تحديات شاقة تعترض مشروع الربط الكهربائي العربي

القاهرة - شكلت أعمال المؤتمر الأول لتفعيل التبادل التجاري للطاقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فرصة لاستكشاف السبل في كيفية إزاحة العقبات، التي تقف حجر عثرة أمام مشروع الربط الكهربائي بين دول المنطقة.
وسعى وزراء الطاقة والكهرباء العرب خلال المؤتمر، الذي انعقد هذا الأسبوع في العاصمة المصرية القاهرة بمشاركة خبراء من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بالتعاون مع البنك الدولي، إلى وضع لبنة لذلك المشروع الذي طال انتظاره.
وتحظى مسألة الربط الكهربائي باهتمام من أعلى المستويات في حكومات دول المنطقة، باعتباره أحد أهم المشاريع التكاملية العربية، إلى جانب العلاقات الاقتصادية الأخرى.
ويقول محللون إن الاضطرابات الأمنية في بعض الدول، ولعل من أبرزها العراق وسوريا وليبيا والسودان، تقلل من منسوب التفاؤل، كونها تقف عائقا أمام تنفيذ الخطوة لربط الشرق الأوسط بشمال أفريقيا بشبكة كهرباء موحدة.
وأكدوا أن تحقيق تكامل الطاقة عربيا مشروط بإزالة العوائق والتحديات، للوصول إلى سوق تجارة للكهرباء، والبدء في تنفيذ مراحل إنشاء السوق العربية المشتركة.
ويتيح تجاوز الصعوبات الفنية والجيوسياسية تعبيد الطريق أمام المنطقة لأن تكون ثاني أكبر سوق إقليمية للكهرباء في العالم بعد السوق الأوروبية، خاصة في ظل توفر الموارد الكفيلة بإنجاح المشروع، الذي سيعزز المنافسة وحركة التجارة.
ونسبت وكالة شينخوا الصينية إلى مديرة الاستراتيجيات والعمليات في البنك الدولي، آنا بيردي، قولها إن “المنطقة العربية لديها الآن فرصة غير مسبوقة لتفعيل التبادل التجاري للطاقة، في ظل توفر بنية تحتية مناسبة ومصادر متنوعة لتوليد الكهرباء”.
وأوضحت أن دول المنطقة تمتلك فرصا كبيرة واستثنائية لتحقيق الربط الكهربي، ما سيعزز من الاندماج والشمولية، ويدعم بدوره النمو الاقتصادي لدول تعتمد معظمها على النفط كمصدر أساسي للدخل.
ويعد قطاع الكهرباء واحدا من أكثر القطاعات نموا ومعيارا رئيسيا للتطور، إذ بات التوسع في مشاريع الربط محط اهتمام دول عديدة لمواجهة الزيادة المستمرة في استهلاك الطاقة الكهربائية وباستثمارات منخفضة.
وعلى مدى العقود الأربعة الأخيرة، وبدعم مالي من مختلف المؤسسات المالية الدولية، شرعت البلدان العربية على تطوير وصلات شبكات الطاقة الكهربائية لديها.
وشهد العقد الماضي جهودا منتظمة لتحديد منافع مفاهيم تجارة الطاقة تحديدا كميا، وتنفيذ اللبنات الأساسية لتجارة الكهرباء، والتمكين من إجراء المعاملات التجارية.
وقال المدير الإقليمي للبنية التحتية في البنك الدولي، بول نومبا أوم، إن “تحقيق الربط البيني الكامل بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سيجعل السوق الإقليمية للطاقة في المنطقة ثاني أكبر سوق إقليمية للكهرباء بعد سوق الاتحاد الأوروبي”.
وأوضح أن تحقيق الربط يتطلب توافر مجموعة من العوامل الداعمة، مثل شبكات نقل أكثر قوة، وزيادة الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة منخفضة التكلفة.
ويتوقع المحللون أن تشهد المنطقة على الأمد الطويل تطور سوق تنافسية فاعلة، وسيعود ذلك بالنفع على الجميع.
ولإنجاح هذا المشروع، يشيرون إلى ضرورة وضع أسس المنافسة القانونية والشفافية اللازمة لإضفاء التكافؤ بين جميع الأطراف.
وتقول بيردي، إن الفائدة الأساسية لربط عدة شبكات كهربائية تتمثل في تقليل القدرة الاحتياطية المركبة في كل شبكة، وبالتالي تخفيض الاستثمارات الرأسمالية اللازمة لتلبية الطلب، دون المساس بدرجة الأمان والاعتمادية في الشبكات المرتبطة.
ويهدف الربط إلى التقليل من الاحتياطي الدوار، والاستفادة من إقامة محطات التوليد في المواقع المناسبة لها، الأكثر جدوى من الناحية الاقتصادية، نتيجة لتوفر وقود رخيص فائض صعب التصدير أو صعب التخزين في إحدى الدول المرتبطة، والتقليل من تلوث البيئة.
وتظهر دراسات الجدوى الاقتصادية والفنية للمشروع نتائج إيجابية من حيث الارتفاع المتوقع في كمية الطاقة المتبادلة بين الدول العربية، أو الوفورات المقدرة في التكاليف حتى عام 2030.
وتشير البيانات الخاصة بتبادل الطاقة بين الدول العربية إلى ارتفاع الطلب على الكهرباء بنحو 6.2 بالمئة في المتوسط خلال العقد الأول من الألفية الثانية، في حين ارتفع بنحو 19.4 بالمئة خلال الفترة الفاصلة بين 2010 و2014.