اليهود المغاربة وقضية فلسطين أساس تعاون المغرب وإسرائيل

جدّد العاهل المغربي الملك محمد السادس تأكيده على الأواصر المتينة والخاصة التي تربط الجالية اليهودية من أصل مغربي بالملكية المغربية، وذلك في مباحثات هاتفية أجراها الجمعة، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كما كان الاتصال فرصة لتأكيد الموقف المغربي من القضية الفلسطينية، حيث شدد العاهل المغربي مرة أخرى على دعم المملكة لحقوق الفلسطينيين، وأنها ستواصل الانخراط في النهوض بالسلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
الرباط – أجرى العاهل المغربي الملك محمد السادس، الجمعة، مباحثات هاتفية مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لبحث آليات التعاون بعد توقيع اتفاقية استئناف العلاقات بين الجانبين.
وقالت وكالة المغرب العربي للأنباء إن الملك محمد السادس ذكّر خلال هذه المباحثات، بالأواصر المتينة والخاصة التي تربط الجالية اليهودية من أصل مغربي بالملكية المغربية.
كما جدد التأكيد على الموقف الثابت والذي لا يتغير للمملكة المغربية بخصوص القضية الفلسطينية، وكذلك الدور الرائد للمملكة من أجل النهوض بالسلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
وتساند الرباط حل الدولتين وبقاء القدس متمتعة بوضع خاص كمدينة للديانات السماوية الثلاث.
ويعتقد مراقبون أن المغرب حريص على أن تكون العلاقات مع إسرائيل مبنية على توافقات بأجندة واضحة ودون المس بالجانب السيادي المغربي المتعلق بعلاقاته الخارجية والتزاماته بقضية وحقوق الفلسطينيين.
ويؤكد هؤلاء أن استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل لن يكون على حساب الدعم المغربي للقضية الفلسطينية. وبرأيهم، فإن السلطة الفلسطينية تعي جيدا المواقف التاريخية للمؤسسة الملكية بخصوص القضية الفلسطينية، والتي ما فتئ يدافع عنها الملك محمد السادس في كل المواقف. واستحضر هؤلاء حين أعطى العاهل المغربي أمره بإغلاق مكتبي الاتصال بكل من الرباط وتل أبيب في العام 2000 تنديدا باستفحال الاعتداء الإسرائيلي على الفلسطينيين، وتزامنا مع بدء الانتفاضة الفلسطينية الثانية آنذاك.
وأبلغ العاهل المغربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الأربعاء الماضي، أنه سيتم “قريبا دعوة لجنة القدس للاجتماع في دورتها الـ21 بالمملكة المغربية”.
وجددت الرسالة التي نشرتها وكالة الأنباء المغربية، التأكيد على أن المغرب يضع “دائما القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية”.
وأوضحت أن “عمل المغرب من أجل ترسيخ مغربيتها لن يكون أبدا، لا اليوم ولا في المستقبل، على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل نيل حقوقه المشروعة”.
وأكدت أن “المغرب سيواصل انخراطه البناء من أجل إقرار سلام عادل ودائم بمنطقة الشرق الأوسط”.
وشكلت الروابط القوية التي تجمع يهود المغرب في إسرائيل بالمملكة المغربية، قنطرة لتسهيل استئناف العلاقات بين الرباط وإسرائيل والذي تجسد خلال استقبال العاهل المغربي لرئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، مئير بن شبات.
ويتجه المغرب إلى إعادة فتح مكتب الاتصال الذي أقفل في 2000، من أجل تسهيل التواصل مع الجالية اليهودية المغربية المقيمة في إسرائيل.
وشددت شامة درشول، وهي محاضرة دولية مختصة في تحليل المحتوى الإعلامي، على أن “يهود المغرب في إسرائيل والعالم لا فرق بينهم وبين مسلمي المغرب في المغرب والعالم، تحركهم المصلحة، والتطلع للتقرب من القصر، والاستفادة من وزنه في مصالح خارجية وليس فقط في داخل المغرب، والقصر الملكي يعي هذا الأمر، ويحاول دائما إقامة توازن بين أصحاب جماعات الضغط المغربي المزدوج وبين مصلحة الوطن”.
ويولي المغرب اهتماما بالمكوّن اليهودي في المملكة، وتعزز هذا الاهتمام على المستوى الدستوري بتصنيفه كأحد الروافد المشكّلة لهوية المملكة المغربية، ولطالما كانت توجيهات العاهل المغربي تصب في هذا الإطار بتركيزه على صيانة الموروث الثقافي والديني لليهود المغاربة وتكريس ثراء وتنوع المكونات الروحية للمملكة.
ويرى المراقبون أن المكون اليهودي المغربي بإسرائيل سيكون له أثر كبير في تعميق الرؤية المغربية لحل الدولتين وإعادة فتح قنوات التواصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث أن المملكة المغربية سعت دوما إلى إيجاد تسوية مرضية بين الجانبين.
وسبق لسيمون ليفي، الناشط السياسي والنقابي في عدد من الهيئات السياسية، أن أكد “وجود تعايش حقيقي بين الأديان في المغرب”، مشيرا في الوقت نفسه إلى “دور الجماعات اليهودية في الحياة السياسية، بما فيها دعمها لعملية السلام في الشرق الأوسط”.
المغرب حريص على أن تكون العلاقات مع إسرائيل مبنية على توافقات بأجندة واضحة دون المس بالتزاماته بالقضية الفلسطينية
ونوه العاهل المغربي بإعادة تفعيل آليات التعاون بين المغرب وإسرائيل، واستئناف الاتصالات بشكل منتظم، في إطار علاقات دبلوماسية سلمية وودية.
من جهته، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي عزمه على تنفيذ جميع الالتزامات التي تم التعهد بها، وذلك وفق جدول زمني محدد لتفعيلها. كما وجه نتنياهو دعوة للعاهل المغربي لزيارة إسرائيل.
ويشكل الإعلان الثلاثي الموقع في 22 ديسمبر الجاري، بين المغرب والولايات المتحدة وإسرائيل الإطار المرجعي للدفع بهذه العلاقات وتطويرها.
والثلاثاء، تم بالرباط التوقيع على إعلان ثلاثي بين الولايات المتحدة والمغرب وإسرائيل يؤكّد التعاون في مجالات عدّة، وذلك في ختام أول زيارة أجراها وفد إسرائيلي – أميركي إلى المغرب منذ إعلانه استئناف علاقاته مع إسرائيل بوساطة أميركية.
وأكد الإعلان الذي تلاه وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة على الترخيص للرحلات الجوية المباشرة بين المغرب وإسرائيل، و”الاستئناف الفوري للاتصالات الكاملة والأخوية” بين مسؤولي البلدين.
كما نص على تشجيع و”مواصلة التعاون” في مجالات اقتصادية عدة، مع التوقيع على أربع اتفاقيات بين المغرب وإسرائيل تهم الطيران المدني والتصرف في المياه والتأشيرات الدبلوماسية وتشجيع الاستثمار والتجارة بين البلدين.
وبحسب قناة “كان” العبرية الرسمية “وجّه نتنياهو دعوة للملك محمد السادس لزيارة إسرائيل، وتبادلا التهاني بمناسبة استئناف العلاقات الدبلوماسية”.
ووصلت الثلاثاء أول رحلة تجارية مباشرة بين إسرائيل والمغرب من تل أبيب، تحمل وفدا أميركيا – إسرائيليا ترأّسه مستشار الرئيس دونالد ترامب جاريد كوشنر والمستشار الخاص لرئيس الوزراء الإسرائيلي مئير بن شبات.
وفي 10 ديسمبر الجاري، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اتفاق المغرب وإسرائيل على تطبيع العلاقات بينهما. كما أعلن ترامب، في اليوم نفسه، اعتراف بلاده بمغربية الصحراء، وفتح قنصلية أميركية بمدينة الداخلة في الإقليم المتنازع عليه بين الرباط وجبهة “البوليساريو”، المدعومة من الجزائر.
وتؤكد الرباط أن الأمر ليس تطبيعا وإنما استئناف للعلاقات الرسمية التي بدأت عام 1993، وتم تجميدها عام 2002.