تبون يبحث عن متنفس في تونس بعد هزة اعتراف أميركا بمغربية الصحراء

تونس - يبحث الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون عن متنفّس في مواجهة هزة الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء، إضافة إلى إعلان المغرب تطبيع العلاقات مع إسرائيل وهي التطورات التي عمقت عزلة الجزائر التي تصر على مواصلة دعم جبهة البوليساريو رغم أزماتها الداخلية.
وأعلن الرئيس الجزائري الخميس خلال اتصال مع نظيره التونسي قيس سعيد، عزمه زيارة تونس بعد تماثله للشفاء التام.
وأفاد تبون خلال الاتصال بأن “أول مكالمة هاتفية له (بعد التعافي من المرض) أرادها أن تكون مع الرئيس التونسي”. معربا عن عزمه “زيارة تونس في أقرب الآجال بعد تماثله التام للشفاء”، دون تحديد موعد.
وتربط تونس والجزائر علاقات تاريخية قوية إلا أن السلطات الجزائرية تبدو متخوّفة من تأثير دول كبرى كفرنسا والولايات المتحدة، التي ساءت علاقتها بهما مؤخرا، على الموقف التونسي.
ورغم أن الرئيس الجزائري كان يعتزم زيارة تونس قبل أشهر وهي الزيارة التي تأجلت بسبب إصابته بفايروس كورونا، إلا أن مراقبين يرجحون أن تكون التطورات الأخيرة في المنطقة محور زيارته القادمة إلى البلد في محاولة لفك العزلة التي طوقت الجزائر.
ومن غير المستبعد أن تحاول الجزائر التي تجد نفسها في مأزق استمالة الموقف التونسي في سياق مكابدتها لإيجاد حلفاء يدعمونها في الدفاع عن الجبهة الانفصالية، خاصة بعد البيان الذي أصدرته الخارجية التونسية للنأي بتونس عن تصريحات لسياسيين ودبلوماسيين سابقين دافعوا عن تطبيع الرباط مع تل أبيب وحمّلوا الجزائر مسؤولية الانقسام المغاربي بسبب دعمها للانفصاليين.
ويرى متابعون أن الجزائر قد تفهم نأي الخارجية التونسية بنفسها عن تلك التصريحات بمثابة انحياز لها ضد المغرب، بالإضافة إلى السعي في استثمار موقف الرئيس التونسي الرافض للتطبيع، لكن الدبلوماسي التونسي السابق عبدالله العبيدي يستبعد اتخاذ تونس خطوة كهذه متوقعا حفاظها على الحياد.
وأضاف العبيدي في تصريح لـ”العرب”، “ليس بإمكان تونس أن تتخذ موقفا في صالح طرف ضد آخر.. كل ما في الأمر أنها قد تحاول أن تقرّب بينهما قدر الإمكان وإن كان صعبا خلال هذه الفترة”.
ويقول وزير الخارجية التونسي السابق أحمد ونيس، الذي أثارت تصريحاته جدلا خلال الأيام الماضية وحركت العلاقات بين الخارجيتين التونسية والجزائرية، “ستكون قضية التطبيع وقضية ليبيا والأزمة الاقتصادية في تونس والأزمة السياسية والدستورية في الجزائر ومستقبل المغرب الكبير أهم المواضيع التي سيقع تداولها”.
وأضاف ونيس في تصريح لـ”العرب”، “هناك جدل في تونس بشأن تطور العلاقات بين إسرائيل والمغرب، وأعتقد أن البعض من الرأي العام يؤمن أن قرار المغرب للتطبيع مع إسرائيل لم يكن يقصد التطبيع وإنما يقصد الحرب التي تشنّها الجزائر ضد المملكة المغربية والتي وصلت إلى حدود غير مقبولة. ويجب أن يقع توضيح هذه المواقف الشعبية والحكومية بين تونس والجزائر”.
وبحسب ونيس “فإن المغرب اتخذ قرارا صعبا وقرارا مرّا لا من أجل التطبيع لكن ليشير إلى خطورة الحرب التي يقاومها منذ 45 سنة وهي حرب تشنها الجزائر ضد الرباط بكل وضوح”.
ويرى وزير الخارجية الأسبق أن “ما اضطر المغرب إلى هذه الخطوة الدبلوماسية ليس التحمس للتطبيع بقدر ما هو صيانة لوحدة التراب المغربي ووحدة السيادة المغربية”.
وأضاف “المغرب ضمن اليوم أن دولة قارة العضوية في مجلس الأمن ستحمي أيّ مبادرات عدائية ضده بخصوص قضية الصحراء وهو بمثابة التزام وتطمين له بخصوص وحدة ترابه، ما من شأنه أن يخدم الميزان الاستراتيجي في المغرب الكبير لأن المغرب لم يعد مهددا في وحدة ترابه وكيانه كما كان الحال عليه منذ 45 سنة”.
وعبّرت نخب رسمية وسياسية في الجزائر عن انزعاجها من التحول اللافت في الموقف الأميركي تجاه النزاع القائم حول إقليم الصحراء، وتوحي تلميحات وردت على لسان أكثر من مسؤول في الجزائر، إلى أنها تتجه إلى تحقيق توازن النفوذ في المنطقة عبر الانفتاح أكثر على شركاء تقليديين لها كروسيا والصين.
ويشير التوتر في التصريحات، الذي صاحب الإعلان الأميركي والإجراءات المغربية السابقة لفتح معبر الكركرات، إلى أن الجيش الجزائري يجد نفسه في ورطة حقيقية لا يستطيع فيها أن يحدد إن كان التصعيد من خلال البوليساريو سيكون خياره الأفضل، أم السكوت انتظارا لفرصة سياسية أخرى.
ويقول المحلل السياسي باسل الترجمان، وهو تونسي من أصل فلسطيني، “هناك الكثير من القضايا الإقليمية التي تواجه البلدين ومنها قضايا الإرهاب المتمدد في ليبيا ومالي وجنوب الصحراء والتهديدات التي تواجه أمن المنطقة واستقرارها، لكن هناك أيضا قضايا استجدّت بعد توقيع اتفاق السلام بين المغرب وإسرائيل واعتراف الولايات المتحدة الأميركية بالسيادة المغربية على الصحراء وهذا يقود لفتح باب توتر خطير بين دول المنطقة”.
وتوقع الترجمان في تصريحات لـ”العرب” أن “تتضمن الزيارة سبل إيجاد حلول لهذه القضايا التي تشكل تهديدا للأمن والاستقرار في المنطقة خاصة وأن الجزائر التي تشعر أنها مستهدفة في أمنها القومي تسعى لإيجاد رؤى مشتركة تونسية جزائرية لعدم جرّ المنطقة إلى أزمات لا داعي لها”.
وتابع “الجزائر تستشعر خطرا كبيرا على أمنها القومي وتعتبر أن القرار الأميركي هو قفز على نتائج ومقررات الأمم المتحدة حول موضوع الصحراء والاستفتاء الذي اقترحت إجراءه لتقرير المصير”.