النفط الصخري الأميركي يصحو على تخفيضات الأمر الواقع

شركة كونوكو فيليبس تقلص إنتاجها بنسبة 30 في المئة من أجل التأقلم مع هبوط غير مسبوق في الطلب.
السبت 2020/04/18
التكاليف دون مستوى الأسعار

بدأت تظهر تخفيضات الأمر الواقع في إنتاج النفط الصخري الأميركي، التي فرضتها مستويات الأسعار الحالية وتحديات هيكلية وتمويلية يعاني منها القطاع منذ ما قبل أزمة انتشار فايروس كورونا وانحدار أسعار النفط العالمية.

لندن - لم تعلن الولايات المتحدة عن مساهمة محددة في الاتفاق التاريخي لخفض إنتاج النفط، لأن قوانينها المتعلقة بمكافحة الاحتكار تمنع التنسيق مع أي جهة خارجية للتأثير على الأسعار.

لكنها ألمحت إلى مساهمة غير مباشرة تفرضها حتما مستويات الأسعار الحالية، التي تقل عن تكاليف إنتاج معظم النفط الصخري الأميركي، أي أن إنتاجه يعني تسجيل خسائر بدل الأرباح.

ويمكن لبعض ذلك الإنتاج أن يتواصل بفضل تحوطات تأمين على مستويات معينة من الأسعار، تدفع شركات التأمين بموجبها الفارق في الأسعار.

وبدأت تفاصيل تخفيضات الإنتاج الأميركية تظهر في البيانات وخطط الشركات، التي كانت تعتزم أصلا خفض الإنتاج قبل الأزمة الحالية بسبب ضيق هوامش الأرباح.

وأعلنت شركة كونوكو فيليبس، الخميس، أنها ستقلص الإنفاق وتخفض إنتاجها النفطي المستهدف للعام الحالي في الولايات المتحدة بنحو 30 في المئة، في أكبر خفض حتى الآن من منتج كبير للنفط الصخري من أجل التأقلم مع هبوط غير مسبوق في الطلب.

كما خفض معظم منتجي النفط والغاز الأميركيين نفقاتهم وسرحوا آلاف العاملين وأغلقوا آبارا مع تقلص حركة السفر وأنشطة الشركات جراء الإغلاقات المرتبطة بفايروس كورونا، لتهبط أسعار الخام 60 في المئة هذا العام.

وذكرت كونوكو فيليبس أنها ستقلص الإنتاج المزمع في أميركا الشمالية بواقع 225 ألف برميل يوميا، وهو أكبر خفض في إنتاجها الصخري.

ريستاد إنرجي: خفض الإنتاج الأميركي قد يصل إلى 2.15 مليون برميل يوميا
ريستاد إنرجي: خفض الإنتاج الأميركي قد يصل إلى 2.15 مليون برميل يوميا

وقال الرئيس التنفيذي للشركة رايان لانس “ببساطة، لن نبيع خامنا بمثل هذه الأسعار. أتوقع أن تروا المزيد من التخفيضات”.

وتشير حسابات أجرتها رويترز من واقع التقليصات المعلنة من قبل منتجي النفط الأميركيين إلى أنهم خفضوا أهداف الإنتاج بنحو 729 ألف برميل يوميا حتى الآن.

وقالت ريستاد إنرجي الاستشارية، الأربعاء، إنه بحلول نهاية العام الحالي قد تصل تخفيضات الإنتاج الأميركي إلى 2.15 مليون برميل يوميا مقارنة بأهداف ما قبل فايروس كورونا.

وتتجاوز التخفيضات سريعا حتى أحدث توقعات الحكومة الأميركية، الأمر الذي يتيح للإدارة الأميركية تجاوز التخفيضات التي طلبتها منها دول تحالف أوبك+ خلف الكواليس، والتي لم يعلن عنها.

وكانت إدارة معلومات الطاقة الأميركية قد توقعت، الاثنين الماضي، أن يهبط إنتاج النفط الصخري الأميركي بمقدار 194 ألف برميل يوميا في أبريل إلى حوالي 8.7 مليون برميل يوميا، مع تقليص المنتجين أنشطة الحفر بعد هبوط الأسعار.

وسيكون ذلك أكبر هبوط شهري في إنتاج النفط الصخري الأميركي منذ بدء الاحتفاظ بسجلات.

ويتراجع النفط الصخري منذ بضعة أشهر، لكن الانخفاضات من المتوقع أن تتسارع مع هبوط الطلب بحوالي 30 في المئة حول العالم بسبب جائحة فايروس كورونا.

وأعلن منتجون كثيرون، من بينهم إكسون موبيل وشيفرون، عن خطط لكبح الإنفاق ويتوقعون خفضا في الإنتاج في الأشهر المقبلة.

وقالت إدارة معلومات الطاقة في تقرير شهري إن الانخفاض في أبريل من المتوقع أن يعقبه هبوط قدره 183 ألف برميل يوميا في مايو وسيكون سادس انخفاض شهري على التوالي. وسيصل الإنتاج حينها إلى 8.53 مليون برميل يوميا وهو أدنى مستوى منذ يونيو 2019.

وبحسب أرقام وزارة الطاقة الأميركية، سجل مجمل إنتاج النفط الأميركي مستوى قياسيا مرتفعا عند 12.9 مليون برميل يوميا في نوفمبر الماضي، وبلغ حينها إنتاج النفط الصخري 9.1 مليون برميل يوميا، وهو أيضا مستوى قياسي.

وتؤكد تخفيضات الإنتاج ما ذكرته السعودية عن أن التخفيضات الإجمالية ستصل إلى 19.5 مليون برميل يوميا ولن تقتصر على اتفاق تحالف أوبك+ المعلن بخفض الإنتاج بواقع 9.7 مليون برميل يوميا.

وكان وزير الطاقة السعودي قد ذكر هذا الأسبوع أن التخفيضات الفعلية لإمدادات النفط العالمية ستبلغ نحو 19.5 مليون برميل يوميا مع الأخذ في الاعتبار اتفاق الخفض الذي أبرمته أوبك+، وتعهدات من دول أخرى في مجموعة العشرين ومشتريات النفط المخصصة للاحتياطيات.

وقال إن دول مجموعة العشرين من خارج تحالف أوبك+ تعهدت بخفض إمدادات النفط بنحو 3.7 مليون برميل يوميا، بينما من المتوقع أن تبلغ مشتريات الخام المخصصة للاحتياطيات الاستراتيجية 200 مليون برميل خلال الشهرين المقبلين.

8.5 مليون برميل يوميا إنتاج السعودية من النفط اعتبارا من مطلع مايو بحسب أرامكو

وأعلنت شركة أرامكو النفطية السعودية، الجمعة، أنّها ستضخ 8.5 مليون برميل يوميا لعملائها اعتبارا من الأول من مايو المقبل، تنفيذا لاتفاق خفض الإنتاج بهدف رفع الأسعار.

وجاء في بيان مقتضب على موقع سوق “تداول” المالية السعودية “تعلن شركة أرامكو السعودية أنها ستقوم بتزويد عملائها بـ8.5 مليون برميل يوميا من الزيت الخام اعتبارا من 1 مايو”.

وتشمل هذه الكمية الخام المصدّر إلى الخارج والمستهلك محليا. ولم يحدد البيان الكمية الفعلية التي سيتم تصديرها.

ويهدف اتفاق خفض الإنتاج إلى محاولة رفع أسعار النفط في الأسواق المتخمة بالإمدادات مع تراجع الطلب على خلفية الإجراءات المرتبطة بالحد من انتشار فايروس كورونا المستجد وبينها وقف رحلات طيران وحظر تجول في عدد كبير من دول العالم.

وكانت السعودية رفعت إنتاجها وزادت صادراتها إلى مستويات غير مسبوقة في أبريل الجاري بعد فشل التوصل إلى اتفاق في مارس الماضي، ودخلت في حرب أسعار مع روسيا لحيازة أكبر حصة ممكنة في السوق، إلى أن تم التوصل إلى اتفاق الأحد الماضي بوساطة من الولايات المتحدة.

وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاثنين، أن الدول الرئيسية المصدرة للنفط ستصل في نهاية المطاف إلى خفض في الإنتاج يساوي ضعف ما اتفق عليه تحالف أوبك+، مشيرا إلى أنها تعتزم خفض إنتاجها بمقدار 20 مليون برميل يوميا.

وذكر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، الجمعة، أن الكرملين يعتبر انخفاض أسعار النفط بعد اتفاق خفض الإنتاج مناسبة في الوضع الحالي، معربا عن ثقته في أن تأثير صفقة أوبك+ سيأتي.

وقال “لم يتم تفعيل الصفقة بالكامل بعد، فقد دخلت حيز التنفيذ، وتم الانتهاء منها، ولكن يجب إطلاقها من الناحية التكنولوجية وسيستغرق الأمر المزيد من الأيام، لذلك سيأتي التأثير بالتأكيد”.

وأضاف بيسكوف “تعلمون أن الوضع تتم مراقبته بعناية، ويجري الاتصال، وقد اتصل وزيرنا مؤخرا بنظيره السعودي، لذلك نحن الآن نراقب الوضع… يجب أن ننتظر التأثير المباشر لهذه الصفقة التي تم إبرامها”.

10