"تجلي" احتفالية منمقة تستنسخ المولد الشعبي في القاهرة

فرصة لمحاكاة عالم الموالد الشعبية عبر تذكرة ثمنها بين 12 إلى 24 دولارا.
الاثنين 2021/10/18
نسخة بلا روح

بات لمن يخشون حضور الموالد الشعبية في مصر نظرا لتأثرهم بصورة ذهنية سيئة حول حوادث خطف الأطفال والتحرش والسرقة والزحام، ملجأ جديدا يمكن أن يستمدوا منه فعاليات المولد النبوي كفلكلور، من أراجيح وألعاب تتداخل مع صدح الإناشيد والابتهالات عبر مشروع “تجلي” الذي أطلقت نسخته الأولى في 16 أكتوبر الجاري.

القاهرة - في "الغريك كامبس" أو الحرم اليوناني في وسط القاهرة عند انطلاق “مولد تجلي”، السبت، كانت ثمة عروسة مولد مزينة ومزخرفة وأضواء كثيرة، وضعت على بعد أمتار من الحدث كشارة.

يغلب الفقراء والطبقة الوسطى الدنيا على الموالد الشعبية التقليدية. وهؤلاء رغم حالتهم الاقتصادية يدفعهم اعتقادهم وحبهم لأصحاب الموالد من الأولياء أو الصالحين إلى قطع مسافات طويلة وادخار أموال على مدار العام كي يستطيعوا وضع الخيام وإطعام الناس، أما الأغنياء والمرفهون يظلون بينهم قلة.

وفي الحرم اليوناني، انقلبت الآية، كانت الغالبية من أبناء الطبقة الوسطى أو المرفهة لا تعرف الموالد الشعبية عادة سوى من خلال التلفاز، ورأت في تجربة مهرجان “تجلي” فرصة لمحاكاة هذا العالم عبر تذكرة ثمنها بين 12 إلى 24 دولارا.

هل نجحت المحاكاة، بالنسبة لمن لا يعرف شيئا عن ذلك العالم ولا يرى فيه سوى فعاليات فلكلورية، فقد نجح ذلك الحدث بامتياز في إسعادهم وإدخالهم تجربة جديدة.

أما مرتادو الموالد الحقيقية فيعلمون جيدا أن تلك المحاكاة لم تكن سوى “عرض تمثيلي” غاب فيه الهدف وغلبت المادة على القيمة. وشتان بين السعي خلف اعتقاد أو حب، ومجرد الرغبة في التجريب عبر عرض تمثيلي شهد مبالغات عدة، منها استقدام فقرات ليست من الموالد الشعبية في شيء، مثل الرجل طويل القامة الذي يتم الاستعانة به في عروض السرك وحفلات الافتتاح، وتقديم مداحين في هيئة أقرب للمهرجين.

واحدة من هؤلاء، نور أحمد، التي تلقت تعليما في الجامعة الأميركية بالقاهرة، لكنها ذات هوى صوفي، تقر أن تلك المحاكاة ليست من الواقع في شيء، هي تعاملها معاملة حفل غنائي إنشادي، أما المولد أو الحضرة الصوفية فلا يمكن استحضارها بمجرد قرار التجريب.

تقول نور لـ”العرب”، وهي جالسة بين الزوار، “اعتدت المشاركة في الحضرات والموالد، فرغم أنني من عائلة غير متدينة، لكن والدي كان شديد الولع بالتصوف وفكرة الحب الإلهي المطلق، ويسمع باستمرار الشيخ النقشبندي وابتهالاته، فكبرت وصوته يتردد في ذهني بألفة وحب”.

وتضيف الشابة، “خطوت خطوات إضافية على حب أبي، قصدت حضرات صوفية عدة، أحدها كان في العام 2018، وقتها شعرت بالتجلي الذي تتحدث عنه الصوفية، وهو شعور لا يمكن وصفه فجأة تشعر أنك انسلخت عن العالم، وغصت في ذاتك أو في الكون”.

ويتجاوز عادة حضور الليلة الكبيرة في الموالد الشعبية المليون شخص، وتشهد الموالد مثل مولد السيدة زينب أو السيدة نفيسة أو سيدنا الحسين، وهي الأشهر في القاهرة، زحاما لافتا ونصبا للخيام قبل موعده بأسبوع.

ورغم المنع الرسمي بسبب كورونا يتوافد المريدون على مساجد آل بيت النبي ليلة المولد ويجلسون خارجها.

واعتمد مولد “تجلي” على منع الموالد منذ عامين للدعاية للحفل. وقال القائمون عليه، إذا افتقدت فعاليات المولد الممنوعة منذ عامين، فثمة تجربة هي الأولى من نوعها للجمع بين الفعاليات وبين حفل إنشادي لخمس فرق ومطربين هم: الحضرة، روح، المولوية المصرية، وائل الفشني، علي الهلباوي.

يقول كريم بكار، وهو أحد منظمي الحدث، لـ”العرب”، “المولد هو تعاون بين مجموعة من الشركات التي تهتم بتنظيم الفعاليات، وتمهيد لمهرجان إنشادي سيتم إطلاقه في غضون شهور، ويستضيف عددا من الفرق على مستوى العالم”.

ويشير بكار إلى أن التوجه في البداية كان بإقامة حفل إنشادي بمناسبة المولد النبوي، وخرج بعد اقتراح أحد الشركاء بفكرة الدمج بين الحفل الإنشادي والمولد وطقوسه، وأنهم حرصوا على استنساخ كافة الأجواء بما في ذلك الزفة، وهي فعالية ضمن المولد يتم فيها الإنشاد باستخدام الدف والمزامير، كما حرصوا على إقامة الخيم والمأكولات التي يشتهر بها المولد والأراجيح.

ويقر بكار أن التجربة تظل قاصرة عن نقل الحالة نفسها في المولد الحقيقي، غير أنه يرى في فعاليتهم جسرا يقدم التجربة لجماهير لا تذهب عادة إلى المولد للخوف من التعرض للسرقة أو عدم القدرة على الاستمتاع في ظل زحام الموالد.

20