انقلاب مالي وتوترات تشاد يعقدان جهود مكافحة الجهاديين في الساحل الأفريقي

مجموعة دول الساحل الأفريقي تواجه تحديات أمنية واقتصادية متزايدة.
الأربعاء 2021/06/02
غياب الاستقرار يساعد على تمدد الإرهاب

باماكو - يعتبر أحمد ولد محمد المصطفى الباحث المتخصص في شؤون دول الساحل الأفريقي أن الانقلاب الأخير في مالي ستكون له تداعيات كبيرة على دول مجموعة الساحل الأفريقي، خصوصا أنه يأتي بعد الأحداث التي عرفتها تشاد.

وقال ولد محمد المصطفى إن الأحداث في مالي وتشاد ستؤثر بشكل كبير على أجندات مجموعة دول الساحل الخمس، كما أنها ستجعل النيجر بين فكي كماشة أمنية، ليُضاف هذا إلى التحديات التي كانت قائمة.

وفي أبريل الماضي أعلن الجيش التشادي مقتل رئيس البلاد إدريس ديبي (68 عاما)، متأثرا بجروح أصيب بها خلال تفقده قواته في الشمال، حيث يشن متمردون هجوما لإسقاط نظامه الحاكم منذ 1990.

ومجموعة دول الساحل “جي 5” تجمع إقليمي للتنسيق والتعاون يضم موريتانيا وبوركينا فاسو ومالي وتشاد والنيجر، تأسس عام 2014، ويهدف إلى مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، والعمل على حشد تمويلات واستقطاب استثمار أجنبي للنهوض ببلدانه الأعضاء، وفق ما يعرّف التكتل نفسه.

ويشير ولد محمد المصطفى إلى أن الأوضاع المتلاحقة في مالي تجعل التنسيق بين دول المجموعة أمرا مهمّا من شأنه أن يمهد لاستعادة المنطقة استقرارها مستقبلا.

وفي 25 مايو الماضي اعتقل الجيش المالي رئيس البلاد المؤقت باه نداو ورئيس الوزراء مختار عوان، قبل إطلاق سراحهما بعد إجبارهما على الاستقالة، فيما اعتُبر انقلابا عسكريا ثانيا في غضون 9 أشهر.

أحمد ولد محمد المصطفى: الحركات المسلحة تسعى لتوسيع نفوذها وتعزيز حضورها
أحمد ولد محمد المصطفى: الحركات المسلحة تسعى لتوسيع نفوذها وتعزيز حضورها

ووقعت الاعتقالات، بعد إعلان تغيير في الحكومة، حيث تم استبدال عضوين من المجلس العسكري الذي استولى على السلطة من الرئيس السابق إبراهيم أبوبكر كيتا في أغسطس الماضي.

والجمعة أعلنت المحكمة الدستورية في مالي تسمية الجنرال آسيمي غويتا رئيسا انتقاليا للبلاد، فيما علقت مجموعة “إيكواس” (تضم 15 دولة في غرب أفريقيا) عضوية مالي في التكتل الإقليمي على خلفية الانقلاب.

ويرى ولد محمد المصطفى أن التطورات الأخيرة في مالي “تبدو في عمومها غير مفاجئة، فتعدد أسباب الأزمة وتعقدها وكثرة المتدخلين فيها وغياب أي اهتمام بالحلول الجذرية لمشكلاتها.. كلها عوامل تجعل ما وصلت إليه الأزمة طبيعيا في سياقه”.

ويضيف “نحن أمام وضع اجتماعي معقد وظروف اقتصادية ضاغطة وأجواء سياسية بعيدة عن الاستقرار”.

ولفت إلى أنه “إذا كانت الانقلابات العسكرية تعد من المخارج التي يُلجأ إليها أحيانا في بعض البلدان، أو تعتبر كآخر الدواء، فإن التجربة المالية منذ أغسطس الماضي تثبت أنها قد لا تكون كذلك دائما”.

ويلفت الباحث الموريتاني إلى أن مالي اليوم أمام خيارين: الأول أن يتم التعاطي مع الأوضاع بواقعية، ويترك قائد الانقلاب يكمل ما تبقى من الفترة الانتقالية حفاظا عليها حتى لا تنهار بشكل كلي، ويمكن العمل تكتيكيا للحصول على تنازلات منه لإشراك المدنيين بأعلى سقف ممكن، كرئاسة الحكومة مع منح الوزير الأول صلاحيات، على الأقل تنظيمية في ما يتعلق بالانتخابات المرتقبة.

وأما الخيار الآخر، فهو التعامل مع الواقع الجديد باعتباره انقلابا مكتمل الأركان، وبدء المفاوضات من نقطة الصفر، مع ما يعني ذلك من إمكانية التوصل إلى اتفاق جديد بعد مسار تفاوضي قد يطول، وقد يكون من نتائجه اعتماد مرحلة انتقالية جديدة، تمدد فترة بقاء القادة العسكريين في مواقع الحكم والنفوذ.

وينبّه ولد محمد المصطفى إلى أن التطورات في مالي ستكون لها انعكاسات بالغة الخطورة على الوضع الأمني في هذا البلد الأفريقي.

ويرجح أن تستغل الحركات المسلحة الناشطة في المنطقة الأوضاع القائمة لتوسيع نفوذها وتعزيز حضورها والحصول على المزيد من الأوراق ونقاط القوة.

ويقول “إذا استعدنا الأحداث خلال السنوات الماضية، فسنجد أنه في كل مرة تسوء فيها الأوضاع في باماكو ينعكس ذلك على شمالها ووسطها بشكل مباشر”.

5