الهجمات السيبرانية حرب تشتعل نيرانها بين إيران وإسرائيل

شكل الفضاء السيبراني مساحة مواجهة جديدة بين إسرائيل وإيران، حيث أطلقت تل أبيب مناورات غير مسبوقة تركز بشكل خاص على التصدي لسيناريو القرصنة، وذلك عقب اختراق قراصنة مرتبطين بطهران خوادم لموقع “سايبرسيرف” الإسرائيلي للاستضافة.
تل أبيب- أشعلت الهجمات السيبرانية المتبادلة نار التوترات بين إيران وإسرائيل، مع إطلاق تل أبيب أكبر تدريب على مواجهة هجمات متزامنة وخاصة القرصنة، وذلك ردا على تهديدات طهران المحتملة ووسط تبادل الاتهامات بشأن الهجمات الإلكترونية.
وبدأت إسرائيل الأحد تدريبا هو الأوسع على مواجهة الجبهة الداخلية سلسلة من التهديدات المتزامنة، والتعرض لهجوم إلكتروني يشل أنظمة حيوية، وهجوم بمواد سامة، وإخلاء مصابين. ويجرى التمرين، الذي يستمر حتى الأربعاء، بالمشاركة بين الجيش الإسرائيلي وهيئات ومؤسسات حكومية مختلفة، بحسب بيان للجيش.
وقال العقيد (احتياط) يورام لاردو، رئيس هيئة الطوارئ الوطنية “هذا حدث غير مسبوق. هذه هي المرة الأولى التي نجري فيها تدريبا بهذا الحجم”. وأوضح أن التمرين “يحاكي حربا متعددة الجبهات، ويشمل الاستجابة للتعرض لأسلحة دقيقة، ومعدل إطلاق نار مرتفع وإطلاق مركّز للصواريخ على البلدات القريبة من السياج الحدودي، وتكدس في المستشفيات في الشمال والوسط”.

نفتالي بينيت: إسرائيل ستقوم بكل ما هو لازم لمواجهة التهديدات الإيرانية
وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أن التدريب سيجري بمشاركة الآلاف من الجنود، وسيشمل “إخلاء السكان من خط المواجهة، وتفريق أعمال شغب على خلفية قومية في المدن المختلطة”.
وسيتم إطلاق صافرات الإنذار في جميع أنحاء البلاد، للتدريب على دخول الملاجئ والمناطق المحصنة، بحسب المصدر ذاته.
وخلال التمرين، سيتم التدريب أيضا على إطلاق إيران صواريخ على البلدات والمدن. وسيركز التمرين على مواجهة سيناريو التعرض لهجمات إلكترونية يمكن أن تشل أو تعطل المراكز الطبية والأنظمة المدنية، مثل النقل العام وإشارات المرور والبنوك وشبكات الاتصالات.
ويرى المتابعون أن التدريب الإسرائيلي يعكس حجم التصعيد الذي بلغ ذروته بين الطرفين، ولاحظ هؤلاء أن الفضاء السيبراني مساحة المواجهة الجديدة بين تل أبيب وطهران.
وأعلنت مجموعة القراصنة “بلاك شادو” التي قُدّمت على أنها مرتبطة بإيران، السبت عبر تطبيق تلغرام أنها اخترقت خوادم لموقع إسرائيلي للاستضافة، في حين لم يستبعد مسؤول إيراني أن تكون إسرائيل وراء الهجوم الإلكتروني الذي عطل مبيعات البنزين في جميع أنحاء الجمهورية الإسلامية قبل أيام.
ومن الأهداف التي طالها هجوم “بلاك شادو”، مواقع شركتي النقل العام دان وكافيم اللتين تخدمان منطقة تل أبيب، ومتحف الأطفال في مدينة حولون والمدونة الإلكترونية للإذاعة العامة.
وتعذر الوصول إلى هذه المواقع التي تستضيفها شركة “سايبرسيرف” عند منتصف نهار السبت. ونشرت “بلاك شادو” على تلغرام ما قدمته على أنه ملف عملاء يتضمن أسماء وعناوين البريد الإلكتروني وأرقام هواتف مستخدمين لشركة كافيم.
وحذرت مجموعة القرصنة في رسالة أرفقتها بملف الشركة المفترض، من أن “البيانات الأولى موجودة هنا. إذا لم تتصلوا بنا فسيكون هناك المزيد”. ونشر المخترقون في المساء رسالة جديدة تشير إلى أن لديهم الآن “المزيد من البيانات”.
وكانت هذه الرسالة مصحوبة بملفات مزعومة لعملاء شركة سفر وموقع مواعدة عبر الإنترنت، مما قد يجعل الهويات والتوجهات الجنسية لمستخدمي الموقع علنية. وكان قراصنة المعلوماتية أرسلوا الجمعة رسالة عبر تلغرام أنذروا فيها “سايبرسيرف” بهجومهم الوشيك.

غلام رضا جلالي: أعتقد من الناحية التحليلية أن النظام الصهيوني والأميركيين وعملاءهم هم من نفذوه
وكتبوا “لدينا أخبار لكم”. وأضافوا “قد لا تتمكنون من الوصول إلى الكثير من المواقع هذه الليلة على الأرجح، وهذا لأننا استهدفنا شركة سايبرسيرف وعملاءها. وماذا عن البيانات؟ كالعادة، لدينا الكثير منها”.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن خبراء أن “بلاك شادو” هي مجموعة قرصنة مناهضة لإسرائيل تستخدم تقنيات الجرائم الإلكترونية لتحقيق مكاسب مالية وعقائدية.
ويأتي هجوم السبت بعد أيام على تعرض إيران لهجوم إلكتروني غير مسبوق الثلاثاء، منع تشغيل نظام توزيع الوقود في جميع أنحاء البلاد. واتهم غلام رضا جلالي، قائد الدفاع المدني الإيراني، السبت إسرائيل والولايات المتحدة بأنهما قد تكونان وراء الهجوم.
وقال جلالي، قائد الدفاع المدني المسؤول عن الأمن الإلكتروني، للتلفزيون الرسمي في مقابلة “ما زلنا غير قادرين على القول جنائيا، لكنني أعتقد من الناحية التحليلية أن النظام الصهيوني والأميركيين وعملاءهم هم من نفذوه”.
وتكرر إيران في السنوات القليلة الماضية أنها في حالة تأهب قصوى لاحتمال تعرضها لهجمات عبر الإنترنت، والتي تنحو باللوم فيها على خصميها اللدودين الولايات المتحدة وإسرائيل. في الوقت نفسه اتهمت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى إيران بمحاولة تعطيل واقتحام شبكاتها.
وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إن الهجوم الإلكتروني الذي عطل بيع البنزين المدعوم بشدة في البلاد كان يهدف إلى إثارة “فوضى”.
وجاء تعطل خدمات الوقود الثلاثاء قبيل الذكرى الثانية لاحتجاجات دامية في إيران بسبب زيادة كبيرة في أسعار الوقود في نوفمبر عام 2019، تحولت إلى احتجاجات سياسية طالب المتظاهرون فيها بتنحي كبار حكام البلاد.
وتحذر إسرائيل من الخطورة التي تشكلها إيران المسلحة نوويا على استقرار وأمن المنطقة. وجدد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت الأحد أن إسرائيل لن تدخر جهدا لإبطاء التقدم النووي الإيراني، وقال إننا “نخوض حربا باردة” ضدها.
التدريب الإسرائيلي يعكس حجم التصعيد الذي بلغ ذروته بين الطرفين، ولاحظ هؤلاء أن الفضاء السيبراني مساحة المواجهة الجديدة بين تل أبيب وطهران
ونقلت صفحته الرسمية على موقع فيسبوك عنه القول في مقابلة صحافية قبل المغادرة للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي، “ليس خفيا على أحد أن إيران تشهد حاليا أكثر مرحلة تقدما من ناحية قدراتها على تخصيب اليورانيوم”.
واستطرد بالقول “إننا نخوض حربا باردة ضد إيران، إذ تموضعت إيران على مدار آخر 30 عاما حولنا بهدف إلهائنا”. وأوضح أنه من خلال الدمج ما بين القدرات العسكرية الملموسة، والضغط الدبلوماسي والاقتصادي، من قبل إسرائيل والولايات المتحدة وغيرها من الدول العظمى أيضا، “ستبطئ إيران وتيرتها ثم ستتوقف”.
وخلص بالقول “سنقوم بكل ما هو لازم لتحييد هذا التهديد. وسنمارس كامل قوتنا وابتكارنا وتكنولوجيتنا واقتصادنا ضدهم، في سبيل بلوغ موقع يمكّننا من تحقيق التقدم عليهم بعدة خطوات”.