تجارة الإقامات تزدهر في الكويت رغم تشدد السلطات

الحكومة الكويتية تتجه نحو تقليص أعداد العمالة الهامشية وغير المنتظمة.
الاثنين 2021/11/29
معاناة العمال الوافدين لا تنتهي

الكويت - يعاني الآلاف من العمال الوافدين في الكويت أوضاعا صعبة مع تشدد السلطات في تجديد إقاماتهم في ظل توجه إلى تقليص أعداد العمالة الهامشية وغير المنتظمة التي بات ينظر إليها على أنها عبء ثقيل على اقتصاد الإمارة المثقل.

ويضطر العديد من العمال الوافدين من أقطار عربية وآسيوية إلى البحث عن طرق ملتوية لتجديد إقاماتهم الأمر الذي يتركهم فريسة سهلة للابتزاز من قبل أفراد وشبكات متنفذة.

وأعلنت وزارة الأوقاف الكويتية الأحد أنها ستفتح تحقيقا في واقعة ابتزاز وصفتها بـ”الاتجار بالبشر”، ووقع ضحيتها عاملون في مساجد لقاء تجديد إقاماتهم.

وأوضحت الوزارة في بيان نشرته على حسابها على تويتر أنه تم تداول واقعة ابتزاز بحق بعض العاملين في المساجد على أيدي مقاولين مقابل تجديد إقاماتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، مشددة على رفضها لهذه الأفعال التي تعتبر “صورة من صور الاتجار بالبشر”.

وقالت إنها “ستحقق في وقوع هذه الأفعال غير المقبولة”، متوعدة بإحالة الأمر إلى جهات التحقيق المختصة تمهيدا لاتخاذ المقتضى القانوني اللازم.

وزارة الأوقاف الكويتية تفتح تحقيقا في واقعة ابتزاز وصفتها بـ"الاتجار بالبشر" ووقع ضحيتها عاملون في مساجد

وشددت وزارة الأوقاف على أنه ستتم محاسبة “كل مقاول يعتدي على حقوق العمال”، داعية كل “متضرر (…) إلى التقدم بإبلاغ الوزارة”، مضيفة أنه على المتضرر الإبلاغ عن كل ما تعرض إليه لكي تباشر الجهات المعنية إجراءاتها القانونية تجاه مثل هذا الطلب غير المشروع.

وتحاول السلطات الكويتية وضع حد لتجارة الإقامات الرائجة في الإمارة الخليجية، وكانت استأنفت الشهر الماضي إصدار تأشيرات دخول وتصاريح عمل لكافة أنواع العمالة بعد عام ونصف العام من تعليقها بسبب جائحة فايروس كورونا.

ولا تشمل طلبات التأشيرات التجارية والعائلية التي تم استئنافها مواطني جنسيات 7 دول وهي العراق واليمن وإيران وسوريا وباكستان وبنغلاديش والسودان، حيث تفرض الموافقة عليها الحصول على ترخيص من وزير الداخلية.

وبالتوازي مع ذلك كثفت السلطات من حملاتها الأمنية ضد شبكات تجارة الإقامات، إلا أن خطواتها لم تحقق حتى الآن المطلوب، حيث أن معظم الشبكات يقف خلفها متنفذون يستغلون بعض الثغرات القانونية من بينها نظام الكفيل.

ويقول متابعون إن تجارة الإقامة لن تتوقف طالما ما تزال السلطة متساهلة مع مظاهر الفساد، وطالما هناك إقبال كثيف من قبل الباحثين عن عمل في الإمارة الخليجية.

وبدأت الكويت منذ فترة في عملية لتخفيف أعداد العمالة الهامشية بغاية تحسين سوق العمل والحد من العمالة المخالفة وتجارة الإقامة، وإن كان خبراء اقتصاديون يرون أن هذه الخطوة لها مفاعيل سلبية بالنسبة إلى العديد من القطاعات الحيوية، لاسيما العقارات ومنافذ البيع.

وأبعدت السلطات الكويتية نحو 316.700 وافد من جنسيات مختلفة إلى خارج البلاد، بعدما أسقطت عنهم إقاماتهم، وذلك في الفترة الممتدة من يناير الماضي وحتى نوفمبر الحالي.

أوضاع صعبة
أوضاع صعبة

وكشفت مصادر مطلعة مؤخرا أن “الأشخاص الذين تم إبعادهم يعملون في كل من القطاع الخاص والحكومي والعمالة المنزلية والعمل الحر (دون كفيل)”. وأوضحت المصادر لوسائل إعلام محلية أن غالبية الأشخاص الذين تم إبعادهم كانوا من دولة عربية، ومن دولة آسيوية لها جالية كبيرة داخل البلاد، ودولتين آسيويتين أخريين.

وأشار أحد المصادر إلى أن أعدادا لا يستهان بها سقطت إقاماتهم بسبب عدم الانتباه إلى صلاحية جواز السفر وهم خارج البلاد. وأضاف “هناك أعداد كبيرة منهم صرفوا من العمل، أو قاموا بتسفير عائلاتهم إلى الخارج والبقاء داخل البلاد لتقليص مصروفاتهم”.

وكانت الحكومة الكويتية تحدثت في وقت سابق أن خططها الحالية لتقنين أوضاع العديد من الفئات تستهدف الاستغناء عن 70 في المئة من العمالة الوافدة في غضون خمس سنوات.

ولطالما أثارت العمالة الوافدة ضجة في الكويت، حيث تتباين المواقف بين ضرورة تقليص أعدادها، ويقول أصحاب هذا الرأي إنها تحولت إلى عبء اقتصادي، في المقابل يرفض كثيرون هذا التوجه معتبرين أن العمالة الوافدة تشكل عصب اقتصاد البلاد.

وصدر قانون بمنع تجديد إقامة من بلغ الستين عاما فما فوق، إلا أنه تم التراجع عنه قبل فترة بعد صدور أمر قضائي بعدم جوازه.

ويرى مراقبون أن الموقف الرافض للعمالة الوافدة لا يخلو من نظرة عنصرية في الكثير من الأحيان، وهو ما ترجمته المناكفات التي حصلت في أكثر من مرة بين الكويتيين والمصريين.

ويعاني الاقتصاد الكويتي من إخلالات هيكلية كبيرة باتت مع جملة من العوامل الأخرى كتذبذب أسعار النفط وجائحة كورونا تشكل عنصرا ضاغطا عليه.

3