تحقيق سلام دائم في أفغانستان رهن ملفات تتجاهلها طالبان

ماذا سيعني اتفاق سلام للنساء الأفغانيات اللواتي خسرن الكثير ولديهن شعور بالقلق الدائم؟
الثلاثاء 2020/12/22
قلقتان من التحول إلى ضحيتي سلام

كابول - قالت رولا غني السيدة الأولى في أفغانستان مؤخرا إنه لا يمكن أن يكون أي إهدار لحقوق المرأة في البلاد ثمنا لتحقيق السلام المرتقب مع حركة طالبان المتمردة.

لكن هذا الأمر ربما يحدث ما لم تبد طالبان، التي من المرجح أن تعود إلى السلطة كجزء من أي اتفاق سلام، التزاما قويا بحماية حقوق الفئات الأكثر حرمانا منها في المجتمع الأفغاني.

ويشمل ذلك المجتمعات المهمشة والنازحين داخل أفغانستان وفي جميع أنحاء العالم بالإضافة إلى أكثر من 14 مليون امرأة وفتاة في البلاد.

وقالت ماريام باناهي، وهي مديرة برنامج في المنظمة الدولية للاجئين، إنه يتعين أن يكون هذا شرطا أساسيا في أي اتفاق سلام، وتعتبر المساواة بين الجنسين حقا أساسيا من حقوق الإنسان وضرورية لتحقيق سلام مستدام، وتتجاوز تبعات ذلك حدود أفغانستان، إذ أن استقرار المنطقة برمتها على المحك، وكذلك إيجاد حل دائم للملايين من اللاجئين الأفغان.

ويريد الأفغان أنفسهم السلام، وترغب معظم دول المجتمع الدولي، وأكثر رغبة في ذلك الولايات المتحدة، في إنهاء الصراع في أفغانستان في أسرع وقت ممكن. لكن ما هو الثمن؟. ودفع اتفاق تم إبرامه في 29 فبراير الماضي بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، الحكومة الأفغانية والحركة إلى الجلوس على طاولة المفاوضات.

غير أن هذا الاتفاق به عيوب كبيرة لأنه لم يتضمن تكليفا بتمثيل المرأة في المحادثات، أو ضمان حماية حقوقها، أو المطالبة بالتزام صارم بحماية الفئات المهمشة.

ولم يتم ذكر دعم الأفغان النازحين داخليا ولا  تحسين الظروف والاستعداد لاستقبال للاجئين العائدين من الخارج.

وتابعت باناهي أن هذه أوجه قصور وأخطاء جسيمة، فبعد مرور ما يقرب من عقدين على الغزو الأميركي عام 2001، لا يزال هناك 2.7 مليون من الأفغان نازحين عبر الحدود، وهم يشكلون أحد أكبر تجمعات اللاجئين في العالم.

رولا غني: لا يمكن أن يكون أي إهدار لحقوق المرأة ثمنا لتحقيق السلام

ووفقا لباناهي، كانت أفغانستان على مدار سنوات في صدارة قائمة الدول الأقل أمانا في العالم، ومصدرا لمعظم اللاجئين في أنحاء العالم على مدار أكثر من ثلاثة عقود متواصلة حتى عام 2014، مشددة على أن السلام أمر ضروري وتأخر تحقيقه.

ويتحمل الأفغان، بما في ذلك النساء والفتيات، معاناة العنف وتأثيره بعيد المدى فيما يجري قادة حركة طالبان التفاوض مع الحكومة الأفغانية في العاصمة القطرية الدوحة سعيا وراء تحقيق السلام. والسؤالان اللذان يطرحان نفسيهما هما ماذا سيعني اتفاق سلام للنساء الأفغانيات اللواتي خسرن الكثير بالفعل ولديهن شعور بالقلق على أزواجهن وأطفالهن ومستقبل أسرهن؟ وماذا يعني السلام بالنسبة للجماعات المهمشة الأخرى التي قامت طالبان على نحو روتيني بإقصائهم وافترستهم، وكانوا ضحايا لاعتداءاتها؟

وستكون لشروط اتفاق سلام تأثيرات بعيدة المدى على النساء والفتيات الأفغانيات اللاتي تحسن وضعهن على مدار العقدين الماضيين.

لكنّ هناك طريقا طويلا يتعين اجتيازه، ففي المناطق التي تسيطر عليها حركة طالبان، لا توجد مدارس ثانوية للفتيات. وتستهدف الحركة باستمرار بهجماتها النساء والفتيات والمدارس.

وإضافة إلى ذلك، ترفض طالبان أن تعرب عن موقف محدد بشأن وضع النساء الأفغانيات خلال مشاركتها الرسمية في الحكومة حال تم التوصل إلى تسوية سياسية في الدوحة. ودون التزامات واضحة من جانب طالبان، فإن التقدم الذي حققته المرأة الأفغانية على مدار العقدين الماضيين سيكون في خطر.

وسوف تتسبب عودة طالبان إلى السلطة السياسية دون التزامات ملموسة بحماية الفئات الأولى بالرعاية في أن تظهر مجددا العديد من الأخطار التي ظل الأفغان يحاربونها منذ عقود.

وقد تتعرض المجموعات المهمشة، بما في ذلك 79 في المئة من البالغين و17 في المئة من الأطفال الذين لديهم شكل من أشكال الإعاقة، ومجموعات الأقليات مثل الهزارة التي غالبية أفرادها من الشيعة، واللاجئون العائدون، للمزيد من الإقصاء والتهديدات على حياتهم.

وسوف تؤدي العودة إلى قوانين وعقوبات طالبان القاسية أيضا إلى هجرة إضافية للخارج إلى الدولتين الجارتين باكستان وإيران وكذلك إلى تركيا وأوروبا. ومن المؤكد أن هذا الوضع سوف يجعل العودة الطوعية المستدامة إلى أفغانستان أمرا مستحيلا.

وبينما تمضي المفاوضات قدما، فإن على طالبان الالتزام بحماية حقوق الفئات الأكثر حرمانا ، وأي شيء أقل من ذلك سيحول دون إحلال سلام دائم.

وقالت باناهي إنه بينما يواصل الأفغان مواجهة تحديات لا تحصى ولا تعد وهم يتخيلون مستقبلا أفضل، يتعين على الولايات المتحدة أن تبحث بشكل كامل مخاطر التسرع في إبرام اتفاق سلام، وسحب مفاجئ أحادي الجانب للقوات، وخفض تمويل المشاريع التنموية والإنسانية التي هناك حاجة ماسة إليها، مشيرة إلى أن هذا يعد أمرا جوهريا لأن طالبان تواصل شن الهجمات وتقييد حقوق المرأة.

5