بوس خوك

لا يُعرف تحديدا سبب انتشار القبلات بين التونسيين بهذا الشكل خلافا للمجتمعات العربية الأخرى
السبت 2021/02/06
التحية تغيرت الآن

التونسيون يحبون تقبيل بعضهم البعض، لا يفرقون في ذلك بين الجنسين، طبعا نحن لا نتحدث عن القبل الرومانسية التي لا تزال من التابوهات في الفضاء العام إلا في ما ندر.

أظن أننا شعب “بوّاس” بطبعه حبا تارة ونفاقا أطوارا؛ كل المناسبات -الحزينة منها والسعيدة- فرصة للتقبيل حتى أن مدير معهد باستور في تونس الهاشمي الوزير قدم نصيحة يائسة إلى التونسيين قائلا “نقّصوا من البوس (تجنّبوا تقبيل بعضكم البعض)”.

ويؤكد الرجل متذمرا “رأيت الناس ينزعون الكمامات لتقبيل بعضهم البعض ثم يعيدونها إلى مكانها”.

تعتبر القبل في تونس تحية تقليدية لا تخضع لقواعد عامة؛ فكما المناسبات كل الأماكن قابلة لتبادل القبل. وإنْ بدأت بالخد الأيسر أو الأيمن فلا مشكلة في ذلك. كما لا يخضع عدد القبل لضوابط؛ قد يتراوح بين قبلتين أو أربع وقد يصل إلى ستّ. من الصعب جدا توقع عدد القبلات التي ستتلقاها.

ثقافة القبل ثقافة أصيلة في تونس شعارها “بوس خوك” الذي يرافقنا من طفولتنا في معاركنا الصغيرة بين بعضنا البعض والتي تنتهي أغلبها بعبارة بوس خوك أو أختك لينتهي الخلاف.

لا يُعرف تحديدا سبب انتشار القبلات بين التونسيين بهذا الشكل خلافا للمجتمعات العربية الأخرى. كما لا يعرف سبب انتشارها بين البشر أصلا. يجادل بعض علماء الأنثروبولوجيا بأن هذا سلوك مكتسب يعود تاريخه إلى أقدم أسلاف الإنسان. يعتقد البعض الآخر أن التقبيل هو أكثر من سلوك فطري.

ووفقًا لدراسة صادرة من جامعة “إنديانا” الأميركية، فإن حوالي نصف ثقافات العالم تستخدم التقبيل عند التحية. في أميركا الوسطى والجنوبية لا ثقافة للتقبيل إلا نادرًا، حيث أن أربع ثقافات من أصل سبع عشرة في أميركا الجنوبية تسمح بالتقبيل، أما في أفريقيا فنسبة انتشارها أربع ثقافات من أصل سبعة وعشرين، وأظن أن الثقافة التونسية من بين هذه الأربع. أما في أميركا الوسطى فالتقبيل غير موجود إلا بين الأزواج وهو “التقبيل الرومانسي”، وهذا مشابه لما يحدث في أميركا الشمالية التي تنتشر فيها القبلات الحميمية أكثر من التي تعبر عن الترحيب.

وعلى مستوى حوض الأمازون، تنعدم القبلات بين الأشخاص باستثناء الأزواج، أما في أوروبا وآسيا فالتقبيل الرومانسي هو الأكثر شيوعًا.

إن القبلة، بالاسم، لها اختلافات ساحرة؛ إنها “بيزو” بالفرنسية، و”كيس” بالإنجليزية، و”بيسو” بالإسبانية، و”بيجو” بالبرتغالية، و”باتشو” بالإيطالية، و”شوما” بالهندية، وأفضلها “بوسة” بالعربية.

غيّر الوباء بالفعل الطريقة التي نحيي بها بعضنا البعض، ورغم أنه حرمنا من تقبيل أحبائنا فقد وفر علينا عناء تقبيل من لا نستسيغهم. أصبحنا أقل نفاقا.

24