النسخة الرابعة من ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي تحتفي برواد الأدب الموريتاني

وسط جمهور من الأدباء والمثقفين بدأت مراسم ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي وهو مناسبة تفتح باب التواصل والتعاون الثقافي بين المبدعين العرب.
الخميس 2021/06/03
تكريم للأدب الموريتاني

نواكشوط- استضافت العاصمة الموريتانية نواكشوط النسخة الرابعة من ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي الذي كرم أربع قامات ثقافية كبيرة من جيل المؤسسين للأدب الموريتاني المعاصر شعرا وسردا، هم الشاعر أحمد ولد عبدالقادر والشاعر الخليل النحوي والشاعر ناجي محمد الإمام والروائي موسى ولد أبنو.

وسط جمهور من الأدباء والمثقفين بدأت مراسم الملتقى -الذي أقيم في قصر المؤتمرات- بلقاء مختار ولد داهي وزير الثقافة والشباب والرياضة في موريتانيا وفدَ دائرة الثقافة في الشارقة برئاسة عبدالله بن محمد العويس، رئيس الدائرة، ومحمد إبراهيم القصير، مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، حيث أعرب عن شكره وتقديره لمبادرات الشارقة الثقافية المتتالية التي من شأنها دعم الثقافة العربية على جميع المستويات، مؤكدا استعداد الوزارة للتعاون من أجل المزيد من الأنشطة الثقافية المشتركة.

عبدالله العويس: للمثقف والأديب الموريتاني دور هام في الساحة الثقافية العربية

من جهتها نوهت فاطمة بنت عبدالمالك رئيسة جهة نواكشوط خلال حضورها الملتقى بمبادرة الشارقة لتكريم المثقفين والعناية التي تمنحها إمارة الشارقة للمبدعين الموريتانيين.

من ناحيته قال عبدالله العويس في كلمته خلال الحفل “إنها مناسبة جديدة سعيدة تجمع الأشقاء من المحيط إلى الخليج، فها هي موريتانيا تستقبلنا -كما عودتنا- بكل حفاوة وترحيب لنتشارك جميعا فرحة اللقاء والتواصل العربي استمرارا لسنوات من التعاون الثقافي البناء تجلت فيها أواصر الأخوة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وموريتانيا، حيث شهد العقد المنصرم العديد من الأنشطة الثقافية المشتركة كانت فيها بلاد شنقيط أرضا خصبة للتفعيل الثقافي ازدهت فيها منابر الأدب وخشبات المسرح”.

وأضاف العويس “ها نحن اليوم نشهد انطلاق ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي في موريتانيا وهي المبادرة التي انطلقت منذ فترة قصيرة وحرصت على أن تكون موريتانيا محطة للاحتفاء بأدبائها ومثقفيها”، مبرزا أن للمثقف والأديب الموريتاني دورا هاما في الساحة الثقافية العربية، وهو الأمر الذي يستدعي أن يتم تكريم أهل الثقافة والأدب فيها، لافتا إلى أنه سيتبع هذا الملتقى بملتقيات تكريمية قادمة.

من جانبه أشاد محمد ولد عبدالله السالم الأمين العام لوزارة الثقافة والشباب والرياضة في موريتانيا بالملتقى التكريمي الثقافي. وقال “يمثل المكرمون رموزا من خيرة كتاب الحداثة الأدبية والثقافية في هذا البلد، وأشكر دولة الإمارات العربية المتحدة عموما و إمارة الشارقة خصوصا على استحداث ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي أولا وعلى اختيارهم هؤلاء المبدعين
ثانيا”، وهنأ المكرمين متمنيا لهم المزيد من التألق ولإبداعاتهم المزيد من الانتشار.

بدورهم قام المكرمون بإهداء الشارقة “لوح شنقيطي” الذي تسلمه عبدالله بن محمد العويس، وهو عبارة عن لوح أصيل يحتوي على أبيات شعرية كتبها مكرمو الملتقى.

وأشاد المكرمون بهذا التقدير الذي يؤكد حرص الشارقة واهتمامها بالمثقف المبدع العربي كونه الداعم الأول للثقافة من خلال مبادرات تدعم المثقفين العرب في بلدانهم، مؤكدين أن الملتقى مبادرة تشكل حافزا ودافعا إيجابيا لمواصلة العطاء.

والأدب الموريتاني ليس طارئا على الساحة الثقافية العربية، لكنه ربما غائب عن الأنظار التي بدأت مؤخرا تتجه إليه من خلال عدة فعاليات، مثل “أمير الشعراء” الذي قدم للجمهور العربي الكثير من الشعراء الموريتانيين الذين تميزوا في كل دورات البرنامج بنيلهم مراتب متقدمة، وقد نال سابقا لقب أمير الشعراء الموريتاني سيد ولد بمبا وهو ما ساهم في الإضاءة على آداب هذه البلاد التي ظلت قليلة الحضور إعلاميا في الثقافة العربية.

المبادرة التكريمية التي انطلقت منذ فترة قصيرة حرصت على أن تكون موريتانيا محطة للاحتفاء بأدبائها ومثقفيها
المبادرة التكريمية التي انطلقت منذ فترة قصيرة حرصت على أن تكون موريتانيا محطة للاحتفاء بأدبائها ومثقفيها

والأدب الموريتاني ليس وليد اليوم فقد شهدت البلاد في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر عصرا زاهرا بلغت فيه أقصى التقدم الفكري والنضج الثقافي، حيث كانت تغص بالمدارس العليا والنوادي الأدبية التي تخرج منها أدباء وشعراء يفوقون جل معاصريهم في العالم العربي، وكان لهؤلاء الأدباء طابعهم الخاص، وهو الطابع العربي الفطري البعيد عن المعاني المستعارة من الخارج والألفاظ الدخيلة، ولهم الأسلوب السهل الممتنع، إلى جانب الأسلوب ذي التعبير القوي، مما يجعل أدبهم يشبه إلى حد بعيد أدب العصر الجاهلي، وذلك لكون موريتانيا قد أسهم موقعها الجغرافي النائي في تأخر التأثر بالأدب الغربي.

لكن هذا المعطى بات يحسب اليوم على الأدباء الموريتانيين الذين ينقسمون اليوم بين دعاة الانفتاح والتجديد ودعاة الحفاظ على التراث والخصوصية؛ حيث تعيش الساحة الأدبية والشعرية بموريتانيا منذ فترة حالة انقسام واضحة في صفوف الشعراء والأدباء، بسبب تباين مواقف النقاد الموريتانيين بهذا الخصوص، وذلك بعد أن وجهت تهم لبعض الأدباء الموريتانيين بالدفع بالشعر والأدب الموريتانييْن نحو متاهة الغموض والحداثة، فيما يرى آخرون ضرورة الخروج من العباءة التقليدية، وهو سجال ستكون نتائجه إيجابية على الأدب في بلد المليون شاعر كما يلقب.

14