"بلد وحّده البحر".. رحلة بصرية فنية في تاريخ الساحل الفلسطيني

مواد المعرض تتنوّع بين القطع التاريخية من الحياة اليومية، والأعمال الفنية التركيبية، والفيديو آرت واللوحات الفنية.
الجمعة 2021/10/01
بحر وزوارق.. حكايات وأسرار

الضفة الغربية (فلسطين) - يأخذ المعرض الفني “بلد وحّده البحر: محطات من تاريخ الساحل الفلسطيني” زائريه في رحلة بصرية عبر فنون متعدّدة تمتد إلى مئتي عام من التاريخ.

ويقدّم المعرض المقام حاليا في المتحف الفلسطيني في بيرزيت في الضفة الغربية محطات من تاريخ الساحل الفلسطيني منذ العام 1748 وحتى عام 1948، وما بينهما من أحداث شهدت سقوط إمبراطوريات وصعود أخرى وما تركته من معالم وآثار في المناطق التي حكمتها.

وتتنوّع مواد المعرض بين الصور الأرشيفية النادرة، والقطع التاريخية من الحياة اليومية، والأعمال الفنية التركيبية، والفيديو آرت، واللوحات الفنية، والخرائط التفاعلية، والمقابلات والروايات الشفوية والوثائق التاريخية.

وجاء في نشرة عن المعرض أنّ ما يتضمّنه هو “أداة فحص لمفهوم الكيان السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تحقّق في وجود البلد، قبل وجود الدولة الحديثة وقبل وجود الاستعمار، مُقدّمة تاريخ أهل فلسطين وحاضرهم على أرضهم كمُجتمع مُعقّد له استمرارية تاريخية وعلاقة وثيقة وحميمة مع الأرض والبحر”.

وقالت إيناس ياسين المشرفة على المعرض “استطعنا توظيف التاريخ عبر تسلسل زمني يمتدّ على مدار مئتي عام، من خلال مواد متنوّعة، تخلق للزائر تجربة حسية وبصرية ومعرفية وتأملية مختلفة، وتضع النكبة في سياقها التاريخي الأوسع”. وأضافت “يحاول المعرض أن يقدّم إلى الجمهور الرواية التاريخية الغائبة عن فلسطين”.

إيناس ياسين: المعرض يستعرض الرواية التاريخية الغائبة عن فلسطين

وأوضحت أن المعرض الذي ارتكز على استشارة تاريخية من الأكاديميين والمؤرّخين عادل منّاع ومحمود يزبك “يتوقّف عند خمس محطات تم اختيارها لعكس تاريخ الساحل الفلسطيني الذي يثبت وجوده وحضارته ما قبل الحقبة الاستعمارية وما قبل الانتداب والنكبة”.

ويوظّف المعرض أدوات التكنولوجيا الحديثة من خلال برامج الكمبيوتر والتصوير الجوي والتسجيل الصوتي وصور ووثائق أرشيفية وأعمال فنية من رسم ونحت وفن تشكيلي لرواية تاريخ يمتد إلى مئتي عام.

وقالت عادلة العايدي هنية مدير عام المتحف “يواصل المتحف، من خلال هذا المعرض، تحقيق رسالته في إنتاج ونشر تجارب معرفية تحرريّة عن فلسطين، شعبا وثقافة وتاريخا”.

وأضافت “مع المطبوعات والفعاليات العامة والتربوية والفكرية التي سنقدّمها على مدار المعرض، نواصل إنتاج المعرفة في توليفة تجمع بين معرفة تاريخية محكّمة، ومادة وثائقية غنية، وتدخّلات فنية وتصميمية متعدّدة الوسائط، مع خلق مساحات لملامسة تجارب الماضي حسيا ومعرفيا”.

ويُتيح المعرض “الذي يتوقّف عند عام 1948، قراءة مُتجدّدة لحدث النكبة عبر محطات تاريخية امتدّت على طول مئتي عام من الزمن”.

ويتناول العديد من جوانب الحياة خلال تلك الفترة الزمنية سواء تعلّق ذلك بالتجارة أم بالفن المعماري أو الحياة الثقافية والفنية والسفر عبر البحر وسكك الحديد وما شهدته تلك الفترة من صدور صحف ومجلات.

ويقدّم المعرض الذي يستمرّ حتى الحادي والثلاثين من أكتوبر العام القادم فرصة لمشاهد مقاطع فيديو قديمة من الأرشيف، إضافة إلى صور تعكس الفن المعماري لمدن عكا ويافا خلال الفترة الزمنية التي يغطيها المعرض.

وتتناول الأعمال المشاركة في المعرض، روايات مختلفة تُحيط بتاريخ مدن الساحل الفلسطيني وتحوّلاتها السياسية والاقتصادية والعمرانية خلال المدة المذكورة، حيث تركّز الرواية الأولى على صعود مدينة عكا في منتصف القرن الثامن عشر، وتضيء في الوقت نفسه على نماذج من التاريخ السياسي والاقتصادي والعمراني في المنطقة، قبل تكوّن مفاهيم الدولة الحديثة.

فيما تتناول الرواية الثانية صعود مدينة يافا في القرن التاسع عشر، وتسلّط الضوء على عملية التركّز التدريجي للاقتصاد ورأس المال في مدن الساحل، إضافة إلى تنامي النفوذ الأوروبي فيها خلال تلك الفترة، ودوره في وقوع النكبة منتصف القرن العشرين.

Thumbnail

وجرى توزيع الأعمال المشاركة في المعرض على أربعة أقسام؛ يتناول الأول الحالة العمرانية الناهضة لمدينة عكا خلال القرن الثامن عشر. في حين يضيء القسم الثاني على التأثير المهم للتنظيمات العثمانية الجديدة على المنطقة.

أما القسم الثالث فيتطرّق إلى أحوال مدينة يافا، والدور الذي لعبه ميناؤها في منح فلسطين دورا مهما في حركة التجارة العالمية عبر تصدير المنتجات الزراعية من خلاله إلى أوروبا. بينما خُصّص القسم الأخير للإضاءة على حقبة الانتداب البريطاني، ودوره في وقوع النكبة منتصف عام 1948.

ويُشارك في المعرض مجموعة من الفنانين الفلسطينيين والعرب، هم عبد عابدي ومنار الزّعبي وأمير نزار الزّعبي ورائد دزدار وبشّار خلف وديما سروجي وشريف سرحان وعيسى غريّب وسوزان غروثويس وساشا خوري ونور أبوهشهش.

وقال الفنان بشّار خلف الذي يُشارك في المعرض بعمل فني حمل عنوان “عيش الحلم” المستوحى من دعايات شركات المشروبات الغازية “يعكس العمل مفهوم الخداع البصري”.

وأضاف “العمل يحكي عن إعلان ضخم جدا أنتجته شركة كان معلقا في ممرّ بصيري نحو الساحل الفلسطيني، هذا الإعلان حجب مفهوم الخيال وحرمنا من تخيّل الساحل”.

وذكرت نشرة المعرض أن بعض المواد الأرشيفية والتحف المعروضة فيه تعود إلى مؤسّسات وعائلات وأشخاص ساهمت في إثراء هذا المعرض الذي يقام بدعم من عدد من المؤسسات المحلية والدولية.

والمتحف الفلسطيني الحاضن للمعرض مؤسسة ثقافية مستقلة، مكرّسة لتعزيز ثقافة فلسطينية منفتحة وديناميكية على المستويين المحلي والدولي، ويهدف المتحف إلى إنتاج روايات عن تاريخ فلسطين وثقافتها ومجتمعها بمنظور جديد، كما يوفّر بيئة حاضنة للمشاريع الإبداعية والبرامج التعليمية والأبحاث المبتكرة، وهو أحد أهم المشاريع الثقافية المعاصرة في فلسطين.

17