تحذير من انهيار منظومة الكهرباء اللبنانية

تصاعدت التحذيرات في لبنان من الأزمات الخطيرة التي تخنق منظومة الكهرباء نتيجة الأوضاع المالية السيئة في البلاد نظرا لغياب حكومة تنفذ الإصلاحات الاقتصادية، وسط تأكيد الأوساط الاقتصادية بأن القطاع بات على شفا الانهيار أكثر من أي وقت مضى.
بيروت – أجبرت الضغوط المالية في لبنان شركة الكهرباء الحكومية على اتخاذ خطوة تقليص الإمدادات يتوقع خبراء أن تزيد من إثارة غضب المواطنين في ظل الأزمات الخانقة التي كبلت معيشتهم وجعلتهم ينتفضون على السلطات.
وتكشف اشتداد محنة معظم القطاعات بما فيها الكهرباء مدى صعوبة الخروج من الورطة الراهنة في ظل المخاوف من اختفاء السيولة من السوق رغم تطمينات السلطات النقدية مع استمرار ضبابية الرؤية.
وأعلنت مؤسسة كهرباء لبنان في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية الثلاثاء أنها “ستضطر لمواصلة اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة للحفاظ على أكبر قدر ممكن من الاستقرار في التزويد بالتيار الكهربائي لأطول فترة ممكنة”.
وذكرت أن الخطوة تأتي “نظرا لعدة عوامل أهمها استمرار الظروف الصعبة التي يمر فيها لبنان وما ينتج عنها من صعوبة في فتح الاعتمادات المستندية لبواخر المحروقات لزوم معامل الإنتاج”.
قطاع الكهرباء يكلف 1.6 مليار دولار سنويا، أي 20 بالمئة من إجمالي الواردات، ووصل عجز الشركة منذ 1992 إلى 30 مليار دولار
وتتمثل الإجراءات بتخفيض الإنتاج بما يتناسب مع المساهمة المحددة للمؤسسة من قبل الحكومة، حيث تستمر حاليا بوضع حوالي 1.5 غيغاواط فقط على الشبكة حتى شهر فبراير المقبل.
ويأتي الاكتفاء بهذه الكمية من الإمدادات رغم أن الشركة المملوكة للدولة بمقدورها تقنيا وضع طاقة إضافية بما لا يقل عن 500 ميغاواط وزيادة ساعات تزويد السكان بالكهرباء في حال توفرت لها الإمكانيات اللازمة.
وأكدت الشركة في بيانها أنه في حال الإبقاء على المساهمة المحددة في مشروع الموازنة العامة بنحو 1500 مليار ليرة، فإنها ستضطر أيضا إلى اتخاذ إجراءات احترازية إضافية بما يتوافق مع هذه المساهمة ومع أسعار النفط العالمية الآيلة إلى الصعود.
وتلامس أسعار النفط حاليا سقف الـ70 دولارا للبرميل فيما موازنة المؤسسة وضعت على أساس سعر 65 دولارا للبرميل، وذلك في ظل تعرفة ثابتة منذ العام 1994 عندما كان سعر برميل النفط لا يتجاوز العشرين دولارا.
ورغم الإجراءات إلا أن الشركة أكدت أنها تسعى إلى تزويد كافة المناطق بالتيار الكهرباء بشكل متساو “باستثناء تلك التي صدرت بشأنها قرارات أو توجيهات من مجلس الوزراء ومن بينها بيروت الإدارية”.
ودفعت أزمة الكهرباء البلاد إلى شفا دمار مالي، في الوقت الذي يعرقل فيه انقطاع الكهرباء الاقتصاد. كما أدى الدعم المقدم لها إلى زيادة أعباء الدين العام.
وليست لدى لبنان القدرة على توفير الكهرباء على مدار الساعة منذ الحرب الأهلية التي استمرت من عام 1975 حتى عام 1990.
ويضطر أغلب السكان إلى الاعتماد على مولدات كهرباء أو على أصحاب مولدات خاصة يتقاضون رسوما باهظة كي تظل بضعة مصابيح مضاءة أو لاستمرار عمل الأجهزة المنزلية أثناء انقطاع الكهرباء اليومي المعتاد.
وتستخدم محطات الكهرباء القديمة التي تديرها الدولة زيت وقود باهظ التكلفة، وهو ما يزيد إلى جانب عادم المولدات التي تعمل بالديزل الذي يغطي المدن في دولة يقطنها 6 ملايين نسمة، في تفاقم الأزمة.
ويكلف قطاع الكهرباء خزينة الدولة أكثر من 1.6 مليار دولار سنويا، أي نحو 20 بالمئة من إجمالي وارداتها ووصل عجز الشركة الحكومية منذ 1992 إلى 30 مليار دولار، وفق أحدث البيانات.
ويقول صندوق النقد إن التكلفة المتراكمة لدعم شركة كهرباء لبنان تعادل نحو 40 بالمئة من إجمالي ديون البلاد.
في المقابل يرى البنك الدولي أن نقص الكهرباء يأتي في المرتبة الثانية بعد عدم الاستقرار السياسي في عرقلة النشاط التجاري، رغم أن الاقتصاد انتعش بمعدل سنوي تراوح بين واحد واثنين بالمئة فقط في السنوات الأخيرة.