"تراتيل خافتة".. أوجاع اللاجئين كما تراها الفلسطينية دلال مقاري باوش

تحت شعار “معا من أجل مستقبل أفضل” أطلق معهد دراما بلا حدود الدولي بألمانيا في الثامن من مارس الجاري، معرضا بعنوان “تراتيل خافتة” للباحثة والفنانة الفلسطينية دلال مقاري باوش، وهو خامس معرض فردي للفنانة التي تسعى من خلاله إلى إماطة اللثام عن مختلف أشكال العنف المجتمعي بحسّ جمالي وعلاجي في الآن ذاته.
برلين – عبر الفضاء الرقمي الافتراضي، وفي منصات يوتيوب وإنستغرام وفيسبوك، أطلق معهد دراما بلا حدود الدولي في مقاطعة بافاريا بألمانيا، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، معرض “تراتيل خافتة” للفنانة الفلسطينية دلال مقاري باوش، تضمّن 54 لوحة منفّذة بتقنية فن الكولاج، أو بعبارة أدق منهج “الكولاج ثيرابي” (الكولاج العلاجي) الذي وضعت مبادئه باوش، وتشتغل على تطويره تنظيرا وممارسة.
وهو فن يتقصّد المزج بين علم النفس وأدواته وفن الكولاج، في محاولة من الفنانة الفلسطينية لتأسيس نمط فني جديد، يكون الفن عندها أكثر قدرة على التعبير عن أزمات المجتمعات الحديثة، وموقع الفرد فيها ومنها.
ومن هناك يكون “الكولاج العلاجي” وسيلة تساهم في تعديل سلوك الفرد، وإعادة تأهيله نفسيا بشكل أو بآخر، في مسعى واضح لربط الفن، والكولاج تحديدا، بعلم النفس ودوره في حياة الإنسان.
وتسعى الفنانة والباحثة الفلسطينية عبر هذا الأسلوب الذي أنجزت به لوحاتها، إلى توفير نوع من المساعدة لطالبي العلاج، ترتبط بتوفير مساحة فنية/ علاجية جديدة تماما، تُتيح لهم التعبير عن معاناتهم من جهة، والانطلاق منها بحثا عن حلول مختلفة من جهة أخرى، في محاولة لجعل العلاج النفسي بيد المُتعالج، لا المُعالج الذي سيقتصر دوره هنا على التأهيل والمساعدة فقط، وتوفير الأدوات اللازمة لمساعدته على الوصول إلى التغيير المنشود.
ويضم المعرض لوحات متعددة المواضيع والاتجاهات، ولكنها تشترك جميعها في إضاءة مختلف أشكال العنف المجتمعي، ومحاولة التعبير عنها جماليا بملامسة آلام وأحزان من يتعرّضون إلى هذه الأشكال من التعنيف، حيث تأخذ هذه اللوحات على عاتقها تبني قضايا شرائح مجتمعية مختلفة، مع التركيز على المعنّفين والمهمّشين واللاجئين في مختلف أنحاء العالم.
وحول معرضها الفردي الخامس “تراتيل خافتة” تقول باوش “أردناه معرضا يثور على الصمت، ويتبنى قضايا المعنّفين والمهمّشبن واللاجئين والنازحين في العالم، وننفض فيه رماد الكلمات، ونرفع عنق الحكايا، نقترب من الفعل والحركة والتغيير، في رسائل إنسانية تضمد جرح الناي، وتزيّت مصابيح الليل بذاكرة الأرض المحروثة دعما للاجئين والنازحين في العالم”.
وتقول باوش “نسعى في معهد دراما بلا حدود الدولي إلى إطلاق العديد من المبادرات تماشيا مع الهدف الأسمى للمعرض، حيث سيتم تدريب طواقم إغاثة استثنائية من المتطوعين والأخصائيين، للعمل مع اللاجئين حول العالم، وتقديم الدعم والمساندة المادية والمعنوية والنفسية والاجتماعية للاجئين، وأيضا تقديم برامج التأهيل والحلقات التدريبية للاجئين لمساعدتهم في تحقيق مستقبل أفضل”.
وتضيف الفنانة، وهي أيضا مديرة ومؤسسة معهد دراما بلا حدود الدولي “سنقوم بهذه المناسبة بإطلاق مسابقة للأفلام القصيرة جدا تتناول موضوع اللاجئين والنازحين في العالم، حيث نسعى عبر برامجنا التي نقدّمها في المعهد إلى إطلاق أصواتهم التي أثكلها الغياب والترحال وأمواج البحر المتوسط”.
وحول فكرة إنشائها للمعهد، تقول “المعهد يندرج ضمن مشروع ومبادرة عالمية للتنمية البشرية عن طريق الفنون، بدأ من فكرة عملت عليها منذ عام 2003 برعاية رابطة ‘فاو ها إس’ الألمانية، وكانت تحمل مسمى ورشة المختبر المسرحي التي كانت تهدف إلى تأهيل الفرد عبر المسرح، ودفعه ليكون منفتحا، إيجابي التفكير، منشغلا بقضايا إنسانية وإبداعية، وعبر جولات عديدة في الوطن العربي وتجارب ناجحة بدأت تتبلور فكرة إنشاء المعهد، وشمولية أهدافه التي تنحو باتجاه تنمية الفرد وإعداده من خلال الفنون”.
وتسترسل “عملنا منذ إنشاء المعهد على تقديم العون والإرشاد والتأهيل إلى فئات متعددة شملت المشرّدين والمعنفين والأيتام والفنانين والمسرحيين المهاجرين، فضلا عن تقديم منح دراسية مجانية للمتفوقين في ورشاتنا، وإنشاء جمعيات برعاية المعهد في بعض الدول العربية لمتابعة العمل الميداني مع احتياجات كل مجتمع، والآن لدينا فروع وأعضاء وجمعيات في معظم الدول العربية وبعض الدول الأوروبية”.

ودلال مقاري باوش فنانة تشكيلية وناقدة مسرحية وسينمائية، صاحبة ممارسات واهتمامات ثقافية متعدّدة تخصّصت في نوع من العلاج يجمع بين الدراما وعلم النفس وهو “السيكودراما” و”الدراما ثيرابي”، بالإضافة إلى اهتمامها بالتنمية البشرية عن طريق الفنون من خلال إنشائها لمشروع ومبادرة عالمية باسم “معهد دراما بلا حدود” بألمانيا.
وباوش تتنقل باستمرار ما بين العديد من الدول الأوروبية والعربية ناشرة لثقافة التعاون والتكافل، كما عملت متطوعة في أكثر من منظمة إنسانية كاليونيسف والأونروا وغيرهما. وهي إلى جانب ذلك شاعرة لها مجموعة من الإصدارات من أهمها ديواني “صوت مسام” و”حدقة دمشقية”.