تحديات كبرى تواجه دول الخليج للإيفاء بتعهداتها حيال المناخ

الدوحة - سارعت دول الخليج إلى طرح خطط لها بشأن تخفيف انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، قبيل المؤتمر الدولي للمناخ “كوب 26” الذي سينعقد الأحد المقبل في غلاسكو الاسكتلندية.
وينظر إلى المؤتمر الذي سيحضره أكثر من 120 زعيما، بمن فيهم الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على أنه خطوة حاسمة في تحديد أهداف الانبعاثات العالمية لإبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري.
وكشفت الحكومة القطرية الخميس عن خطة لتخفيف انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس بنسبة 25 في المئة بحلول العام 2030. وتشمل الخطة أيضا خفض “كثافة الكربون” في منشآت الغاز الطبيعي المسال القطرية بنسبة 25 في المئة بحلول نفس العام.
وتحتل قطر المرتبة الأولى على مستوى الدول المصدرة للغاز المسال، وتستهدف زيادة الإنتاج إلى 127 مليون طن سنويا، بحلول العام 2027.
الإمارات العربية المتحدة سبق أن أطلقت مبادرة استراتيجية تهدف إلى تحقيق الحياد المناخي، من خلال تعزيز المنظومة الحيوية للدولة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام
وتقول الدوحة إن إنتاج الغاز من شأنه أن يساعد في مكافحة تغير المناخ عالميا، حيث يمكن أن يساهم في التحول من أنواع الوقود الملوثة بشدة للبيئة، مثل النفط والفحم إلى الطاقة المتجددة.
ويأتي إعلان الدوحة عن خطتها إزاء التخفيف من الانبعاثات، على إثر مبادرات من دول خليجية أخرى، منها السعودية التي أعلنت ضمن قمة “الشرق الأوسط الأخضر” عن اعتزامها بلوغ صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2060، في حال تطورت التكنولوجيا بشكل كاف.
وقال وزير خارجية قطر في مؤتمر صحافي الخميس إن هدف الوصول إلى صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2050 الذي تبنته العديد من الدول “غير واقعي”.
وأوضح الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وهو أيضا نائب رئيس الوزراء، أن بلاده تعمل على زيادة طاقة إنتاج الغاز الطبيعي المسال حتى عام 2026 بأكثر من 50 في المئة من المستويات الحالية.
واستحدثت قطر في وقت سابق من الشهر الجاري وزارة جديدة في حكومتها تختص بشؤون البيئة وتغير المناخ.
وتبدي دول الخليج اهتماما بعدم التخلف عن ركب الدول التي تدعم خطط مواجهة الاحتباس الحراري، الذي بات يلقي بظلال قاتمة على العالم.
وسبق أن أطلقت الإمارات العربية المتحدة مبادرة استراتيجية تهدف إلى تحقيق الحياد المناخي، من خلال تعزيز المنظومة الحيوية للدولة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام مع تأثير إيجابي مباشر على الناتج المحلي الإجمالي.
وتعد الإمارات أول دولة في الشرق الأوسط والخليج التي تطرح مبادرة تتعلق بمكافحة التغير المناخي.
ويقول مراقبون إن الخطط المعلنة من طرف الحكومات الخليجية في مواجهة التغيرات المناخية جديرة بالاهتمام، لكن يبقى السؤال المطروح مدى قابليتها للتنفيذ لاسيما وأن معظم الدول الخليجية تعتمد في اقتصادها على الوقود الأحفوري.
وتعد السعودية أكبر مصدر للنفط على مستوى العالم، ورغم أنها بدأت في مسار تنويع اقتصادها ضمن رؤية “2030” إلا أنه ما يزال أمامها الكثير قبل التقليص من الاعتماد على النفط.
ويقول مراقبون إن الخطط التي أعلنت عنها المملكة لاسيما في علاقة بما اصطلح عليه “الاقتصاد الدائري للكربون”، أي سحب الكربون الذي تخلفه عملية استخراج النفط وتخزينه لإعادة استخدامه في منتجات أخرى، فهو يحتاج إلى تكنولوجيا فائقة التقدم، فضلا عن كونه مكلفا للغاية.
ووفق تقرير صادر عن شركة “بريتش بتروليوم” العام الجاري فإن الوقود الأحفوري ما يزال يمثل 83.1 في المئة من الطاقة المستهلكة عالميا.
وتبلغ حصة النفط 31.2 في المئة، يليه الفحم بـ27.2 في المئة، ثم الغاز الطبيعي بحصة تقدر بـ24.7 في المئة، ثم الطاقة المائية بـ6.9 في المئة، تليها الطاقة المتجددة بـ5.7 في المئة، وأخيرا الطاقة النووية التي تبلغ 4.3 في المئة.
وتتصدر دول مجلس التعاون الخليجي المراتب الأولى عالميا في مؤشر حصة الفرد من إطلاق غازات الدفيئة، ووفق المنتدى الاقتصادي العالمي فإن ترتيبها في مؤشر الانتقال إلى الطاقة النظيفة متأخر نسبيا.
ويرى خبراء المناخ أن دول الخليج أمام معادلة صعبة بين الاعتماد على الوقود الأحفوري كحجر أساس في اقتصادها، والتقليل من خطر الانبعاثات التي من شأنها أن تحول هذه الدول إلى مناطق يصعب فيها العيش، جراء ارتفاع درجات الحرارة.