تراجع حاد في عدد الصحف الورقية بالمغرب بسبب انهيار أرقام التوزيع

سجلت الصحف الورقية بالمغرب تراجعا كبيرا خلال العامين الماضيين بتوقف حوالي 58 في المئة منها، والسبب الرئيسي هو تراجع حجم المبيعات، ما نتج عنه انهيار عائدات الإعلان، بحسب تقرير لوزارة الثقافة والشباب والرياضة – قطاع الاتصال.
وطال التدهور في التوزيع والإيرادات جميع الصحف التي كان عددها 252 صحيفة في عام 2018، ولم يتبقّ منها سوى 105 صحف ورقية في العام الحالي، وفق التقرير الذي ناقشه أعضاء لجنة التعليم والثقافة والاتصال في مجلس النواب، في إطار تقديم الميزانية الفرعية للوزارة، الاثنين الماضي.
ووثق مكتب مراقبة توزيع الصحف “ojd المغرب” هذه الإحصائيات، حيث خسرت الصحف اليومية والأسبوعية آلاف النسخ من مبيعاتها، مقارنة مع السنوات الأخيرة.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن العدد اليومي لمبيعات جميع الصحف المغربية لم يتجاوز 230 ألف نسخة في عام 2017، وهو رقم محدود في بلد يصل عدد سكانه إلى 35 مليون نسمة.
وأدى تراجع حجم المبيعات، الذي فاق 50 في المئة في أقل من 7 سنوات، إلى تراجع حجم ميزانيات الإعلانات الموجهة للصحافة المكتوبة. وهو ما اضطر غالبية المؤسسات الإعلامية العاملة في قطاع الصحافة الورقية إلى الإقفال.
الإصدارات اليومية سجلت نسبة 19 في المئة، وبلغت نسبة الإصدارات نصف الشهرية 12 في المئة من مجموع المطبوعات
في المقابل ارتفع عدد الصحف الورقية التي قامت بتسوية أوضاعها القانونية وفق قانون الصحافة والنشر، وتصدر بشكل منتظم، لتشمل جميع الصحف الصادرة (105)، وبلغت نسبة الإصدارات الشهرية 41 في المئة من مجموع المطبوعات، بينما بلغت نسبة الإصدارات الأسبوعية 28 في المئة.
وسجلت الإصدارات اليومية نسبة 19 في المئة، وبلغت نسبة الإصدارات نصف الشهرية 12 في المئة من مجموع المطبوعات، أما باقي العناوين فتصدر بشكل دوري مرة كل شهرين.
وأشار الكاتب العام لوزارة الثقافة والشباب والرياضة – قطاع الاتصال، مصطفى التيمي، إلى أنه سيتم تفعيل منظومة جديدة للدعم العمومي لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع، وكذلك تحيين دليل عروض التأهيل في مجال الإعلام والاتصال لتتبع مستجدات القطاع ورصد التحولات المستحدثة فيه.
في المقابل ارتفع عدد التصاريح الصادرة للصحف الإلكترونية، ووصل إلى 1016 تصريحا حتى نهاية سبتمبر الماضي، كما تمت تسوية أوضاع 546 صحيفة إلكترونية وفق بنود قانون الصحافة والنشر.
من جهتها، استنجدت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بوزارة الثقافة والاتصال من أجل المسارعة إلى إنشاء صندوق القراء، لإنقاذ الصحف الورقية من شبح الإفلاس، فـ”الصحافة الورقية تحتضر وصندوق القراء وحده الكفيل بإبعاد شبح الإغلاق عن الصحف وشركات التوزيع”.
واعتبرت الفيدرالية في بيان سابق أن المجلس الوطني للصحافة وحده لا يكفي لحل معضلة الصحافة المكتوبة والإلكترونية التي “تحتضر”، مشيرة إلى أن “معركة البقاء على قيد الحياة لا يُمكن أن تستمر دون تدخل مستعجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وذلك عن طريق المسارعة إلى المصادقة على المرسوم الجديد للدعم العمومي وتوقيع عقد برنامج جديد بمعايير أكثر نجاعة وقيمة تتلاءم مع حجم الأزمة”.
وزادت جائحة كورونا من تأزم وضعية الصحف الورقية بشكل خاص، حيث توقف طبع الجرائد في المغرب لقرابة شهرين، وتم توفير نسخ إلكترونية (pdf) مجانا، كما أدى إغلاق المقاهي بسبب التدابير الصحية إلى توقف مصدر مهم لمبيعات المؤسسات الإعلامية.
عدد التصاريح الصادرة للصحف الإلكترونية وصل إلى 1016 تصريحا حتى نهاية سبتمبر الماضي، كما تمت تسوية أوضاع 546 صحيفة إلكترونية
وأعلنت الحكومة المغربية، مؤخرا، عن تقديم دعم للصحافة الورقية بقيمة 200 مليون درهم (20 مليون دولار)، في مسعى لمساعدة الصحف المطبوعة على مواصلة عملها، ما خلق جدلا بخصوص طريقة صرف “المساعدة” ومدى استفادة الصحف منها.
ويرى رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، سامي المودني، أن الغرض من الدعم الحكومي الموجه للصحافة الورقية، يتجلى أساسا في تأهيل المؤسسات الإعلامية بشكل يمكّن من توفير بيئة ملائمة لتطور مشهد إعلامي مستقل ومتعدد، وباعتباره حاجة مجتمعية لكل بلد يريد أن يطور ممارسته الديمقراطية.
وقال وزير الثقافة والشباب والرياضة في المغرب، عثمان الفردوس، إن دراسة وضعية الصحافة الورقية خلال أزمة فايروس كورونا كشفت أن الدعم المعتاد غير كاف.
وتُقَدَّرُ خسارة الصحف المغربية خلال جائحة كورونا بـ10 ملايين دولار شهريا (100 مليون درهم مغربي)، مع انخفاض الإعلانات ودخل المبيعات، وذلك حسب تقديرات لجنة دعم المؤسسات الصحافية في “المجلس الوطني للصحافة المغربية”.