المنصات الاجتماعية تزيح الستار عن مواهب زمن كورونا

فتحت مواقع التواصل الاجتماعي أبواب الشهرة على مصراعيها لموهوبين، من مختلف بلدان العالم، لم يلقوا حظهم سابقا ليكونوا مشاهير في زمن فايروس كورونا.
لندن - تحول بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي “العاديين” إلى مشاهير في وقت وجيز بسبب مقاطع الفيديو التي ينشرونها وتلقى مشاهدات قياسية في زمن فايروس كورونا.
وأجبر الفايروس مليار شخص حول العالم على البقاء في منازلهم. وكنتيجة لذلك زاد الوقت الذي يقضيه الناس على الإنترنت سواء لأغراض العمل أو الترفيه.
وبفضل التطورات التكنولوجية، باتت إجراءات العزل، أمرا سهلا ومريحا مع إمكانية العمل من المنزل والحصول على التشخيص الطبي عن بعد وممارسة الرياضة وتعلم الرقص وحتى الطبخ والمحافظة على اللياقة البدينة عبر التطبيقات أو الأجهزة الموصولة ووسائل الترفيه بالبث التدفقي.
ويبدو أن هناك مواهب كبيرة بالفعل استطاعت تحقيق شهرة كبيرة.
وحصدت مجموعة النشطاء الذين ينشرون صورا توثق بريق بيوتهم بعد “حمّام” نظافة شامل على موقع أنستغرام الشهرة. أطلق عليهم تسمية “المنظفون المؤثرون”.
الفايروس أجبر مليار شخص حول العالم على البقاء في منازلهم، وكنتيجة لذلك زاد الوقت الذي يقضيه الناس على الإنترنت
يذكر أن المؤثرين ظهروا بعد تحوّل مستهلكي جيل الألفية و”جيل زي” (مواليد ما بعد جيل الألفية) بعيدا عن الإعلام التقليدي والاتجاه نحو المنصات الاجتماعية.
وأصبح التنظيف طابعا ثقافيا في المجتمعات الافتراضية، خصوصا على أنستغرام.
واشتهرت شخصيات على أنستغرام على غرار صوفي هينشلايف (28 سنة) المعروفة باسم “السيدة هينش” والتي تحصي أكثر من مليون وسبعمئة ألف متابع. وهذه الشخصيات التي يلتف حولها المعجبون بسبب ما تروج له من صور ومقاطع فيديو تتعلق بالنظافة المنزلية “بدأت تزيح مؤثرين بأجسام مفتولة” كانوا إلى زمن قريب من أكثر الشخصيات التي تحظى بالمتابعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
السيدة “هينش” مثلا أصبحت من أكثر المؤثرين على إنستغرام، إذ أضحت المفردات، التي تستخدمها في مقاطع الفيديو التي تنشرها، مسميات لحركية التنظيف وما يرافقها من شراء المقتنيات ومواد التنظيف إلى عملية التنظيف نفسها، أما المتابعون لها فأضحوا يسمون أنفسهم بجيش هينش”HinchArmy”.
ليندسي الملقبة بـ”ملكة التنظيف” مؤثرة أخرى تحصي 104 آلاف متابع، إلى جانب “جيما براي” أو “الأم المرتبة” التي تحصي 135 ألف متابع و”ميليسا ماكر” التي تحصي أكثر من مليون معجب.
أسماء أخرى تحظى بمتابعة حثيثة على إنستغرام ويوتيوب، وهي شخصيات بدأت تصنع مجدا افتراضيا بسبب أساليب التنظيف التي تسوق لها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبينما تغلق الصالات الرياضية في جميع أنحاء العالم، لجأ مدربو لياقة بدنية مغمورون إلى الإنترنت لمساعدة الناس على الحفاظ على لياقتهم وباتوا مشاهير بسبب مقاطع الفيديو التي يبثونها.
وكمثال على ذلك، شرعت مدربة اللياقة البدنية الفلسطينية، شادن أسعد، في تقديم دروسها على الإنترنت، لمساعدة النساء في الضفة الغربية على الاحتفاظ بنشاطهن، بعد أن فرضت السلطة الفلسطينية حظر تجول للحدّ من انتشار فايروس كورونا.
وباستخدام كاميرا مثبتة على جهاز الكمبيوتر الخاص بها، تقدم شادن دروسها في جلسات تتراوح مدتها ما بين 40 و60 دقيقة، تتنقل خلالها بين أشكال متعددة من التدريبات الرياضية كانت تقدمها عادة من أستوديو في رام الله.
عالميا، حصد جو ويلك هو مدرب لياقة بريطاني شهرة واسعة في بريطانيا وخارجها بعد أن استغل فترة الحجر المنزلي الاختياري وقام بتنظيم دروس لياقة بدنية في المنزل عن طريق البث المباشر عبر الإنترنت وخصصها للأطفال ليشغلهم ويُريح أُمهاتهم. وحضر حصصه، الأسبوع الماضي، أكثر من مليون طفل حول العالم.
ولا يذهب الملايين من الأطفال في جميع أنحاء العالم إلى المدرسة، بسبب فايروس كورونا، على مدار الأسبوعين الماضيين.
وتقول لورين راين المحللة لدى “مينتل”، “حصص الرياضة المباشرة من خلال الشاشة قد تصبح شعبية جدا. وقد تلجأ النوادي إلى بث حصصها”.
من جانب آخر، صور المئات من الأشخاص العاجزين عن الخروج من منازلهم أنفسهم بشكل متزامن للمشاركة في سهرات أو في حصص رقص افتراضية.
وتقول مدرسة رقص عزلت نفسها في منزلها في سان فرانسيسكو “كنت سعيدة أكثر من أي وقت مضى بوجود خيارات الواقع المعزز على هاتفي. وخاصية القصص عبر إنستغرام كانت ممتازة.. لقد حصدت الشهرة”.
كان مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم، عرض طرقا حديثة لمواجهة فايروس كورونا أبرزها الرقص.
وفي تونس يجتمع الآلاف كل ليلة في حساب راقص تونسي يدعى رشدي بلقاسمي يقدم دروسا في الرقص الشعبي التونسي.
كما كشفت الأزمة موسيقيين موهوبين ينظمون حفلات لايف يتابعها مئات الآلاف.
وظهر في مجتمع الموضة مشاهير جدد أيضا. وتعلم الكثيرون مهارات جديدة في فن الماكياج والتصميم من خلال أشخاص لم يكونوا معروفين أبدا.
وشارك الكثيرون مقاطع فيديو وهم يعدون الطعام، وحرص البعض على توضيح فوائد كل نوع من الخضروات لزيادة المناعة، التي تساعد على مواجهة فايروس كورونا. وأظهرت بعض مقاطع الفيديو طريقة تحضير حلقات البصل المقلية لتقوية مناعة الجسم”.
كما لاقت أيديولوجية “لوو” LOWE التي تم إطلاقها في شهر مارس الجاري وهي تجربة معاصرة لتقديم الطعام من خلال المنتجات الموسمية المطبوخة بشكل طبيعي شهرة واسعة. وتبارى مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي لتقديم أفضل الأطباق.
من جانبهم، حصد مختصون في الصحة النفسية شهرة واسعة. ويحاولون من خلال صفحاتهم الاجتماعية إقناع متابعيهم بعد الشعور بالقلق.
والخبر السيء وفقا لما وضحته المعالجة النفسية نانسي سوكارنو “كلما زاد الضغط علينا، ترتفع مستويات الكورتيزول وتضعف مناعتنا.
يذكر أن منصات البث التدفقي عبر الإنترنت في العالم شهدت زيادة بنسبة 20 بالمئة خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي.
وأمام وفرة الطلب هذه، عمدت شركات عديدة للتلفزيون والفيديو عبر الإنترنت إلى خفض جودة البث للحدّ من استخدام الشبكة بهدف تخفيف الضغط على الإنترنت في أوروبا.
وقالت أستاذة السلوك التنظيمي في كلية سعيد لإدارة الأعمال بجامعة “أوكسفورد” سالي مايتليس “أعتقد أن بعض أوجه العمل والتنظيم ستتبدل نهائيا عند الخروج من الوضع الحالي. الناس سيكتشفون أن بإمكانهم العمل والتواصل بطريقة لم تخطر لهم حتى الآن، وهذا سيرغمهم على التأقلم أكثر مع التكنولوجيا”.
ويرى ديفيد بشيري مدير شركة استشارات أميركية أن التكنولوجيات التي تسمح بمواصلة الروابط الاجتماعية ستخرج معززة من هذه الأزمة “لأن الإنسان يبقى كائنا اجتماعيا بامتياز وغير مستعد للعيش منقطعا عن الآخرين”.