بوركينا فاسو عاجزة عن التصدي للمد الجهادي

واشنطن - أعرب أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأحد، عن صدمته وغضبه لمقتل أكثر من 100 شخص في بوركينا فاسو، في أكثر الهجمات دموية منذ بدء أعمال العنف الجهادية عام 2015 في هذا البلد في غرب أفريقيا.
وأفادت السلطات في بوركينا فاسو أن مسلحين يشتبه بأنهم من تنظيمات جهادية قتلوا ما لا يقل عن 138 مدنيا في هجومين منفصلين في شمال البلاد المضطرب.
ووقع الهجومان في المنطقة المسماة “المثلث الحدودي” بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر الذي يشهد هجمات دامية مستمرة ينفذها جهاديون مرتبطون بتنظيمي القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية ضد مدنيين وعسكريين.
وفي رسالة تعزية لعائلات الضحايا، ندد رئيس بوركينا فاسو روش مارك كريستيان كابوري بـ”الهجوم الهمجي” ووصفه بـ”الشائن”. وأضاف “يجب أن نظل متماسكين ومتحدين ضد القوى الظلامية”.
ويأتي الهجومان بعد أسبوع من هجومين آخرين في المنطقة نفسها، أوديا بأربعة أشخاص بينهم اثنان من عناصر ميليشيا “متطوعون للدفاع عن الوطن”.
وأنشئت “متطوعون للدفاع عن الوطن” في ديسمبر 2019، وهي تخوض عمليات إلى جانب الجيش وتؤدي مهام مراقبة واستعلام وحماية، ويتلقى عناصرها تدريبا عسكريا أساسيا لأسبوعين.
كما أنهم يتعقبون أثار الجهاديين وغالبا ما يقاتلون مع الجيش، وقد تكبدوا خسائر فادحة تجاوزت 200 قتيل منذ عام 2020.
وكانت مجموعة الأزمات الدولية قد حذرت في وقت سابق من إمكانية تنامي قوة تنظيم الدولة الإسلامية في معاقل التنظيم بقارة أفريقيا نتيجة لجماعات الأمن الأهلية المحلية، التي تؤجج مظاهر الظلم.
وقالت المجموعة إن صعود المجموعات المناهضة، من شأنه أن يوفر لداعش المزيد من المقبلين على الانضمام للتنظيم.
وبعد سقوط ما يسمى بـ”خلافة داعش” ومقتل زعيمها، أبوبكر البغدادي، وتفرق عناصرها، وجد التنظيم المتطرف شريان حياة جديد في أفريقيا عبر التحالف مع جماعات مسلحة محلية تعتقد أنها مضطهدة، ما عزز قوة التنظيم في جمع الأموال وتجنيد المقاتلين.
صعود المجموعات المناهضة، من شأنه أن يوفر لداعش المزيد من المقبلين على الانضمام للتنظيم
وأقام داعش علاقات مع العديد من حركات التمرد المحلية، فيما يصفه المحللون بأنه “زواج مصلحة”.
وهذا “الزواج”، يعني أن الجماعات المتشددة المحلية ستحصل على الشرعية اللازمة لتنفيذ عملياتها وكذلك يعني أن الحكومات ستعترف بوجودها على الأرض.
وأما بالنسبة إلى تنظيم داعش، فيعني هذا أنه سيتمكن من استغلال هجمات المسلحين المحليين واستخدامها كدليل على أن “جهاده العالمي” ما يزال على قيد الحياة.
ووفرت النعرات الانفصالية والتوترات العرقية في أفريقيا بيئة خصبة لتمدد الحركات الجهادية واستقطاب المزيد من الأنصار ما مكنها من تحقيق مكاسب.
ويعزو مراقبون ذلك بدرجة أولى إلى المظالم المحلية التي يتعرض لها المواطنون إلى جانب تركيز المجتمع الدولي على الجانب الأمني لمكافحة الجهاديين بدل إيجاد حلول لتلك المظالم.
وعلى الرغم من العنف، فشلت الحكومات الأفريقية والمجتمع الدولي في معالجة المظالم التي طال أمدها. ويقول الباحث في المعهد الديمقراطي كريستوفر فومونيو “عندما يُسمح للمظالم المحلية بالتفاقم، يمكن أن تتحول في النهاية إلى صراعات أوسع وأزمات ونزاعات مسلحة، والتي يمكن أن يكون لها عواقب مدمرة على أساس عابر للحدود الوطنية”.
ومنذ 5 مايو، تصاعد عدد الهجمات الجهادية، وشنّت القوات المسلحة عملية واسعة النطاق في منطقتي الشمال والساحل.
ورغم الإعلان عن العديد من العمليات المماثلة، فإن القوات الأمنية تواجه صعوبات من أجل وقف دوامة العنف الجهادي الذي أودى بأكثر من 1400 شخص منذ عام 2015 وتسبب بنزوح أكثر من مليون آخرين من مناطق النزاع.