الميليشيات ترفع منسوب التوتر لإرباك حوار الكاظمي مع واشنطن

استعراض الميليشيات يهدف إلى الضغط على رئيس الحكومة العراقية وإجباره على مراجعة مواقفه بخصوص العلاقة مع واشنطن.
الخميس 2021/04/01
"ربع الله" واجهة إيرانية

بغداد - تعمل الميليشيات الموالية لإيران من خلال تحركاتها الميدانية الهادفة إلى رفع منسوب التوتر لإظهار رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في موقف الضعيف وتقويض مصداقيته قبل أيام من لقائه بالأميركيين المؤمل انعقاده في السابع من أبريل عبر دائرة فيديو مغلقة.

وتجمّع ملثمون ومسلّحون بأسلحة رشاشة وقذائف صاروخية، منذ أسبوع، وسط بغداد للتنديد بالوجود الأميركي في العراق والتهديد بقطع أذن رئيس الوزراء، في خطوة قال مراقبون عراقيون إن الهدف منها إرباك تقارب الكاظمي مع واشنطن ومع محيطه العربي في وقت يؤدي فيه رئيس الوزراء العراقي زيارة إلى السعودية في خطوة تعتبر مستفزة لإيران والميليشيات الحليفة لها في العراق.

وتعمل الميليشيات التابعة لإيران من خلال استعراضات القوة التي تقوم بها بين الحين والآخر في اتجاهين، الأول ضمن وسائل الضغط التي تمارسها إيران من أجل تحسين موقفها التفاوضي مع الولايات المتحدة في ملفات مختلفة بينها الموضوع النووي.

فاروق يوسف: العراق سيبقى تحت الهيمنة الإيرانية وهو ورقة الضغط الأكثر تأثيرا في الميزان
فاروق يوسف: العراق سيبقى تحت الهيمنة الإيرانية وهو ورقة الضغط الأكثر تأثيرا في الميزان

ويتجه الثاني مباشرة إلى الكاظمي وحكومته من جهة كونهما واقعين في النطاق الذي يمكن للميليشيات أن تتحرك فيه بيسر ومن غير أن يطالها أي قانون، خاصة أن الدولة لا تزال تحت السيطرة وعلى الكاظمي أن يفهم أن عليه ألاّ يتخطى الحدود المسموح بها.

وتعارض الميليشيات الموالية لإيران أيّ شكل من أشكال العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة من خلال زيادة الهجمات على القواعد والقوافل الأميركية.

وقال المعلق السياسي العراقي فاروق يوسف “ينبغي أن يكون الأميركيون على دراية بأن العراق لا يزال وسيبقى تحت الهيمنة الإيرانية وهو ورقة الضغط الأكثر تأثيرا في الميزان”.

وعبّر عن اعتقاده أن النتيجة ستكون واحدة وهي إخضاع الكاظمي للشروط الإيرانية التي يجب أن تكون حاضرة في حواره الاستراتيجي مع الولايات المتحدة”. وأضاف يوسف في تصريح لـ”العرب” “قد يكون من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان الأميركان جادين في النظر إلى خطورة ما تمثله الميليشيات أم أنهم يعتبرونها أحد الملاحق الهامشية للمسألة الإيرانية”.

وعزا صمت الكاظمي عمّا تقوم به الميليشيات إلى موقف صلب يسعى من خلاله إلى تمرير قراراته على شكل شحنات صغيرة وبالتدريج من غير أن يتم ذلك دون رعاية أميركية.

ومن المنتظر أن تُعقد جولة رابعة من الحوار الاستراتيجي العراقي – الأميركي الأسبوع المقبل بعد أن طلبت الحكومة العراقية ذلك. ويرجع ذلك جزئيا إلى ضغوط الميليشيات الموالية لإيران التي تدفع القوات الأميركية لمغادرة العراق.

وستكون المحادثات، التي بدأت في يونيو في ظل إدارة دونالد ترامب، الأولى في عهد الرئيس جو بايدن. ووُزّعت مجموعة من القضايا على جدول الأعمال، بما في ذلك وجود القوات الأميركية في البلاد وقضية الميليشيات التي تعمل خارج سلطة الدولة.

وقال مسؤولون أميركيون إن واشنطن ستستغل الاجتماعات كي توضّح أن القوات الأميركية ستبقى في العراق لغرض وحيد يكمن في ضمان منع تنظيم داعش من “إعادة تشكيل نفسه”.

Thumbnail

وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي قالت في بيان الأسبوع الماضي “إن الحوار بين البلدين يشمل وضع خطة لتدريب القوات العراقية وتقديم النصائح لها حتى لا يعيد تنظيم داعش تجميع صفوفه”.

وأضافت أن “هذه فرصة مهمة لمناقشة مصالحنا المشتركة عبر مجموعة من المجالات تشمل الأمن والثقافة والتجارة والمناخ”.

وقال مراقبون عراقيون إن التجمع الاستعراضي للميليشيات هدفه الضغط على الكاظمي وإجباره على مراجعة مواقفه بخصوص تمتين العلاقة مع واشنطن، وخاصة تلويحه بإخضاع الجماعات المسلحة لسيطرة الدولة.

ويعتبر المحلل السياسي إحسان الشمري أن العرض كان يهدف إلى إبلاغ رسالة إلى واشنطن مفادها أنها هي صانعة القرار وليس حكومة الكاظمي.

إحسان الشمري: رسالة من الميليشيات إلى واشنطن تفيد بأنها هي صانعة القرار
إحسان الشمري: رسالة من الميليشيات إلى واشنطن تفيد بأنها هي صانعة القرار

ويرى المحلل ثامر بدوي أن الميليشيات الشيعية تهدف إلى إرسال رسالة مزدوجة إلى إدارة الكاظمي تحذّر من أيّ محاولة لكبح نفوذ الميليشيات تحت راية محاربة الفساد وتضغط على الحكومة لدفع الولايات المتحدة لتقليص عدد قوات التحالف في العراق.

وكان معظم رجال الميليشيات في العرض من مجموعة شيعية تُعرف باسم “ربع الله” وهي واحدة من نحو عشر مجموعات ظهرت بعد الضربة الجوية التي وجهتها واشنطن والتي قتلت الجنرال الإيراني قاسم سليماني مع نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس في بغداد في يناير 2020.

ومنذ ذلك الحين أصبحت الميليشيات توجه التصعيد في اتجاهات مختلفة لإظهار أنها الماسكة بالوضع الميداني، وأن أي تسويات مع بغداد لن تتم إذا لم تأخذ في اعتبارها مصالحها ومصالح إيران التي تتحكم فيها من وراء الستار.

ويُعتقد أن “ربع الله” واجهة لواحدة من أقوى الفصائل المدعومة من إيران، والتي اتهمتها واشنطن بهجمات صاروخية استهدفت سفارة الولايات المتحدة في بغداد والقواعد العسكرية التي تستقبل القوات الأميركية.

وفي أكتوبر الماضي هاجمت الجماعة مكاتب حزبية في المنطقة الكردية وأشعلت فيها النار. كما اتُهمت بالاعتداء على متاجر الخمور ومركز استجمام آسيوي في العاصمة العراقية.

وذهبت جماعة “ربع الله” إلى حد محاولة إملاء سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار وطالبت بالموافقة على الميزانية ونددت بما وصفته “الاحتلال” الأميركي للعراق. ونشرت ملصقات للكاظمي مع حذاء مطبوع على جبهته ومقص إلى جانب وجهه مع جملة “حان وقت قطع أذنه”.

ويعتقد مراقبون في واشنطن وبغداد بأن الميليشيات انقسمت إلى مجموعات جديدة لم تكن معروفة من قبل، مما سمح لها بادعاء الهجمات تحت أسماء مختلفة لإخفاء مدى تورطها.

وقال الشمري “إنها أدوات تستخدم لأغراض التفاوض والضغط على واشنطن عندما يتعلق الأمر بالملف النووي الإيراني”، في إشارة إلى جهود بايدن لإحياء الاتفاق النووي بين طهران والقوى العالمية.

1