براءة.. من الزواج العرفي

التلفزيونات الخاصة تجذب الأنظار أكثر من التلفزيون الحكومي الذي يظل محافظا على ثوابته ويرفض المغامرة غير المحسوبة.
الخميس 2022/04/07
مسلسلات إجتماعية جاذبة للمشاهد العربي

يطارد الناس المسلسلات من قناة إلى أخرى خاصة تلك التي تحصل على إشادات موجهة في مواقع التواصل، وحتى التي يتم انتقادها فإنها تحظى بمتابعة كبيرة إذا كان النقد يتعلق بإثارتها لقضايا ذات مضمون اجتماعي جذاب مثل التي تناقش قضايا الاغتصاب أو الزواج العرفي والعلاقات المفتوحة.

تجذب التلفزيونات الخاصة الأنظار أكثر من التلفزيون الحكومي الذي يظل محافظا على ثوابته ويرفض المغامرة غير المحسوبة خاصة حين تكون عيون السياسيين مفتوحة عليه وينتظرون أي “خطأ” ليمارسوا عليه ضغوطهم ويطوعوه وفق أجنداتهم.

بعد ثورة 2011 في تونس تخلت التلفزيونات الخاصة عن الحذر في مناقشة القضايا الاجتماعية، وباتت تتنافس في إثارة القضايا الاجتماعية التي يشاهدها الناس بنسب عالية ومع ذلك يختلفون بشأنها بين من يدافع عن سقف الحرية الممنوح ومن بين من يرفضه خاصة من بين الإسلاميين الذين يجدون الفرصة ليطلوا برؤوسهم لإظهار الغيرة على المنظور المحافظ حتى وإن كان لا يتقاطع مع الدين.

دخل على خط النقد هذا العام الكثير من دعاة التحديث والتطوير خاصة بعد أن تفاجأوا بترويج مسلسل “براءة” على قناة “الحوار” لمسألة الزواج العرفي، وهو زواج يتعارض مع ثقافة الدولة الوطنية التونسية الحديثة، كما يتعارض مع الموروث الفقهي المالكي الذي يشترط في أي زواج الإشهار، وأن يكون برضا الولي، وليس مجرد اتفاق سري بين اثنين.

وتأتي خطورة الترويج لهذا النوع من الزواج والبحث له عن “فتوى” دينية من كون المسلسل يضع نفسه ضمن موجة المسلسلات التي تناقش قضايا الإرهاب وتقاوم التطرف بالثقافة، في الوقت الذي يفترض من المخرج أن يقرأ حسابه لمثل هذه التفاصيل التي قد توفر مسوغا لانتشار ظاهرة الزواج العرفي في ظل الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد، وفي ضوء أرقام مفزعة عن نسب تأخر سن الزواج لدى الجنسين.

وكانت هذه القضية قد لاقت ردة فعل شعبية قوية حين ظهرت تقارير عن انتشار ظاهرة الزواج العرفي بين طلبة وطالبات من التيار السلفي في أوج الفوضى التي عرفتها تونس بين 2011 و2013.

قد يكون المخرج متأثرا بنجاحات المسلسلات المصرية وسعى للاستفادة من متانة قصصها ببعض التفاصيل. لكن انفتاح المسلسلات التونسية على “نقاط قوة” نظيرتها المصرية لم يقف عند حدود “استعارة” فكرة الزواج العرفي، بل توسع لإعادة إنتاج نموذج اجتماعي تقليدي يكون فيه البطل مشابها لـ”سي السيد” والمرأة كائنا ضعيفا.

استراتيجية مواجهة التطرف تحتاج إلى رؤية تحافظ على خيط ناظم في عرض القضايا الاجتماعية والرسائل التي تحملها إلى المتلقي لتحييده وليس إعادة إنتاج الثقافة الملائمة التي خدمت صعود ظاهرة المتطرفين إلى الواجهة.

20