تحدي التمويل يحبط فرص المشاريع الصغيرة في سوريا

مع اشتداد صعوبات الحياة بالبلد بعد مضي أكثر من 10 سنوات على اندلاع الحرب، لجأت معظم الأسر إلى إيجاد حلول عبر إنشاء المشاريع.
السبت 2021/10/30
ليست لدينا حيلة أمام الأعمال الشاقة

يواجه أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة في سوريا فرصا ضئيلة لإطلاقها بسبب تحديات التمويل التي تشكل أكبر عائق أمامهم، على الرغم من المحاولات المستميتة من قبل السلطات لتذليل الصعوبات في سياق بحثها عن سبل لتعزيز مساهمة هذا القطاع في إنعاش النمو الاقتصادي المشلول.

دمشق – يقرّ المسؤولون السوريون بالصعوبات، التي تواجه الحكومة لتحفيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة، نتيجة قلة الموارد المالية ضمن مساعيها المضنية للحد من مستويات البطالة المرتفعة وتطويق تفشي الفقر الذي اتسع بسبب الحرب.

واعتبر إيهاب اسمندر مدير عام هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة أن المشكلات، التي تواجه المشاريع تتنوع بين عدة جوانب كالمالية والإدارية والمحاسبية، إضافة إلى المشكلات التسويقية.

ويعاني 72 في المئة من أصحاب المشاريع من مشكلات في التسويق والتي تتمثل بقلة الأماكن المخصصة للعرض وعدم القدرة على مواكبة تقلبات الطلب الشديد والافتقار إلى المواصفات والتصميمات وغياب رقابة الجودة وانخفاض القدرة التفاوضية على الأسعار، إضافة إلى مشكلات إنتاجية تتعلق بالحصول على المواد الأولية واستقطاب اليد العاملة المدربة.

ومع اشتداد صعوبات الحياة بالبلد بعد مضي أكثر من 10 سنوات على اندلاع الحرب، وفرض عقوبات اقتصادية أميركية قاسية، لجأت معظم الأسر إلى إيجاد حلول للتغلب على صعوبات الحياة عبر إنشاء مشاريع صغيرة تساعد هذه الأسر على قضاء احتياجاتها على مدار الأيام.

إيهاب اسمندر: المشكلات تتنوع بين المالية والإدارية والمحاسبية والتسويق
إيهاب اسمندر: المشكلات تتنوع بين المالية والإدارية والمحاسبية والتسويق

لكنّ هناك الكثيرين ممن يعيشون اليوم تحت سيطرة حكومة نظام بشار الأسد ويعانون بسبب عدم توفر فرص عمل نتيجة حالة الشلل التي خلفتها الحرب، وهم ينتظرون وعود المسؤولين لتنفيذ خططهم المتعلقة بتمويل مشاريعهم الصغيرة.

ونسبت وكالة الأنباء السورية إلى اسمندر قوله “لقد تم إنجاز مشروع التعداد الشامل والتفصيلي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، الذي يهدف إلى توفير إطار محدث ومتكامل للمنشآت الاقتصادية والاجتماعية لاستخدامه في مختلف المسوح الإحصائية الاقتصادية وحصر القطاع غير المنظم والوقوف على وضعه الراهن”.

وأوضح أنه تم القيام بإجراء المقارنات المطلوبة مع السلاسل الاقتصادية السابقة لقياس المؤشرات الاقتصادية المطلوبة وتوفير البيانات المطلوبة لحساب مؤشر أهداف التنمية المستدامة.

وأشار إلى أنه تم إجراء دراسات معمقة حول حجم القوة العاملة تبعا للأنشطة الاقتصادية في المحافظات.

وأضاف “أنجزنا التعداد على مرحلتين؛ الأولى في دمشق وريفها واللاذقية وطرطوس والسويداء، والثانية في حمص وحماة وحلب، حيث تم حصر وتعداد أكثر من 7779 منشأة”.

وتظهر إحصائيات الهيئة أنه تم تسجيل نحو 7608 مشروعات في معظم المحافظات، وكان لطرطوس واللاذقية النسبة الأكبر بنحو 26 في المئة لكل منهما.

وبلغ عدد المشاريع الصغيرة في طرطوس نحو 1999 مشروعا وفي اللاذقية نحو 1988 وذلك نتيجة لتفعيل آلية التسجيل المبكر فيهما إضافة إلى استقرار الأوضاع الأمنية، بينما حلت حماة في المرتبة الثالثة بواقع 1653 مشروعا وحلب رابعا بحوالي 1131 مشروعا.

ويمثل الاقتصاد السوري المنهك التحدي الأكبر الذي يواجه رئيس النظام بشار الأسد الذي فاز بولاية رابعة في شهر مايو الماضي في انتخابات لم تشهد أي منافسة وشكك مراقبون في مصداقيتها، بعدما استعاد السيطرة على حوالي 70 في المئة من البلاد.

وتشير بيانات لمنظمات ومؤسسات مالية دولية إلى أن 87 في المئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر من بين 17.8 مليون نسمة، وهو ما تظهره إحصائيات عام 2021، فيما تقترب نسبة البطالة من 50 في المئة مرتفعة من 15 في المئة عام 2010.

ويشير مدين دياب مدير عام هيئة الاستثمار الحكومية إلى أهمية صدور قانون الاستثمار الجديد والتعليمات التنفيذية الخاصة به والذي قدم حوافز ومزايا لمختلف المشروعات الاستثمارية ومنها المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

الدين العام للبلاد يتجاوز 200 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي
الدين العام للبلاد يتجاوز 200 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي

وقال “ثمة حوافز جمركية تتضمن إعفاء مستوردات الآلات والتجهيزات ومواد البناء والآليات إضافة إلى تقديم حوافز ضريبية، تشمل أيضا مشاريع الإنتاج الزراعي والحيواني وفرز وتوضيب المنتجات الزراعية”.

وأضاف “هناك حوافز غير ضريبية كالاستفادة من برامج الدعم المقدمة من صندوق دعم الإنتاج المحلي ومن هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة”.

ورغم شكوك الخبراء في جدوى ما تفعله دمشق، تبدو السلطات السورية متفائلة كثيرا بقانون الاستثمار الجديد، كونه يتيح العديد من فرص العمل في كافة المجالات، ويساهم أيضا في زيادة الإنتاج المحلي وحركة التجارة المحلية، كما يخلق مستوى عاليا من المنافسة في السوق المحلي.

وأشار محمد فياض مدير صناعة ريف دمشق إلى أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تشكل دفعا مهما للاقتصاد، وتلعب دورا مهما في تحقيق تنمية اقتصادية شاملة.

ولفت إلى أن الجهات المعنية تعمل على إيجاد بيئة أعمال تمكينية لهذه المشاريع وتطوير سياسات دعمها وتعزيز تنافسيتها، عبر إصدار عدد من التشريعات الداعمة ومنها قانون الاستثمار الجديد، والذي يتضمن إنشاء مصارف للتمويل الأصغر، إضافة إلى خطة التوسع بإقامة المدن والمناطق الصناعية والحرفية.

72 في المئة من أصحاب المشاريع يعانون من مشكلات في التسويق

وأشار فياض إلى ضرورة تكوين قاعدة بيانات شاملة ودقيقة لهذا القطاع، وتوفير بيئة تشريعية وإدارية متكاملة محفزة له، تسهم في اتخاذ القرارات المناسبة لدعمه والتوسع في إقامة تجمعات حرفية وصناعية ومراكز تدريبية والعمل على زيادة إنتاج هذه المشاريع وتحسين نوعيتها.

وأكد على ضرورة التركيز على تنظيم وضبط عملية تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتسهيل حصولها على الخدمات المالية.

وتظهر تقديرات مديرية ريف دمشق أن العاصمة والمناطق المحيطة بها شهدت نموا في عدد المنشآت الصناعية والحرفية المرخصة منذ بداية 2021.

وبحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة في تقرير صدر في سبتمبر 2020 بلغ إجمالي الخسائر المالية التي مُني بها الاقتصاد السوري بعد ثماني سنوات من الحرب نحو 442 مليار دولار، في حين ارتفع الدين العام للبلاد ليتجاوز 200 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

10