا للوبي الأرمني في الصراع الدائر مع اللوبي التركي في واشنطن وكذلك في منطقة ناغورنو قره باغ المتنازع عليها على طول حدود أرمينيا مع أذربيجان.

وشركة ميركوري واحدة من شركات العلاقات العامة التي عينتها تركيا بموجب عقد من المقرر أن يستمر حتى نهاية العام، وفقًا لنسخة العقد المقدمة إلى وزارة العدل. وقد مثلت ميركوري المصالح التركية في الولايات المتحدة منذ عام 2013 وتم تسجيلها كوكيل لكل من سفارة تركيا في واشنطن العاصمة ومجلس الأعمال الأميركي التركي “تايك”. وفق ما ذكر الكاتب نيكولاس مورغان في تقرير نشره موقع “أحوال تركية”.

وكانت الشركة قد أمرت بصرف مبلغ مليون دولار جديد في فبراير لتمثيل السفارة، وفي الأسبوع الماضي كانت ميركوري تسلط الضوء على العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وتركيا نيابة عن “تايك”. كما تتعامل حكومة الوفاق الوطني أيضا مع شركة ميركوري.

نورا هوفسيبيان: قرار شركة ميركوري يقف على الجانب الصحيح من التاريخ
نورا هوفسيبيان: قرار شركة ميركوري يقف على الجانب الصحيح من التاريخ

وتُشير سجلّات قانون تسجيل العملاء الأجانب إلى أن جماعات الضغط التي تعمل حالياً لصالح حكومة الوفاق الوطني، جميعها إمّا عملت لدعم المصالح التركية في الولايات المتحدة من قبل، أو مسجّلة في آن واحد لدعم المصالح التركية هناك.

وتم تكليف الشركة بالمساعدة في تنظيم الأحداث التي من شأنها أن تسمح لتركيا “بالتواصل مع المؤثرين في السياسة العامة” وتقديم المشورة للحكومة التركية في مجال الحملات الإعلامية والدعاية.

وقالت نورا هوفسيبيان رئيسة مجلس إدارة المنطقة الغربية للجنة القومية الأرمنية الأميركية في بيان “نتيجة للنشاط المستمر لمجتمعنا والدعم الثابت لأصدقائنا في المكتب المنتخب، أبلغت للتو من قبل فابيان نونيز، وهو شريك في مكتب ميركوري في لوس أنجلس، أن شركة ميركوري للشؤون العامة ستنهي تسجيلها كوكيل أجنبي لتركيا”.

وتنفق تركيا بسخاء على جماعات ضغط في واشنطن؛ وقد دفعت مبالغ كبيرة على عقارات مرتبطة بترامب في إطار جهودها للتقرب أكثر من الإدارة الأميركية.

وحاولت اللجنة الوطنية الأرمنية ومجموعات أخرى مثل الجمعية الأرمنية الأميركية، الضغط على ميركوري من خلال تنظيم احتجاجات خارج مكاتبها في واشنطن ولوس أنجلس وحث عملاء ميركوري على قطع العلاقات مع الشركة إذا استمرت في تمثيل تركيا.

وقال رئيس مجلس ولاية كاليفورنيا أنطوني ريندون و16 مشرعًا آخر في ولاية ميركوري الخميس الماضي إنهم لن يتعاملوا مع الشركة طالما أنها تمثل تركيا. وأبلغت دائرة كلية المجتمع في لوس أنجلس شركة ميركوري بأنها “ستبدأ في ممارسة شرط الإنهاء لمدة 30 يومًا” في عقدها إذا ظلت تركيا عميلاً.

وأشادت نورا هوفسيبيان بالقرار ووصفته بأنه “يقف على الجانب الصحيح من التاريخ” في إنهاء علاقتها مع تركيا، مضيفةً أنه سيكون بمثابة نموذج للشركات الأخرى التي تعمل لصالح تركيا أو أذربيجان. وباختيار إنهاء هذه العلاقة، فإن ميركوري تعد أحدث شركة ضغط تنسحب من العقود مع تركيا أو أذربيجان، إذ سبقتها عدة شركات.

وقد صرحت مؤسسة “دي.إل.آيه بايبر”، وهي شركة محاماة في لندن، في مذكرة لوزارة العدل الأميركية أنها لم تعد تعمل نيابة عن شركة أذربيجان للسكك الحديدية بعد عام واحد من العمل من أجلها.

وبالمثل، انسحبت مجموعة ليفينغستون، التي أسسها عضو الكونغرس الجمهوري السابق بوب ليفينغستون، من العمل في أذربيجان في 13 أكتوبر. وكان هذا بعد مرور ثلاثة أشهر فقط من إعلان وزارة العدل أنها تتفاوض على عقد جديد مع باكو.

وشاركت مجموعة “بي.جي.آر” أيضاً في إعلانها أنها تنهي عقدها مع شركة النفط الأذربيجانية الحكومية “سوكار”. وُينظر إلى قرار شركات الضغط الكبرى بقطع العلاقات مع كلا الدولتين على أنه علامة على أن حملة الضغط الخاصة بدأت تؤتي ثمارها.

وينشط اللوبي الأرمني في الولايات المتحدة، وقد نجح في إصدار الكثير من القرارات التي تخدم مصالح أرمينيا فكان السبب الأكبر لتقليص المساعدات الأميركية لأذربيجان، كما نجح في تأجيل عدد كبير من الاتفاقيات العسكرية التي وقعتها واشنطن مع أنقرة بحسب ما قالت مصادر أرمنية.

وفي العام الماضي وافق مجلس النواب الأميركي ومجلس الشيوخ وبالأغلبية على مشروع قرار باعتبار أحداث 1915 عملية إبادة منظمة للأرمن في تركيا، لكن المشروع سقط باعتراض الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ينشط اللوبي الأرمني في الولايات المتحدة، وقد نجح في تأجيل عدد كبير من الاتفاقيات العسكرية التي وقعتها واشنطن مع أنقرة

ومنذ اندلاع القتال في منطقة ناغورنو قره باغ في 28 سبتمبر، كانت الجالية الأرمينية في الولايات المتحدة تبحث بنشاط عن طرق لبناء الدعم ضد أذربيجان وكذلك تركيا لدعمها القوي لباكو.

وتم استهداف مؤسسة “ميركوري” على وجه التحديد من قبل السياسيين والنشطاء في كاليفورنيا حيث يقيم العديد من الأرمن الأميركيين.

كما استهدف العديد من السياسيين الأميركيين المقيمين في الولاية، بما في ذلك عمدة لوس أنجلس والعديد من المشرعين الفيدراليين، تركيا بسبب إقناعها المستمر لأذربيجان للدخول في حرب مع أرمينيا.

وفي لوس أنجلس، دعا مجلس المدينة شركة “ميركوري” إلى الانسحاب من تمثيلها لمصالح تركيا وإلا ستنسحب المدينة من أي عمل مع الشركة.

واتهمت الرسالة، التي كتبها عضو المجلس الأرميني الأميركي بول كريكوريان، تركيا وأذربيجان بالسعي لمواصلة الإبادة الجماعية للأرمن عام 1915 من خلال الانخراط في الصراع الحالي. ووصفت تركيا على وجه الخصوص بأنها “أسوأ منتهكي لحقوق الإنسان” و”إمبريالية عدوانية تهدد السلام العالمي”.

وقالت رسالة كريكوريان التي استخدمت الاسم الأرمني لناغورنو قره باغ “لن نتعامل مع أي شركة بأي صفة بينما تقدم الدعم لعميل يرتكب إبادة جماعية بشكل صريح ودون اعتذار، وينكر حقيقة الإبادة الجماعية، ويساعد ويشجع الحرب ضد جمهورية أرتساخ”. وبالإضافة إلى ذلك، أعلنت منطقة كلية المجتمع في لوس أنجلس أنها ستنهي عقدها مع “ميركوري” بسبب عملها مع تركيا.

بدورها، دعمت المجموعات التركية الأميركية والأذربيجانية الأميركية بشكل صريح أذربيجان ونظمت احتجاجاتها الخاصة ضد أرمينيا في الولايات المتحدة أيضًا. وفي 14 أكتوبر، تجمع 200 متظاهر في واشنطن العاصمة وساروا من مبنى الكابيتول هيل إلى السفارة التركية لدعم أذربيجان.

18