تحرك إسرائيلي مكثف لخلق مناخ دولي ضاغط على حزب الله

تزامُن زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي إلى روسيا مع وجود وفد من حزب الله اللبناني لا يبدو مجرد مصادفة، وسط اعتقاد بوجود مساعٍ روسية حثيثة لتطبيع الأوضاع الحدودية الملتهبة بين الطرفين.
القدس- تكثّف إسرائيل هذه الأيام من وتيرة تحركاتها الدبلوماسية لخلق مناخ دولي ضاغط على حزب الله اللبناني، الذي يشكل بالنسبة إليها التحدي الأمني الثاني بعد النووي الإيراني.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن زيارة خاطفة لوزير الخارجية غابي أشكنازي إلى موسكو بدعوة من نظيره الروسي سيرغي شويغو، وجاء ذلك بالتزامن مع بدء الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين الثلاثاء جولة أوروبية برفقة رئيس هيئة الأركان أفيف كوخافي، تشمل كلا من ألمانيا والنمسا وفرنسا.
وتطرح زيارة أشكنازي إلى موسكو الكثير من التساؤلات من حيث توقيتها الذي يتزامن مع زيارة لوفد من حزب الله اللبناني بقيادة النائب محمد رعد إلى روسيا بدأها الاثنين وتستمر إلى يوم الأربعاء بدعوة أيضا من الخارجية الروسية.
وتقول أوساط سياسية إن تزامن زيارة أشكنازي مع وجود وفد من حزب الله لا يبدو بريئا، وقد يكون في سياق مسعى روسي لتطبيع الأوضاع الحدودية الملتهبة بين الجانبين، وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه دون ضوء أخضر إيراني.
وترتبط روسيا بعلاقات وثيقة جدا مع إسرائيل، وهناك تنسيق قويّ بين الطرفين على الساحة السورية، وسبق أن احتضنت قاعدة حميميم الروسية في محافظة اللاذقية السورية لقاء بين مسؤولين إسرائيليين وسوريين بداية العام الجاري.
ومن جهة ثانية تحتفظ موسكو بعلاقات جيّدة مع حزب الله وهما يقاتلان معا على ذات الجبهة السورية، وهذا الوضع يخدم بشكل كبير مساعي روسيا لضبط إيقاع الوضع بين الحزب اللبناني المدعوم إيرانيا وإسرائيل.
وليس من صالح موسكو اليوم أي اهتزاز أمني قد ينتهي بحرب على الجبهتين اللبنانية والسورية نظرا للترابط العضوي بين البلدين، وبالتالي فإن موسكو أكثر من مهتمة بتجميد الوضع الأمني على خط حزب الله إسرائيل.
وترى دوائر سياسية لبنانية أن دخول روسيا على خط حزب الله إسرائيل قد يلعب دورا في تخفيف التوترات، لكن الأمر يبقى رهين حسابات إيران.
وصعّدت إسرائيل مؤخرا من تحذيراتها تجاه الحزب اللبناني، لاسيما بعد إقدامه في فبراير الماضي على إطلاق صاروخ أرض – جو متطور على طائرة دون طيار تابعة لها كانت تحلق فوق الأجواء اللبنانية، ولئن لم يصب الصاروخ الطائرة بيد أن الدوائر العسكرية الإسرائيلية اعتبرت أن ما حدث يعد تطورا خطيرا.
وحذّر مسؤول عسكري إسرائيلي مؤخرا من أن بلاده قد تواجه هجوما بـ2000 صاروخ كل يوم، إذا نشبت حرب مع حزب الله في المستقبل. ونقلت صحيفة “بي شيفا” في القدس عن اللواء في الجيش الإسرائيلي أوري جوردين “يجب أن يعرف أعداؤنا على الجبهات المختلفة أنه عند الحاجة سنفعّل قوة عسكرية لم يسبق لها مثيل من قبل”.
وقال المسؤول العسكري في إشارة إلى حزب الله “يعلمون أنهم لا يستطيعون هزيمتنا في ساحة المعركة، لذلك يحاولون نقل الحرب إلى جبهة ثانية، وهي منازلنا ومدننا”. وأضاف جوردين أن “أعداء إسرائيل يجب أن يعلموا أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية مرنة، وقد أثبتت نفسها في الماضي”.
وتقول تقديرات إسرائيلية إن حزب الله يملك اليوم ترسانة صاروخية مكونة من 150 ألف صاروخ تقريبا، جزء منها متطور وقادر على إصابة أي مكان داخل إسرائيل، وهذه إحدى المخاوف الإسرائيلية التي تدفعها إلى التحرّك على أكثر من مستوى في محاولة لاحتواء هذا الخطر، في ظل إدراكها بأن التزام الصمت لم يعد مناسبا، وسيكون مكلفا على المدى القريب.
دخول روسيا على خط حزب الله – إسرائيل قد يلعب دورا في تخفيف التوترات، لكن الأمر يبقى رهين حسابات إيران
وبدأ رئيس إسرائيل رؤوفين ريفلين ورئيس الأركان أفيف كوخافي الثلاثاء زيارة إلى ألمانيا في سياق جولة أوروبية تشمل فرنسا والنمسا، وتستمر حتى الغد الخميس.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلي أنهما سيجريان مع صناع القرار في هذه الدول محادثات حول المخاطر المترتبة على تعاظم قوة حزب الله في لبنان والبرنامج النووي الإيراني.
ويرى محللون أن إسرائيل تسعى لخلق حزام أوروبي ضاغط على الحزب اللبناني وداعمته إيران، وتسعى جاهدة لأن يتضمن أي اتفاق دولي مع طهران بندا ينص على وقف دعمها للحزب.
وتراهن تل أبيب على وجود تغير في الموقف الأوروبي حيال التهديد الذي يشكله الحزب، وهو ما ترجم في إقدام عدة دول أوروبية من بينها ألمانيا على تصنيفه ضمن التنظيمات الإرهابية.