بين الشعر والأدب.. يتواصل معرض أبوظبي الدولي للكتاب

فعاليات متنوعة ترضي أغلب الأذواق والتوجهات الفكرية والأدبية، يقدمها معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته المنعقدة حاليا، جامعا على أرض العاصمة الإماراتية كتابا وشعراء ومثقفين وجمهورا متنوع الاختصاصات، يعيشون جميعا رحلة في الإبداع العربي بين الماضي والحاضر، محاولين استشراف المستقبل.
أبوظبي - يواصل معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الثالثة والثلاثين المنعقدة حتى الخامس من مايو الجاري، فعالياته المتنوعة التي تحظى بإشادة الرواد من جمهور ونقاد وصحافيين وكتاب وشعراء وفنانين. ومن أهم الفعاليات تلك التي تهتم بالشعر والأدب واتجهاتهما المتنوعة في المنطقة العربية.
في هذا السياق، وفي إطار اختياره لمصر كضيفة شرف لدورته الحالية، نقل معرض أبوظبي للكتاب، زوّاره إلى عوالم القاهرة، عبر إقامته لنسخة من سور الأزبكية التراثي الذي عرفه عُشّاق الكتب في مصر والعالم العربي بما يعرضه من كتب قديمة على مدار عقود.
وبات زوّار المعرض وكأنهم يتجولون في العاصمة المصرية، يزورون سور أزبكيتها التاريخي، ويتعرفون على مجموعة متكاملة من العناوين التي تعتّقت مع الزمن، خطّها عباقرة في حقول الثقافة والأدب والفنّ والفكر.
ستقرأ أعينهم الآلاف من العناوين المدهشة التي ستأخذهم في رحلة عبر الزمن للتعرّف على جماليات الإبداع، واستثنائية النشر، حيث كانت الكُتب تشتهر بورقها الأصفر، وطبعاتها الخاصة. كلّ هذا تحت سقف معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الثالثة والثلاثين الذي تحلّ عليه جمهورية مصر العربية ضيف شرف، ويخصص لهذه المشاركة مجموعة من الفعاليات، والردهات الخاصة التي تحتفي بثقافة مصر وطابعها الحضاري والمعماري والتاريخي.
الزائر للمعرض سيعيش تجربة التجوّل بين عشرة أركان يضمّها جناح سور الأزبكية الذي خصصه ليحاكي السوق العتيق الواقع في منطقة العتبة بوسط القاهرة، حيث يستقطب هذا الجناح في المعرض عُشاق الكُتب من كل الفئات والأعمار، يمرّر لهم رسائل التنوير والفكر بلا حواجز ولا حدود، ويفتح المجال أمامهم للتعرّف على جماليات هذا المكان بوصفه إحدى علامات الثقافة المصرية الأصيلة والمعاصرة.
أروقة المعرض شهدت مجموعة من الفعاليات المخصصة للشعر منها ندوة تناولت موضوع "الشعر بين الفصيح والعامي"
وعن أهمية حضور السور في المعرض، قال محمد صادق، مسؤول ركن الأرشيف العربي للتراث، “إقامة هذا الجناح يُعرّف الجمهور على قيمة السور في المشهد الثقافي المصري، ويتيح عرض نماذج من المعروضات التي يوفّرها من كُتب نادرة ومجلات، في تجربة فريدة تلقي الضوء على جانب مهم من تاريخ الثقافة المصرية”، مضيفا “تواجدنا في معرض أبوظبي الدولي للكتاب هذه المنصة الثقافية الفريدة، يهدف إلى إيصال رسائل الفكر والتنوير من مصر إلى العالم، خاصة أبناء الإمارات الذين تربطهم علاقات وطيدة بالشعب المصري”.
وأشار القائمون على المكان إلى أن السور الذي تم إنشاؤه في العام 1907، يعدُّ جزءا من ثقافة مصر وتاريخها، ومقصدا دائما لأي باحث أو طالب علم، فهو مكان يعرض أعدادا كبيرة من الكُتب القيّمة والنادرة في العديد من المجالات، إلى جانب أمّهات الكُتب التي لا تقدّر بثمن، كما ويقدّم محتويات ثقافية، وتاريخية، فريدة تُعرض للمرة الأولى أمام جمهور معرض أبوظبي الدولي للكتاب.
وفي سياق فعالياته الأدبية المهمة، أشرف مركز أبوظبي للغة العربية على جلسة حوارية نظمتها “جائزة أسماء صديق للرواية الأولى” بالتعاون مع الملتقى الأدبي، تحدثت فيها أسماء صديق رئيسة الجائزة، عن مبادرة إطلاق هذه الجائزة والظروف التي هيأت لإطلاقها والأطراف التي ساهمت في إنجاحها.
وبحسب بيان تلقّت “العرب” نسخة منه، فقد افتتحت أسماء صديق الجلسة بتوجيه الشكر لمركز أبوظبي للغة العربية على دوره في إثراء الساحة الثقافية ودعم دور النشر وتعزيز القراءة لدى مختلف الشرائح في دولة الإمارات، ثم قدمت درعا تكريميا للمركز.
وتحدث في الجلسة أعضاء لجنة التحكيم في الجائزة وهم: الناشرة رنا إدريس مديرة دار الآداب للنشر، والدكتورة شيرين أبوالنجا أستاذة الأدب المقارن، والناقد والمترجم محمد آيت حنا، بالإضافة إلى أمينة الجائزة الدكتورة عزة جلال هاشم، عضو صالون الملتقى، حيث تحدث كل منهم عن دوره في الجائزة، موضحين أهم شروط المشاركة فيها، وعوامل قبول المشاركات، وقوانين النشر، وآلية تحكيم الجائزة، من حيث استقبال وتقسيم وتنظيم المشاركات والتنسيق بين المحكمين واللجان وأعضاء الصالون.
الزائر للمعرض سيعيش تجربة التجول في جناح سور الأزبكية الذي يحاكي السوق العتيق الواقع في منطقة العتبة بالقاهرة
وأوضحت أسماء صديق أن الجائزة أعلنت الكاتب الصومالي صالح ديما فائزا في النسخة الثانية منها عن روايته الأولى “مواسم القرابين” من بين ثلاثة مرشحين رئيسين، مضيفة أن 149 رواية دخلت عملية التحكيم توافقت مع شروط الجائزة التي ينظمها صالون الملتقى الأدبي بالتعاون مع دار الآداب
للنشر، حيث شهدت النسخة الثانية من الجائزة مشاركة واسعة، إذ بلغ عدد رسائل البريد الإلكتروني المشاركة 594 رسالة، وهو ما يقدر بأكثر من 9 أضعاف ما وصل إلى أمانة الجائزة في النسخة الأولى منها، ودخلت في عملية التحكيم 149 رواية بواقع 25 في المئة من إجمالي ما وصل.
وأشارت رئيسة الجائزة إلى أن القائمة القصيرة اشتملت على 3 روايات، من الصومال وليبيا والجزائر، لتفوز بالجائزة الرواية الصومالية التي كتبها صالح ديما، وهو كاتب وأديب صومالي من مواليد مدينة كيسمايو عام 1980، والرواية الفائزة هي أولى رواياته، وسيحصل ديما على جائزة نقدية قدرها 10 آلاف دولار أميركي، كما ستُنشر الرواية باللغة العربية، بالتعاون مع دار الآداب، وستتولى الدار ترجمتها ونشرها باللغة الإنجليزية.
ومن جانبه عبّر الكاتب الصومالي صالح ديما عن سعادته بالحصول على الجائزة، كما تحدث عن تجربته مع الكتابة. وفي نهاية الجلسة أعلنت أسماء صديقي ولجنة التحكيم فتح باب المشاركة في النسخة الثالثة من الجائزة.
وفي سياق آخر، شهدت أروقة المعرض، الخميس، مجموعة من الفعاليات المخصصة للشعر، منها ندوة تناولت موضوع “الشعر بين الفصيح والعامي”، وتحدث فيها سعيد الطنيجي، المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية، والدكتور عبدلله بلحيف النعميمي، وزير البنية التحتية الأسبق، وجاءت الندوة ضمن برنامج ليالي الشعر الذي يتواصل على مدار أيام المهرجان.
وضمن البرنامج الخاص بجائزة الشيخ زايد العالمية للكتاب، أقيمت ندوة نوقشت خلالها رواية “الحلواني: ثلاثية الفاطميين” للكاتبة ريم بسيوني، وتحدثت فيها أسماء صديق، مؤسسة ورئيسة صالون الملتقى الأدبي، وريم بسيوني مؤلفة الرواية.
اقرأ أيضا:

وكان المعرض قد نظم جلسة حوارية مع الفائزين بجائزة الشيخ زايد لهذا العام، شارك فيها كوكبة من رموز الأدب والفكر والنشر باللغة العربية.
وقال الدكتور مصطفى سعيد، الباحث في علم الموسيقى والنغم العربي، خلال مداخلة له بالجلسة، إن عمله بالموسيقى كان دافعا إلى تحقيق وإنجاز دراسته التي صدرت بعنوان “سفينة الملك، ونفيسة الفلك – شهاب الدين – الموشح وموسيقى المقام الناطقة بالعربية بين التنظير والمراس”، وفاز عنها بالجائزة. وعبر هذا العمل سعى سعيد إلى جعل التحقيق والبحث في خدمة العمل، وتأكيد أن الموسيقى العربية يمكن أن تُعلم باللغة العربية، كون حضارات العالم تطورت ونهضت بالتعلُّم الذاتي وخدمة العلم للعلم.
أما الدكتور خليفة الرميثي، فتطرق إلى قضية المسميات، موضحا أن العرب أكثر من اهتموا بالتسمية من حيث المعنى أو الدلالة، ارتباطا منهم بالبيئة العربية الثرية التي تحتاج إلى الدلالة للسير في فيافيها…وتطورت الأمور مع العلم، واستطاع الإنسان أن يرسم الخارطة مرفقة بأسماء المناطق والبلدان. وتدريجيا ظهرت الأسماء في قواعد البيانات، الأمر الذي احتاج إلى تنميط، وهو ما قامت به المنظمات الدولية.
في حين تحدث فرانك غريفيل، عن الأعمال الجيدة للباحثين والعلماء المسلمين خلال فترة ابن رشد، موضحا أن من يعمل حول أبوحامد الغزالي لا بد أن يتجنب الأخطاء في الفلسفة الإسلامية، خاصة وأن الغزالي قدم الكثير من الفلسفة المتعلقة بابن رشد. بينما أكدت مؤسسة “البيت العربي” أن حوار الثقافات مصطلح مقتضب، وينبغي العمل على تعزيز الثقافة بين العرب وإسبانيا من خلال الثقافة والكتب، وعمل المزيد من ورش العمل.
كما تضمنت أجندة المعرض مناقشة وحفل توقيع كتاب “السباق إلى المكلا: قوات النخبة العربية والحرب على القاعدة”، في نسخته العربية، وذلك بمشاركة مؤلف الكتاب مايكل نايتس، والدكتور بلال الأرفه لي.
وكان زوّار المعرض على موعد مع ندوة أخرى حول الأدب الباكستاني وارتباطاته بالماضي والحاضر والمستقبل، وأخرى حول الحضارة العربية في الأندلس، بجانب مائدة مستديرة بعنوان “نجيب محفوظ: الأحفاد والرواية الجديدة”.
وشهد المعرض ندوات وجلسات نقاش حول موضوعات متعددة منها: عناصر التراث غير المادي، وموقع التراث العالمي بمدينة العين والهويّة الوطنية، ومجلة المركز الصادرة عن مركز أبوظبي للغة العربية في عامها الثالث.
وضمن البرنامج الخاص لاتحاد كتاب الإمارات بالمعرض، أقيمت ندوة بعنوان “النّص المعنّف: قراءة جديدة في نماذج شعرية مختارة”، وتحدث فيها عبدالدائم السلامي، وحمدة العوضي، وأدارتها عبير الحارثي، بجانب حفل توقيع لكتاب “قفص الأمواج” للكاتبة لولوة المنصوري، إضافة إلى مجموعة كبيرة من الأنشطة والفعاليات الفنية التي تواصلت بين أروقة المعرض على مدار اليوم.