المنصف المرزوقي يزيد من عزلته السياسية

يواصل الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي القيام بسلوكيات تثير الجدل في الأوساط التونسية. ويؤكد مراقبون أن انتقادات المرزوقي لحلفاء الماضي تزيد من تفاقم عزلته السياسية.
الثلاثاء 2017/09/12
تحالف تجاوزه الزمن بعد تبدل المواقف

تونس- شغلت تصرفات أتاها الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي وتم وصفها بـ”غير المسؤولة” خلال مؤتمر حزب التكتل من أجل العمل والحريات، السبت، الأوساط السياسية والإعلامية في تونس. ورفض المرزوقي الإدلاء بتصريحات صحافية، كما “تجاهل” رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بحسب ما نقلته وسائل إعلام.

وطالبت النقابة العامة للإعلام التونسية، الاثنين في بيان نشرته على فيسبوك، المرزوقي “بالاعتذار عن تصرفاته غير المسؤولة” تجاه الإعلاميين الذين لا يتحملون “مسؤولية فشله السياسي وانحدار حزبه”.

ودعت النقابة وسائل الإعلام التونسية إلى مقاطعة أنشطة المرزوقي وحزبه. وذهبت إلى حدّ اعتبار “موقفه من رفض تقديم تصريح صحافي معاداة حقيقية للإعلام التونسي”. ورفض المرزوقي الإدلاء بتصريحات عندما طلب منه صحافيون وإعلاميون تونسيون ذلك، مبررا موقفه بتنظيمه ندوة صحافية الخميس.

ولم تكن حادثة المرزوقي مع وسائل الإعلام الخبر الوحيد الذي تداوله تونسيون معبّرين عن استيائهم، إذ يضاف إليه سلوك آخر أتاه المرزوقي وأثار جدلا كبيرا في تونس.

ونقلت تقارير إعلامية أن المرزوقي تجاهل رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، خلال حضورهما افتتاح أشغال المؤتمر الثالث لحزب التكتل. ولم يصافح المرزوقي الغنوشي ولم يوجه له التحية، كما أنه جلس بعيدا عنه.

وتحالف حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وهو حزب المرزوقي قبل أن يغيّر اسمه بعد انتخابات 2014 ليصبح حزب حراك تونس الإرادة، مع حركة النهضة الإسلامية وحزب التكتل من أجل العمل والحريات إبان انتخابات المجلس التأسيسي خلال العام 2011 ليشكلوا بذلك ائتلاف “الترويكا” الذي حكم تونس إلى غاية العام 2014.

خالد عبيد: الخاسر الأكبر من انهيار التحالف هو المرزوقي لأنه مدين للنهضة

وعادت أخبار التوتر والخلافات بين المرزوقي والغنوشي لتطفو على السطح وتزدحم بها وسائل الإعلام بمختلف أنواعها. وأكدت تقارير إعلامية أن الحاضرين في المؤتمر الثالث لحزب التكتل لاحظوا “تجنب الطرفين لبعضهما البعض”.

وقال خالد عبيد المؤرخ والمحلل السياسي التونسي، في تصريحات لـ”العرب”، إن تصرّف المرزوقي “مؤشر على أن التوتر بين الطرفين والذي بدا خفيا ثم محتشما ازدادت وتيرته مع تحالف النداء والنهضة ووصل الآن إلى مرحلة القطيعة بين الطرفين”.

وأدلى المرزوقي بتصريحات لاذعة بخصوص حمادي الجبالي الذي ترأس أول حكومة في عهد الترويكا، وأحد أبرز قياديي حركة النهضة قبل تقديم استقالته منها في العام 2014. وقال، خلال حوار بثته قناة الجزيرة في يونيو الماضي، إن “حمادي الجبالي أسوأ رئيس حكومة عمل في فترة الترويكا”.

وأفاد المرزوقي بأن “العلاقة التي كانت تربطه بحمادي الجبالي كانت سيئة للغاية”، مؤكدا أن الجبالي لم يكن يعتبره شريكا في الحكم “بل منافسا على الصلاحيات”. ووصفه بأنه “رجل لا يفهم شيئا في السياسة”.

ورد الجبالي على تصريحات المرزوقي بتدوينة نشرها على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، قال فيها “كنت أنتظر منك الرفعة إلى موقع وأمانة رجل الدولة”.

وتحالفت حركة النهضة، بعد الانتخابات التشريعية 2014، مع حركة نداء تونس باعتبارهما صاحبي الأغلبية البرلمانية. وأثار هذا التحالف استياء المرزوقي الذي غير اسم حزبه المؤتمر إلى حزب حراك تونس الإرادة بعد استقطابه لمنتسبين سابقين لحركة النهضة ساندوه في الانتخابات الرئاسية 2014 في مواجهة قائد السبسي.

ويعتقد عبيد أن الخاسر الأكبر من انهيار التحالف السابق بين الطرفين هو المرزوقي، باعتبار أنه مدين لوجوده في الحكم سابقا وحصول حزبه على المرتبة الثالثة في المجلس التأسيسي وفي وقوفه ندّا أمام الباجي قائد السبسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2014 لأصوات ناخبي النهضة.

وقال المرزوقي إن النهضة تحالفت مع “النظام القديم” في إشارة إلى نداء تونس. واستنتج عبيد أن المرزوقي “بمثل سلوكه الأخير بدأ في عزل نفسه بنفسه خاصة مع الانقسامات التي باتت علنية داخل حزبه”، وأضاف “هذا من شأنه أن يكون له تداعيات سلبية عليه وعلى من بقي في حزبه”.

ويعيش حراك تونس الإرادة نزيف استقالات متواصل. وأعلن، في أغسطس الماضي، 12 عضوا من الهيئة السياسية للحزب استقالتهم. ويعود السبب بحسب الأعضاء المستقيلين إلى “تجاهل التحوّلات التي شهدها الحزب بعد سنة من تأسيسه وعدم التزام المحيط التقليدي المؤسس للحزب بمخرجات المؤتمر وبالمطلوب من الشفافية والسلوك الديمقراطي”.

وقال القيادي في الحزب عماد الدايمي إن الحزب “يمرّ بفترة تقلبات” إلى جانب وجود “اختلافات في تقدير المواقف وإشكال تنظيمي يعمل الحزب على تطويقه”.

4