بينيت في موسكو لطي صفحة الخلافات الأمنية والإقليمية

تعتبر عودة إيران إلى الاتفاق النووي وتأثيراته على حلفائها في المنطقة من أبرز القضايا التي سيبحثها رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت في زيارته القادمة إلى موسكو، بالإضافة إلى طي صفحة الخلافات بشأن الأوضاع الأمنية في سوريا.
موسكو- تكتسب الزيارة المقررة لرئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت إلى موسكو في الثاني والعشرين من أكتوبر الجاري أهمية بسبب طبيعة الأحداث والملفات الساخنة في المنطقة، وأبرزها الملف السوري واحتمال عودة إيران القريبة لمفاوضات الاتفاق النووي بفيينا.
وقال بيان صادر عن الكرملين الثلاثاء إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيجتمع برئيس الحكومة الإسرائيلية في مدينة سوتشي الروسية، فيما أكد مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية على موعد الزيارة واللقاء، قائلا في بيانه “بدعوة من الرئيس الروسي بوتين، سيزور بينيت الجمعة المقبل مدينة سوتشي”.
ومن المتوقع أن تركز المحادثات بشكل أساسي على القضايا الإقليمية، حيث أضاف مكتب بينيت في بيانه أنه سيبحث سلسلة من القضايا الدبلوماسية والأمنية والاقتصادية التي تتعلق بالبلدين، كما سيبحثان قضايا إقليمية هامة وعلى رأسها النووي الإيراني.
وتعتبر عودة إيران للاتفاق النووي وتأثيراته على حلفائها في المنطقة من أبرز القضايا التي تثير قلق إسرائيل، وهي في صلب المحادثات التي يجريها وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد في واشنطن حاليا، حيث يبحث في زيارة بدأها الاثنين إمكانية العودة إلى الاتفاق النووي الموقع مع طهران، والخيارات الأخرى التي تتوفر للمجتمع الدولي في التعامل مع هذه القضية.
وتعارض إسرائيل بشدة إحياء اتفاق نووي وقعته إيران في 2015 مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا، لكنّ واشنطن انسحبت منه في 2018.
ووفق ما أفادت هيئة البث الإسرائيلي “كان 11″، أن إسرائيل “تقوم بنوع من الهجوم الدبلوماسيّ تجاه ما يبدو أنه عودة إلى مفاوضات القوى (العالمية) مع إيران”.
كما تسعى إسرائيل لحشد تأييد مواقف الدول المشاركة في المفاوضات، وستصل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأحد المقبل إلى إسرائيل في زيارة تم تأجيلها منذ أغسطس الماضي، وفي هذا الصدد، قالت القناة إنّه من المتوقَّع أن يُطرَح موضوع إيران خلال الزيارة.
وتأتي زيارة بينيت لموسكو بعد محادثات هاتفية أجراها مع بوتين في الملفات الأمنية والدبلوماسية والتطورات الإقليمية، وكان الاتصال الأول في يوليو الماضي، عبر الطرفان خلاله عن “تطلعهما المتبادل لتطوير كافة جوانب العلاقات الودية تقليديا بين روسيا وإسرائيل”، كما تم الاتفاق على “مواصلة الاتصالات في المستقبل”.

فريدريك هوف: لن تعترض روسيا على الضربات الإسرائيلية ضد أهداف مرتبطة بإيران في سوريا
وكان بينيت صرّح في اجتماع للحكومة في الثاني عشر من سبتمبر الماضي “يشهد البرنامج النووي الإيراني أكثر مراحله تقدما وهذه هي الورثة التي تركتها الحكومة السابقة لهذه الحكومة، لكن هذه هي ولايتنا الآن فنحن ملتزمون وسنتعامل مع هذا البرنامج”.
وبالإضافة إلى الملف النووي ستكون التطورات في سوريا على قائمة أولويات المباحثات، حيث تخشى إسرائيل من نشاط غير مسبوق للروس في مواجهة عملياتها الجوية في سوريا.
وفي حين توصل الجانبان الروسي والإسرائيلي إلى تفاهم حول القضايا الإشكالية في عهد رئاسة بنيامين نتنياهو، فمن غير المعلوم ما إذا كانا سيتوصلان إلى اتفاق في ظل رئاسة بينيت ثم بديله لابيد.
وقال المبعوث الخاص السابق لوزارة الخارجية الأميركية المعني بالانتقال السياسي في سوريا فريدريك هوف في تصريحات سابقة، إن العنصر الأساسي للتواصل بين البلدين في ملفات مختلفة، بما في ذلك حول سوريا، كان علاقة الثقة بين بوتين ونتنياهو. وأضاف هوف “لا يزال جوهر التفاهم الذي توصلا إليه قائما. لن تعترض روسيا على الضربات الإسرائيلية ضد أهداف مرتبطة بإيران في سوريا، لكن موسكو تتوقع من إسرائيل تجنب الهجمات على مواقع مرتبطة مباشرة بنظام الأسد”.
وأعرب هوف عن ثقته في أن كلا من روسيا وإسرائيل ترغبان الآن في الحفاظ على مستوى هذا التفاهم.
وكشفت مصادر إسرائيلية مؤخرا عن خلافات تسود العلاقات مع موسكو بخصوص الممارسات الإسرائيلية في سوريا. وقالت إن موسكو عبرت بقوة عن هذه الخلافات، عندما أصدر الجيش الروسي بيانا حول الهجمات الإسرائيلية المكثفة على سوريا، تباهى فيها بأنه “قدم مساعدة روسية ملحوظة للسوريين وإسقاط العديد من الصواريخ الإسرائيلية بالمضادات الروسية”.
وقد جاء في البيان أن “الدفاعات الجوية السورية أسقطت 21 صاروخا من أصل 24 أطلقتها الطائرات الإسرائيلية”.
واعتبرت إسرائيل البيان بمثابة تحد مباشر وصريح من روسيا لإسرائيل، لم يسبق له مثيل، خصوصا أن أحد هذه الصواريخ عبر الأجواء الإسرائيلية حتى البحر المتوسط، وانفجر في الجو ووقعت شظايا منه في أحياء تل أبيب وأثارت فزعا بين المواطنين.
وتزود روسيا سوريا بالمضادات الصاروخية وتساعدها على مواجهة الضربات الإسرائيلية المتكررة، ولكن دون إثارة ضجة حول الموضوع، وذكرت مصادر مقربة من رئيس الوزراء السابق نتنياهو أن روسيا وعدت إسرائيل بأن تكون هذه المساعدة محدودة بموجب التفاهمات بين البلدين.
ويرى متابعون أن تغير الموقف الروسي تجاه إسرائيل يعود لأنها تساهم في عرقلة جهود موسكو لإخلاء المعارضة السورية من منطقة درعا وتصعد التوتر بلا أسباب وجيهة على الأراضي السورية.
وجرى الاتفاق على زيارة بينيت لموسكو خلال زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد لموسكو الشهر الماضي، حيث التقى بنظيره الروسي سيرجي لافروف.
وكان لافروف أعرب خلال اللقاء عن تمسك موسكو بضمان أمن إسرائيل، وحذر في الوقت نفسه من تحويل أراض سورية إلى ساحة لتصفية الحسابات بين دول أخرى.
جوهر التفاهم بين روسيا وإسرائيل قائم بعدم الاعتراض على الضربات الإسرائيلية ضد أهداف مرتبطة بإيران في سوريا
ولن تكون التصريحات الإسرائيلية بخصوص الجولان غائبة عن المحادثات، حيث قال بينيت الاثنين إن هضبة الجولان ستظل إسرائيلية بغض النظر عن الموقف الدولي من نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ووصف بينيت هضبة الجولان، التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، بأنها “غاية استراتيجية”، مضيفا أن حكومته تعمل على استكمال خطة ستغير وجهها.
ونقلت صفحته على موقع فيسبوك عنه القول ”نحن عازمون على مضاعفة عدد السكان وعلى إنشاء بلدتين جديدتين وإيجاد فرص عمل وضخ المزيد من الاستثمارات على البنى التحتية… نعمل حاليا على استكمال الخطة التي ستغير وجه الجولان”.