المنتخب المغربي والأشرار!

لا يمكن فصل حدث استهداف منظومة كرة القدم المغربية منذ صعود نجمها في السنوات الأخيرة عن باقي حملات الاستهداف المستدامة للمملكة المغربية وإنجازاتها في كل المجالات منذ عقود، ولم لا منذ عصور؟ المملكة المغربية كدولة – أمة بتاريخ إمبراطوري عريق هي مستهدفة بشكل دائم من طرف قوى مختلفة تعمل ليل نهار على تقزيم طموحاتها، وتعطيل ميكانيزمات نجاح مشاريعها، وإجهاض مخططاتها وأحلامها المشروعة، كما أن الدولة المغربية من خلال مؤسساتها الإستراتيجية التي ظلت عصية على الاختراق من طرف العملاء والجواسيس ظلت على عهدها الدائم والتزامها المبدئي اللامشروط في الحماية الاستباقية للأمن القومي للوطن، وإجهاض كل المخططات الخبيثة للإضرار بمصالحه العليا.
مناسبة هذا الحديث هي الحملة التي يقودها أعداء المغرب بترويج المغالطات والحقائق الكاذبة والتضليل واختلاق الأخبار الزائفة والدسائس في حق “منتخب الساجدين”، قبل وبعد الأحداث المؤسفة التي عرفتها مباراة أسود الأطلس ضد منتخب الكونغو الديمقراطية.
المنتخب المغربي اليوم يخوض منافسات كأس الكان 2024 باعتبار المغرب هو القوة الكروية الأولى قاريا، وباعتباره أنموذجا لنجاح المؤسسات الوطنية في تأسيس منظومة كروية متماسكة، وبناء جدار كروي قادر على منافسة الكبار وإزاحتهم عن أماكنهم المريحة، وهنا لا بد من التذكير بأن منتخبات أفريقية كنيجيريا والكاميرون والسنغال سارت على خطى المغرب بعد التأهل التاريخي للدور الثاني في مونديال مكسيكو 1986 كأول منتخب عربي وأفريقي يحقق هذا الإنجاز، لكن في مونديال قطر 2022 القصة أخذت منحى آخر، والمراقب لأداء المنتخب المغربي أدرك أنه أمام مشروع رياضي متكامل وضعه مهندس يدرك جيدا ما يجب اتخاذه من إجراءات وفق توجيهات ملكية واضحة المعالم، بهدف تحقيق الريادة الكروية وحجز مكان مستدام في المقاعد الأمامية لكبار كرة القدم في العالم.
◙ العودة بالكأس الأفريقية ستفتح آفاقا جديدة أمام الحلم المغربي، والظفر بكأس العالم 2026 سيكون أحد الأهداف المسطرة فوق طاولة فوزي لقجع في مستقبل الأيام
اليوم مشاركة المنتخب المغربي في بطولة الأمم الأفريقية هي أحد أهم الأحداث المؤثثة لهذه البطولة، وأحد أهم العوامل المساعدة على نجاحها، فمشاركة منتخب عالمي بحجم المنتخب المغربي أكيد سيكون لها أثر كبير على تسويق هذه البطولة إشهاريا أو على مستوى التغطية الإعلامية، وبالتالي فالمستهدف الأول في هذه البطولة هو المنتخب المغربي بنجومه وإنجازاته.
ولكي نكون منصفين فالشكل الذي ظهر به المنتخب المغربي في مباراة الكونغو الديمقراطية لا يتناسب والموقف العالمي للكرة المغربية ولا التحديات الكبرى التي أمام الأمة المغربية مستقبلا في احتضان كأس أفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، ولم لا كأس العالم للأندية 2033؟ خرجات اللاعب أوناحي غير المنضبطة على الإنستغرام، وردة فعل النصيري غير المفهومة وانحدار المدرب العالمي الركراكي لمشادة غبية مع اللاعب الكونغولي ساكا مبيما الباحث عن نجومية زائفة، وسلوك بعض لاعبي المنتخب على المستطيل الأخضر أثناء المباراة أو بعدها، لا يعني إلا شيئا واحدا هو إصابة جماعية بأعراض “شبه تضخم مرضي للأنا” أصاب بعض اللاعبين، الأكيد أن التعادل بطعم الهزيمة (مغربيا) وبطعم الانتصار (كونغوليا) له تفسيرات ذهنية ونفسية متعددة لا علاقة لها بالأداء التقني أو البدني وأسلوب اللعب في 90 دقيقة.
وهنا تظل مساءلة المشرف على الإعداد الذهني للمنتخب المغربي من طرف الفاعل المؤسساتي في الجامعة الملكية لكرة القدم ضرورة مستعجلة لترتيب المسؤوليات، واتخاذ القرارات المناسبة، فالمعروف أن غياب الإعداد الذهني للاعب قد يكون له دور كبير في الهزيمة، العنصران النفسي والذهني للاعب يلعبان دورا حاسما في أدائه وقدرته على التعامل مع الضغوط والتحديات التي يواجهها في الملعب.
الأكيد أنه عندما يفتقد اللاعب لإعداد ذهني جيد، فإنه يمكن أن يصاب بالتوتر والقلق الزائد، مما سيؤثر سلبا على تركيزه وقدرته على اتخاذ القرارات الصائبة وردود الأفعال في الوقت المناسب، وهو ما انعكس أثناء المباراة في أداء ضعيف لبعض اللاعبين أو أخطاء غير معتادة، لذا فمنتخب الساجدين والوليدات المرضيين والنية الذي حظي باستقبال ملكي واحتضان جماهيري لا علاقة له “ذهنيا” بالمنتخب المغربي الذي واجه الكونغو قبل أيام.
◙ المنتخب المغربي اليوم يخوض منافسات كأس الكان 2024 باعتبار المغرب هو القوة الكروية الأولى قاريا، وباعتباره أنموذجا لنجاح المؤسسات الوطنية في تأسيس منظومة كروية متماسكة
الملحمة التي سطرها “ولاد البلاد” في مونديال قطر 2022 كانت تحت مجهر المراقبة من طرف المنتخبات الأفريقية، وما يجب إدراكه أن مطلب “هزيمة المغرب” أو “حشره في الزاوية” هو إنجاز يسعى إليه كل لاعب أو مدرب أفريقي لنيله ولو على حساب مشادات غير أخلاقية أو فذلكات بذيئة فوق المستطيل الأخضر، من ناحية أخرى نحن مع أسود الأطلس في رحلتهم الأفريقية ومتأكدون أن الكأس مغربية، ومتأكدون أكثر أن الطريق نحو الكأس ستكون بها الكثير من المطبات والإشكالات التي من الواجب معالجتها قبل فوات الأوان، في نفس السياق فالطريق إلى تنظيم مونديال 2030 لن يكون مفروشا بالورود كما يظن بعض المتفائلين جدا، التاريخ علمنا أن هذا الوطن منذ آلاف السنين مستهدف من طرف المتآمرين وتجار الأزمات ومروجي الفكر العدمي وخطاب التيئيس.
كما أن التاريخ علمنا أن الشعب المغربي هو المنتصر دائما وأبدا وراء قيادته التاريخية المتمثلة في العرش العلوي والدولة المغربية بمؤسساتها، وثقتنا لا متناهية في أن الجدار المغربي ورجاله الوطنيين الصادقين قادرون على صد الدسائس وردع التهديدات والدفاع عن المقدسات، المؤامرة ستعود في السنوات السبع المقبلة عبر أشكال متعددة وبطرق مختلفة وبميكانيزمات غير مسبوقة، أدوات الشر قد تتربص بهذا الوطن وباستقراره في كل مرة تتاح لها الفرصة المناسبة باستخدام الطابور الخامس متكئين على دعم الجوار الإقليمي الملغوم.
المنتخب المغربي اليوم أمامه مهمة وطنية نتائجها ستكون لها انعكاسات كبرى على الكرة المغربية ومدى تطورها في السنوات المقبلة، والعودة بالكأس الأفريقية ستفتح آفاقا جديدة أمام الحلم المغربي، والظفر بكأس العالم 2026 سيكون أحد الأهداف المسطرة فوق طاولة فوزي لقجع في مستقبل الأيام.
تجربة قطر 2022 لم تكن فلتة تاريخية أو طفرة زمنية زائلة للكرة المغربية بل هي نتيجة عمل دؤوب ومجهودات جبارة يقوم بها الرجل والفريق العامل إلى جانبه في الجامعة الملكية لكرة القدم، لذا فوتيرة الهجوم عليه إعلاميا من طرف جهات إعلامية معروفة سترتفع في الأيام المقبلة مع كل انتصار يحققه الأسود في هذه الكأس، لأن المعادلة سهلة في هذا الإطار، فكل انتصار للأسود هو انحسار للمخططات والدسائس التي تحاك ضد الكرة المغربية.