باسم السلكا يتخلى عن هواية الكتابة ويحترف الإخراج في "بورتريه"

بشكل مباغت يؤكد السيناريست والمخرج السوري باسم السلكا أنه لم يخطّط يوما لاحتراف الكتابة للدراما، وهو الذي كتب الجزأين الأخيرين من مسلسل “الهيبة” الذي يعدّ واحدا من أشهر المسلسلات الدرامية العربية الحديثة. فالكتابة بالنسبة إليه طريق ثانوي لا يحمل فيها طموحات عريضة. وهو يفضل على ذلك مهنة الإخراج التلفزيوني التي يسعى إلى تأكيد حضوره القوي فيها.
دمشق – عمل السيناريست والمخرج السوري باسم السلكا مطولا في العديد من الأعمال السورية والعربية، وقدّم قبل فترة عمله الأول على صعيد الإخراج التلفزيوني، هو مسلسل “العميد” من بطولة تيم حسن وكاريس بشار، وهو يعرض الآن على منصات التواصل الاجتماعي وبعض الشاشات العربية. زارته “العرب” وهو يستعد للبدء في تصوير مسلسله الثاني “بورتريه” الذي سيقدّم في الموسم الرمضاني القادم.
في مسلسله “العميد” يذهب السلكا في تحقيق حالة تشويق كبرى من خلال النص الذي كتبه بنفسه، ومن خلال أسلوب إخراجي يعتمد إيجاد دلالات بصرية لونية محددة تخدم الفكرة المقدّمة، فقدّم عمله في عشر حلقات تلفزيونية.
عن ذلك يقول باسم السلكا لـ“العرب” “هناك علاقة جدلية بين الكاتب والمخرج في أي عمل تلفزيوني، هذه العلاقة تصبح خاصة عندما يكون الكاتب والمخرج شخصا واحدا، بحيث تكون الأفكار في ذهن واحد، لكن عندما يكون هناك كاتب ومن ثمة مخرج، فإن الأخير سيكون معنيا بنقل أفكار النص إلى معادل بصري مناسب، وستكون هناك إضافات فكرية، وهنا سنكون أمام حالة عاصفة من تبادل الأفكار التي ستؤدي إما إلى نجاح العمل أو عدم وصوله إلى الناس”.
وفي مسلسل “العميد” كان الكاتب والمخرج واحدا، وهو باسم السلكا، لذلك أتى العمل مدروسا بعناية وواضح الآفاق بالنسبة لمرحلة التنفيذ. و“العميد” يتحدّث عن عالم الجريمة ويكشف خطوط جريمة تقع ويفسّر وقائعها، ولكن الخط الواسع فيه هو القانون بما يشمله من انعكاسات اجتماعية وإنسانية.
ويسترسل السلكا “في الحلقة الأخيرة يصل هذا العميد إلى وجهة نظر مختلفة كونه اكتشف أن القوانين التي درسها ثم قام بتعليمها لطلبة كلية القانون في كفة وهموم الناس في كفة أخرى. سرد القصة البوليسية في المسلسل تطلّب مني ألاّ أوضح أحداث العمل من خلال الحوار الذي يدور بين الشخصيات، فهناك شيء يقال وشيء آخر يستنتج، وهذا لكي يكون المتلقي شريكا معنا في العمل”.
أما بالنسبة للحالة البصرية، فقد أوجد المخرج/ الكاتب شيئا مختلفا من خلال الاتفاق مع مدير التصوير والمونتيير على أن يكون اللون عاملا مساعدا في تكوين مزاج الصورة. من هناك تم استخدام لون الخلفية بين الرمادي والأزرق ليمنح للحدث برودته وحياديته، أما اللون الطبيعي البشري فقد تم استخدامه لإيضاح العلاقة الطبيعية بين الشخصيات. كذلك اختلفت الألوان في المخيم لكي تحمل دلالات بصرية موظفة.
ويعترف السلكا أن هذا التكييف الفني يأتي به كل مخرج بشكل مُغاير عن الآخر وهو موضوع لا علاقة له بالدراسة الأكاديمية، على اعتبار أن قسما كبيرا من مخرجي الدراما السورية ليسوا أكاديميين.
ويضيف “أنا كمخرج للمسلسل ليس لديّ تفسير علمي للموضوع. فالمُشاهد يعطي تفسيرا مختلفا وربما أهم، أحيانا. إحساسي بالمشهد هو العامل الذي يجعلني أصنعه بهذا الشكل أو غيره، فالموضوع ليست له علاقة بالدراسة الأكاديمية إنما بالمخزون الفني للمخرج والكم المعرفي الذي يمتلكه ويصنع من خلاله فنه، الفن الدرامي في هذا العصر تحكمه علاقات جديدة وأساليب عمل مختلفة يجب أن نتطوّر معها”.
ومثاله على ذلك، منصات العرض التي تخلت عن إطارها التلفزيوني التقليدي لتقتحم منصات النت، الأمر الذي كسر قاعدة عدد الحلقات المحددة، وهنا يكون المحتوى هو المجال الطبيعي لسرد القصة بغض النظر عن عدد الحلقات، فيمكن للعمل أن يقدّم بعشر حلقات أو ثماني، فالمهم هنا كيفية إيصال الفكرة للمتلقي، لا عدد الحلقات.
وبدأ باسم السلكا مؤخرا في تصوير مسلسله الثاني الذي يوقعه بصفته مخرجا تلفزيونيا، بعد العشرات من الأعمال التي قدّمها سابقا ككاتب للسيناريو. ويحمل المسلسل عنوان “بورتريه” بعد أن كان “ومن الحب”، وهو من إنتاج إيمار الشام.
والمسلسل، هو المحاولة التلفزيونية الأولى للكاتب تليد الخطيب ابن الشاعر الفلسطيني يوسف الخطيب وشقيق المخرج السينمائي والتلفزيوني الشهير باسل الخطيب.
وعن المسلسل يقول السلكا “العمل يحكي عن شريحة الشباب ومشكلاتهم وطبيعة حيواتهم، ويلقي الضوء على بعض المتاعب التي يعانون منها والآمال التي يريدون الوصول إليها”.
و“بورتريه” سيكون مطروحا في الموسم الرمضاني القادم، وقد شرع السلكا في تصويره فعليا، مؤكدا أنه سيدخل الموسم الرمضاني وهو لا يزال في مرحلة التصوير والمونتاج، كون العمل طويلا، فهو مكوّن من 38 حلقة.
وبشيء من الحسرة والألم يقول السلكا “تمنيت في هذا المسلسل أن يساهم بعض القائمين على العمل الدرامي السوري بخبرتهم الكبيرة، أولئك الذين يتحدّثون عن ذكريات جميلة كانت لهم فيها. أتوجه إلى هؤلاء بصيحة ورجاء، أن يتجهوا للعمل وليس التنظير فحسب، فهو لن يعيد الحالة الصحية للدراما السورية”.
وعن الضجيج السياسي العالمي الموجود والمستعر حاليا وضرورة التعامل معه فنيا، يرى باسم السلكا أن المادة الفنية تنجز بعد أن تكون الأمور السياسية والإنسانية قد اتضحت وظهرت في تشكيلاتها المستقرة. ويسترسل “طالما أننا لم نصل بعد لهذه المرحلة فالمادة الفنية ليست جاهزة، فحجم المتغيّرات كبير والأوضاع باتت حادة سواء على مستوى الدول أو المنظمات الدولية أو الأشخاص، وهذا ما يؤجل بالضرورة أي مشروع فني يمكن أن ينجز حاليا”.