تراكم الأزمات يحرك عجلة التجارة المتوقفة بين الأردن وسوريا

استئناف النشاط بمعبر جابر - نصيب واستعدادات لعودة الرحلات الجوية بين البلدين في أكتوبر.
الخميس 2021/09/30
عودة الحياة لشرايين الاقتصاد

اكتسبت العلاقات الاقتصادية الأردنية - السورية زخما كبيرا إثر استئناف الحركة التجارية على المعبر الرئيسي بين الجارين، وذلك بالتزامن مع اقتراب عودة الرحلات الجوية لأول مرة منذ 2011، في خطوة يرى خبراء ومسؤولون أنها مفتاح لتعزيز شراكاتهما في كافة المجالات بعد أن باتت محور طموحاتهما للخروج من الأزمات التي يعانيان منها.

عمان - أعاد الأردن الأربعاء فتح معبره الرئيسي مع سوريا بالكامل فيما يمثل دفعة لاقتصاد البلدين اللذين يواجهان صعوبات في أعقاب تحرك من جانب دول عربية لإعادة دمج نظام بشار الأسد الذي نبذته تلك الدول خلال الحرب الأهلية التي استمرت عشر سنوات.

وتأتي الخطوة تتويجا للزيارة التي أداها وفد تجاري سوري، على رأسه وزراء الاقتصاد والتجارة والزراعة والمياه والكهرباء، إلى العاصمة عمّان قبل أيام لبحث رفع القيود الجمركية ومناقشة مختلف المجالات والصعوبات التي تعترض تعزيز التعاون الاقتصادي المشترك.

وتأمل سوريا، التي تقول إن العقوبات الغربية هي السبب في مشاكلها الاقتصادية، أن يسهم توسيع روابطها التجارية مع الأردن في التعافي من آثار الحرب المدمرة والأزمة الصحية وجذب العملة الأجنبية التي تحتاج إليها بشدة.

مها العلي: هدفنا هو تعزيز التبادل التجاري لتحقيق مصلحة الطرفين

وقالت مها العلي وزيرة الصناعة والتجارة الأردنية لتلفزيون “المملكة” التابع للدولة إن “الهدف من هذه التفاهمات هو تعزيز التبادل التجاري بين البلدين لتحقيق مصلحة كل من الطرفين”.

ورغم أن معبر جابر - نصيب مفتوح جزئيا منذ 2018 بعد أن أبعدت الحكومة السورية المعارضة من الجنوب، لم تنتعش حركة التجارة لتصل إلى مستواها قبل الحرب عندما كانت قيمتها مليار دولار.

ومنذ بدء تفشي الوباء أغلق المعبر جزئيا أو كليا مرات عدة في إطار تدابير الوقاية، إلى أن أغلق في نهاية يوليو الماضي مع جولة المعارك في محافظة درعا.

ووفقا لأرقام رسمية أردنية بلغ التبادل التجاري العام الماضي بين البلدين قرابة 108.7 مليون دولار.

وقبل الحرب في سوريا كان المركز الحدودي الأردني يضم حوالي 172 مكتبا لخلاص البضائع ويعمل فيه قرابة 600 موظف وتمر عبره نحو 5 آلاف شاحنة يوميا.

ونسبت وكالة الأنباء السورية الرسمية إلى وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري محمد سامر الخليل قوله إنه “تم الاتفاق على الإجراءات التي تخدم قضايا التجارة والنقل والزراعة والطاقة والموارد المائية بين البلدين”.

وأضاف “وضعنا تصورات مستقبلية وتحديد مواعيد لبحث واستكمال القضايا الفنية بما يضع ما تم الاتفاق عليه موضع التنفيذ الفعلي وصولاً إلى النتائج المرجوة”.

وكان مسؤولون في الأردن ولبنان قد طالبوا الولايات المتحدة بتخفيف العقوبات عن سوريا لتسهيل حركة التجارة معها كونها ستحقق مكاسب لجميع دول المنطقة بينما تعاني جميعها من أزمات مالية خانقة انعكست بوضوح على مجمل اقتصاداتها المشلولة وأرخت بظلال أكثر قتامة على معيشة المواطنين.

فتح المعبر الحدودي ينعش الدورة الاقتصادية للبلدين
فتح المعبر الحدودي ينعش الدورة الاقتصادية للبلدين

وفي وقت سابق هذا الشهر توصل كل من الأردن ولبنان وسوريا ومصر إلى اتفاق على توصيل الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان عن طريق سوريا باستخدام خط أنابيب أقيم منذ حوالي 20 عاما في مشروع للتعاون العربي.

وأبدى جمال الرفاعي نائب رئيس غرفة التجارة الأردنية في تصريحات لرويترز أمله في أن تؤدي التحركات إلى استعادة التعاملات التجارية التي كانت موجودة قبل الصراع واستئناف تجارة الترانزيت المربحة.

واتفق الجانبان على تبادل قوائم السلع ذات الأولوية لتعزيز التبادل التجاري لتتم دراستها بما يحقق المنفعة المشتركة لكلا البلدين، كما تم بحث الإجراءات التنفيذية اللازم استكمالها لإعادة عمل المنطقة الحرة الأردنية - السورية.

وتضم المنطقة الحرة المشتركة منشآت صناعية تعمل في قطاعات صناعة الإسمنت والبلاستيك والرخام وإنتاج الزيوت المعدنية والدهانات والخلايا الضوئية وغيرها.

وقال وزير الداخلية مازن الفراية إنه “سيتم رفع القيود المفروضة على عبور الشاحنات السورية إلى أسواق الخليج والعراق عبر الأردن”، وهو ما تسعى له دمشق.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن الفراية تأكيده أنه سيتم السماح أيضا للبضائع العابرة من الخليج بالمرور من الأردن إلى سوريا، إلى جانب السماح بحركة المسافرين دون قيود.

وقبل الحرب السورية كان معبر نصيب - جابر طريقا لعبور مئات الشاحنات يوميا لنقل البضائع بين أوروبا وتركيا والخليج.

محمد سامر الخليل: وضعنا تصورات لإنعاش التجارة والنقل والزراعة والطاقة

وأعرض رجال أعمال أردنيين عن التعامل مع سوريا بعد صدور قانون “قيصر” الأميركي عام 2019 حيث كان يمثل أقسى عقوبات فرضتها الولايات المتحدة حتى الآن تمنع الشركات الأجنبية من التعامل مع دمشق.

ويأمل الأردن أن تسهم التجارة وروابط النقل عبر الحدود في دفع الاقتصاد الذي يعاني من الديون والذي تأثر كثيرا بجائحة فايروس كورونا في العام الماضي.

وحث رجال أعمال أردنيون الحكومة على مطالبة واشنطن بتخفيف القيود عن الواردات من سوريا حيث يرتبط التجار من البلدين بشراكات وثيقة.

وكان المعبر الحدودي الوحيد الذي يعمل بصورة عادية في سوريا هو معبرها مع لبنان. وفي العامين الأخيرين بدأ عمل معبرها مع العراق، حيث تمت إعادة فتح معبر القائم في 2019.

وفي دفعة جديدة لتحريك عجلة الاقتصاد في البلدين ستستأنف الخطوط الملكية الأردنية الشهر المقبل رحلاتها المباشرة إلى دمشق للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة السورية.

وعُلٍقت الرحلات في بداية الحرب المستمرة منذ عشر سنوات في سوريا بالرغم من أن شركات طيران أخرى واصلت رحلاتها من دمشق إلى عمان.

وفي إشارة إلى أن إعلان الحكومة سابق لأوانه بعض الشيء، قالت الخطوط الملكية الأردنية إن “موعد الثالث من أكتوبر الذي أعلنت عنه الحكومة لاستئناف الرحلات لا يزال بانتظار الموافقات النهائية”. وأضافت أنها تضع الخطط لخدمة نقل ركاب بالحافلات من عمان إلى مطار دمشق.

لكن وزير النقل وجيه عزايزة قال في بيان نقلته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية الأربعاء إن “الخطوط الملكية الأردنية ستباشر رحلاتها إلى سوريا اعتبارا من الأحد المقبل مع الالتزام بكامل الشروط التي تتوافق مع البرتوكولات الصحية”.

Thumbnail
11