انسحاب الأهلي أمام الزمالك يفضح عشوائية الكرة في مصر

اتجاه نحو إلغاء مسابقة الدوري الممتاز وحل رابطة الأندية.
الخميس 2025/03/13
غياب مقلق

العشوائية كانت عنوان أزمة انسحاب الأهلي من مباراته أمام الزمالك مساء الثلاثاء، بسبب عدم تلبية طلبه الاستعانة بحكام أجانب لإدارة المباراة، وتضاربت جهود الجهات المعنية بتنظيم المسابقات المحلية في مجال كرة القدم، ما أدى في النهاية إلى حدوث أزمة تسيء إلى سمعة الكرة المصرية.

القاهرة - شهدت الساعات التي سبقت مباراة الأهلي والزمالك عشوائية واضحة تعكس الهوة التي وصلت إليها الكرة المصرية، وتدخّلت أكثر من جهة لحل الأزمة دون أن تكلف أي منها نفسها عناء التنسيق مع بقية الجهات. وحاول وزير الشباب والرياضة المصري أشرف صبحي التدخل وإيجاد حلول ودية من خلال إقناع مجلس إدارة الأهلي بتأجيل المباراة لعدة ساعات أو يوم كامل مع الاستعانة بطاقم تحكيمي من إحدى الدول العربية.

وركز الوزير المصري مفاوضاته مع الأهلي وتجاهل الطرف الثاني وهو الزمالك، ولم يقم بالتنسيق مع مجلس إدارة اتحاد الكرة أو رابطة الأندية التي ترعى مسابقة الدوري، ما جعل مجلس إدارة الزمالك يتمسك بالذهاب إلى الملعب في موعد المباراة، ودفع اتحاد الكرة إلى إرسال طاقم تحكيم مصري ومراقب للمباراة إلى الملعب، ما نسف جهود وزير الرياضة وزاد تعقيد الموقف قانونيا.

وتدخل هاني أبوريدة رئيس اتحاد الكرة في اللحظات الأخيرة لمحاولة إنقاذ الموقف وقام بالاتصال بالاتحاد السعودي لكرة القدم لإرسال طاقم تحكيم سعودي لإدارة المباراة، لكنه أيضا لم ينسق مع باقي أعضاء الاتحاد الذين أرسلوا طاقم التحكيم إلى الملعب، ولم يخبر الرابطة بجهوده، فكانت النتيجة وصول الحكام السعوديين إلى مصر بقيادة الدولي محمد الهويش في وقت متأخر من مساء الثلاثاء، واتجهوا إلى فندق الإقامة ولم يتواصل معهم أحد بخصوص المباراة.

احتداد الأزمة

يقول عمرو وهبى مدير التسويق السابق في اتحاد الكرة المصري والمدير التنفيذي السابق لشركة “بريزنتيشن” إن سبب احتداد أزمة المباراة هو غياب اللوائح الواضحة التي تنظم العلاقة بين الجهات المسؤولة عن الدوري، وتحدد دور كل جهة بما لا يتعارض مع جهات أخرى، لا أحد يعلم الخطوط الفاصلة بين دور رابطة الأندية واتحاد الكرة في تنظيم مسابقة الدوري، وتعيين طواقم التحكيم، وهل هي من مهام الرابطة أم الاتحاد أم لجنة الحكام؟

وأشار وهبي إلى وجه آخر للعشوائية بقوله إن مسؤولي الأهلي والزمالك والرابطة كانوا يعرفون موعد المباراة منذ إجراء القرعة فجر الجمعة الماضية، لكن طلب حكام أجانب لم يتم إلا يوم السبت من خلال النادي الأهلي، وبقيت المشكلة في من يتحمل الكلفة المادية لاستقدام الطاقم الأوروبي.

ورفض الزمالك باعتباره صاحب الضيافة تحمل الكلفة بسبب الظروف المالية، وظل الوضع معلقا حتى أرسلت رابطة الأندية (قبل 48 ساعة فقط من موعد المباراة) خطابا للاتحاد تخطره فيه بتحملها كلفة استقدام حكام أجانب، لكن ظهرت مشكلة أخرى هي ضيق الوقت لأن مخاطبة اتحادات الكرة الأوروبية وترشيح حكام وإرسال تذاكر الطيران وما إلى ذلك من ترتيبات يحتاج إلى وقت أطول.

واستمرارا للعشوائية قرر وزير الشباب الاجتماع مع محمود الخطيب رئيس الأهلي أمس الأربعاء لبحث كيفية حل المشكلة، دون أن يدعو أحدا من مسؤولي اتحاد الكرة أو الرابطة لحضور اللقاء، رغم أنهما الجهتان المعنيتان بتنظيم المسابقات المحلية والتعامل مع كل ما يخصها.

◙ استمرارا للعشوائية قرر وزير الشباب الاجتماع مع محمود الخطيب رئيس الأهلي أمس الأربعاء لبحث كيفية حل المشكلة

ولم تُعرف بعد نتائج الاجتماع، لكن مصدرا مسؤولا في الأهلي أشار إلى وعود بحل الأزمة بما يرضي الأهلي وجماهيره، وثمة احتمال صدور قرار بعدم استكمال بطولة الدوري الحالي. وقال المصدر ذاته إن الخطيب اتخذ قرار عدم لعب المباراة بعدما وصلته معلومات مؤكدة تفيد بأن هناك توجها لتسهيل مهمة فريق بيراميدز في الحصول على لقب الدوري هذا الموسم، كي يكون ذلك حافزا للنادي المملوك لمستثمر خليجي للاستمرار في مصر، وتحفيز مستثمرين آخرين لتكرار التجربة مع أندية أخرى من أجل تعزيز الاستثمار الرياضي.

وكان إيهاب الكومي عضو اتحاد الكرة السابق قد ذكر في لقاء تلفزيوني أن لديه معلومات عن وجود نية مبيتة لمنح بيراميدز لقب الدوري هذا الموسم، وأن تلك النية وراء إعداد جدول الدور الثاني الحاسم من البطولة دون حضور مندوبين عن الأندية، وترتيب الجدول بما يخدم مصالح النادي الذي يتصدر الترتيب حاليا.

ومع عدم تقديم دليل على صحة هذه المزاعم تضاربت المعلومات حول أسباب إقامة مباراة الزمالك والأهلي الثلاثاء في بداية جولات مرحلة الإياب من الدوري، بموجب اتفاق بين مسؤولي الرابطة ومسؤولين في قنوات أون سبورت الناقل الرسمي لمباراة الدوري المصري من أجل تنشيط الإعلانات في القنوات التي تراجعت منذ بداية رمضان لانصراف المشاهدين عنها ومتابعة أعمال درامية على قنوات أخرى.

وذكر آخرون أن تصعيد الأزمة نتاج لخلاف حاد بين مسؤولي اتحاد الكرة ورئيس رابطة الأندية أحمد دياب، ويرغب مسؤولو الاتحاد في الضغط لحل الرابطة واستعادة تنظيم المسابقات المحلية مثلما كانت من قبل. وبدأت الخطوات العملية لتنفيذ ذلك بعد استقالة عماد متعب مهاجم الأهلي السابق وممثله في الرابطة، مع توقعات باستقالة أعضاء آخرين، يرون أن ذلك هو الحل الأسهل من حل اتحاد الكرة الذي يترتب عليه الدخول في صدام مع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الذي يتواجد رئيسه وكبار مسؤوليه في القاهرة حاليا لحضور انتخابات الاتحاد الأفريقي (كاف).

وما يعزز هذه الفكرة مبادرة النائب البرلماني المصري أيمن محسب تقديم طلب إحاطة حول ما حدث، والنقطة البارزة هي مطالبته بإعادة هيكلة إدارة كرة القدم لضمان وجود رؤية واضحة وإجراءات حاسمة تمنع تكرار الأزمات، ما يعني ضمنيا حل رابطة الأندية وربما اتحاد الكرة.

مصير مجهول

حتى عصر الأربعاء لم تقرر رابطة الأندية المسؤولة عن تنظيم الدوري مصير المباراة، وهل ستطبق اللائحة على الأهلي مثلما حدث مع الزمالك حين انسحب من مباراة الموسم الماضي أم لا، حيث تم اعتماد فوز الأهلي بنتيجة 2 – 0 وخصم 3 نقاط إضافية من الزمالك، خاصة في ظل تشابه سبب الانسحاب في المناسبتين وهو الاعتراض على التحكيم المصري.

وسبق أن انسحب الأهلي من مباراته أمام نادي الزمالك في موسم 1971 – 1972 بعدما احتسب الحكم المصري الراحل “الديبة” ركلة جزاء للزمالك سجل منها لاعبه فاروق جعفر هدف التقدم، ما دفع لاعبي الأهلي إلى إثارة الشغب ورفضوا إكمال اللقاء، لكن اتحاد الكرة آنذاك لم يجرؤ على اعتبار الأهلي منسحبا وإنما قام بإلغاء مسابقة الدوري بأكملها في ذلك الموسم.

وانسحب الأهلي من مباراته أمام غزل المحلة في موسم 1987 – 1988 لاعتراضه على أداء الحكم محمد حسام الدين، وحينما قرر اتحاد الكرة اعتماد نتيجة المباراة بفوز المحلة 2 – 0 رفض الأهلي القرار وحدثت أزمة انتهت بإقالة مجلس إدارة اتحاد الكرة وإلغاء جميع نتائج تلك الجولة كي لا يتم اعتماد نتيجة المباراة لصالح المحلة.

17