بري يفعّل جهوده على خط التشكيل الحكومي بعد نزعه فتيل رسالة عون

بيروت – تتجه أنظار اللبنانيين هذه الأيام إلى تحركات رئيس مجلس النواب نبيه بري وتصريحاته، لاسيما بعد أن نجح الرجل في سحب فتيل انفجار سياسي كادت تتسبب به رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى مجلس النواب، والتي يحمّل من خلالها رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري ضمنيا مسؤولية الإخفاق في تشكيل حكومة.
ونجح بري في فك حصار كان يتهدد الحريري لإجباره على الاعتذار، كما ترك فرصة تشكيل الحكومة قائمة بتفادي حدوث قطيعة تامة بين رئيس الوزراء المكلف ورئيس الجمهورية.
وحذّر رئيس مجلس النواب الإثنين من أن “الأزمات إذا لم تعالج ستطيح بلبنان”، مشددا على الجميع “استشعار الخطورة الراهنة”. جاء ذلك في كلمة متلفزة وجهها بمناسبة عيد “المقاومة والتحرير” الذي يحتفل به لبنان في 25 مايو من كل عام، وهو تاريخ انسحاب إسرائيل من معظم الأراضي اللبنانية التي احتلتها عام 1978.
وقال بري إن “استمرار الأزمات من دون مبادرة سريعة وفورية لمعالجتها ستطيح بلبنان، والواجب يفرض على الجميع؛ موالاة ومعارضة، استشعار الخطورة الراهنة التي تهدّد لبنان”.
وأضاف “على المعنيين بالتأليف والتشكيل والتوقيع أن يبادروا اليوم قبل الغد من دون شروط مسبقة إلى إزالة العوائق الشخصية التي تحول دون تشكيل حكومة وحدة وطنية من أصحاب الاختصاص، ولا أثلاث معطّلة لأحد”.
وشدد بري على أنه “علينا تحرير لبنان من عقدة الأنانية، وتحريره من حقد الطائفية والمذهبية من خلال الدولة المدنية وإقرار قانون للانتخابات خارج القيد الطائفي وإنشاء مجلس شيوخ”.
وسبق وأن طرح بري مبادرة لتسوية الأزمة الحكومية تقوم على إلغاء بدعة الثلث المعطل، وتقول أوساط سياسية إن بري يحاول جاهدا تحقيق اختراق، وإن كانت مواقف الرئيس عون ومن خلفه صهره رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل تبدو حتى الآن سلبية.
وتلفت الأوساط إلى أن تحركات بري تأتي بضوء أخضر من حليفه حزب الله الذي يبدو أنه قرر الانكفاء وترك الملف بأيدي زعيم أمل رافضا في الآن ذاته ممارسة أي ضغوط على الرئيس عون ومن خلفه باسيل.
ويختلف رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري منذ 7 أشهر مع الرئيس ميشال عون حول تشكيلتها، ويتمحور الخلاف بينهما حول عدد الحقائب الوزارية، وتسمية الوزراء خصوصا المسيحيين منهم.
ويتهم الحريري عون، بمحاولة الحصول لفريقه (التيار الوطني الحر) على “الثلث المعطل” في الحكومة، وهو ما ينفيه الرئيس. و”الثلث المعطل” يعني حصول فصيل سياسي على ثلث عدد الحقائب الوزارية، ما يسمح له بالتحكم في قرارات الحكومة وتعطيل انعقاد اجتماعاتها.
ومنذ أكثر من عام، يعاني لبنان أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، ما أدى إلى انهيار مالي غير مسبوق في تاريخ هذا البلد العربي.
ويرى مراقبون أن تحركات بري وإن نجحت في خفض التوتر السياسي على خط عون الحريري بيد أنه ليس من المتوقع حدوث انفراجة حكومية على المدى القريب، وهذا الأمر ستكون تكلفته باهظة على لبنان اقتصاديا وماليا.